العربية في يومها العالمي: واقع مؤسف ومخاطر جسيمة
في اليوم العالمي للغة العربية الذي صادف أمس (الثلاثاء)، يبدو أن حال اللغة العربية ليس على ما يرام، سواء من حيث انتشارها أو تأثيرها أو حتى الاهتمام بها داخل المؤسسات التعليمية. إذ يمكن للمرء أن يلاحظ بسهولة أن اللغات الأجنبية، خصوصاً الإنجليزية، أصبحت هي السائدة في الشوارع والأسواق. ويشتد الأمر سوءًا عندما تفضل العائلات تعليم أبنائها اللغات الأجنبية، مما يساهم في تراجع اللغة العربية في وسائل الإعلام ووسائط الطباعة والتعبير.
يتناول هذا التحقيق آراء أكاديميين ونقاد أدبيين حول واقع اللغة العربية، لتشخيص الأزمة والسعي لوضع خطة لإعادة إحيائها وسط المخاطر التي تواجهها.
عاميات مائعة
يبدأ الحديث الناقد والأكاديمي البحريني، د. حسن مدن، بالإشادة باللغة العربية ويصفها بلغة عظيمة تميزت بثرائها ومرونتها. ومع ذلك، يشير إلى أن اليوم العالمي للغة العربية يجب أن يكون أيضاً تنبيهاً للمخاطر التي تهددها، مشيراً إلى أن القنوات التلفزيونية الناطقة بالعربية لم تعد تحافظ على قواعد اللغة السليمة، بل حلت محلها عاميات مبتذلة.
ويعتبر د. مدن أنه ليس من الضروري تحول الجميع إلى علماء لغويين، إلا أنه من الضروري الالتزام بأساسيات اللغة. ويعبر عن أسفه لأن معيار تفوق الطلاب بات يركز على إجادتهم للغة الإنجليزية بدلاً من العربية، محذرًا من خطر يهدد وجود اللغة العربية في ظل العولمة الثقافية.
حلول عملية
القاص المصري سمير الفيل يقترح عدة حلول لمواجهة الأزمة التي تعاني منها اللغة العربية. ومن ضمن هذه الحلول، تحسين أوضاع معلمي اللغة ورفع مستوى التدريب، إضافة إلى ضرورة جعل اللغة العربية مادة أساسية في جميع المؤسسات التعليمية. ويشدد على أهمية تقديم حوافز للطلاب المتفوقين في أقسام اللغة العربية.
كما يقترح الفيل تنظيم مسابقات للأبحاث حول الأدب العربي، وفرض قيود على استخدام اللغات الأجنبية في اللافتات العامة. ويطالب بتطوير المناهج الدراسية لتضمين أعمال كبار الكتاب والشعراء بما يواكب العصر.
تدخل رسمي
في الوقت نفسه، يشدد د. عايدي علي جمعة، أستاذ الأدب والنقد، على الحاجة إلى تدخل الحكومات والمؤسسات الرسمية لوضع قوانين تحمي اللغة العربية. ويعتبر أن التعليم المبكر في “الكتاتيب” قد يكون طريقة فعالة لتعليم الأطفال مبادئ لغتهم بطريقة جذابة.
ويؤكد أن اللغة العربية تعد واحدة من أقدم اللغات الحية، ومهمتها أكبر في ظل عدد المتحدثين بها، ولكن من المؤسف أن الكثيرين يتجاهلونها ويقبلون على تعلم لغات أخرى، معتقدين أن ذلك سيضمن لأبنائهم تحقيق النجاح في العصر الحديث.
رأي كاتب سوري
الأديب السوري هوشنك أوسي، المقيم في بلجيكا، يؤكد أن النقاش حول تدهور اللغة العربية مبالغ فيه. ويدعو إلى إدراك أن البلدان العربية تعاني من مشكلات اقتصادية وصناعية تجعلها أقل قدرة على الترويج للغة. ومع ذلك، يشير إلى أن اللغة العربية قد تطورت لتواكب التطورات العصريّة، ويعتقد أن هناك اهتمامًا متزايدًا من الأجانب لتعلمها.