العلموطن: الخضوع بين الفكرة والمحايدية (5) النسوان: نموذج تنفيذي
-
أحمد محمد الدغشي
<
div class=”آر.نص-نص-محتوى النص-عارض أر.نص-نص–للمدونات عرض-على الأعمى” aria-live=”مهذب” aria-atomic=”صحيح”>أدعو أن ما نزرعه – في السابق- من دلائل لمفكرين كبار من الغرب والشرق؛ يحمل من البراهين ما يجعل من مواطن ” المحايدة” هذه لدى بعض العلموطنين، أو المتأثرين بقول الخضوع فيها؛ فرضية أثبتت الدلائل السابقة أنها فرضية ” غير محايدة”، وبحاجة أيضاً إلى إعادة النظر في ذلك.
ومع كل ما سبق فإن بعض الناس سيعيدنا إلى البداية، وهي الإصرار على أن العلموطنية ليست عقيدة وإنما أداة إدارية فنية فاتحة، وكأنه شطب على كل ما قدم بواسطة قلم، ويُرد على كل ذلك ببرودة تامة قائلا: “أنا لست مهتم”، العلموطنية مجرد أداة إدارية محايدة، وهي محايدة، ليست عقيدة فيها.
العلموطنية مجرد أداة إداريةفي هذا السياق الفني، لمن يستند إلى هذه الرفضة أو الاحتياط بشأن هذا المبدأ، فقد أجاب نفسه بأنه خارج نطاق الدراسة
وإذا كان ذلك واضحًا – على الرغم من الثورة السطحية- للأشخاص الذين لا يهتمون بالدين ومعتقداته وتشريعاته وتنظيماته؛ فإن التحدي الأكبر يكمن في حق من يزعم أن العلمنة هي آلية إجرائية فنية إدارية فقط، بينما يؤكد على إيمانه بالإسلام كنظام متكامل من العقائد والشرائع للحياة، في جوانبها المختلفة. أناشدك – أيها القارئ العزيز- بناءً على ما سبق؛ لأبرز هذه المسألة بنموذج تطبيقي من واقعنا الحديث، موجهة خصيصًا إلى من يصرون على ترديد مفهوم العلمانية الحيادية، مع ادعائهم الالتزام بالإسلام كعقيدة وشريعة.
يرى أن العلمنة هي فقط أداة تنظيمية فنية في هذا السياق، لمن كان لديه هذا الموقف المرفوض، أو المحتفظ بهذا المبدأ، فقد أجاب نفسه بانه مخارج بشكل جذري للبحث، إذ يتماشى مع العلمنة التي تستبعد الجانب الديني التشريعي السياسي والتربوي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وبالتالي، من غير صحة بعد ذلك أن يتابع البحث والمناقشة، نظرًا لانتمائه الفعلي إلى العلمنة الإيديولوجية “عمليًا”، هل فهم ذلك أم جهله، أم تجاهله، أم نكره، أم تجبره!
وفي هذا السياق، قد يكون نموذج الموقف من الجدل حول بعض جوانب النموذج “النسوي” هو الأكثر ملائمة، إذ يثير هذا المجال الجدل بشكل كبير في مجتمعاتنا، حتى تصل إلى حدود الضجيج، وتحديد المواقف العامة من قِبل كل طرف.
تدور أسئلة رئيسية في هذا المجال مثل: ما الرؤية نحو المرأة من حيث مفهوم نمط علاقتها وحقوقها المتنوعة؟ وأين تقف دعاة العلمنة “الحيادية” هؤلاء، في السياق المذكور، من منطلق النوع (Gender) أو ما يطلق عليهم بالنوع الاجتماعي (Social Type)، والفلسفة النسوية (Feminism).
أي من الذين يعتقدون بتوحيد الأدوار والمهام بين الرجل والمرأة، دون أدنى اختلاف، إذ لا يغادر الموضوع إطار التنشئة الاجتماعية، بحيث يمكن أن تُربى المرأة على تحمل كافة التبعات التقليدية للرجل، ويمكن للرجل أن يتربى على تحمل جميع التبعات التقليدية للمرأة، فتصبح المرأة رجلاً، والرجل امرأة، دون أي اختلاف، فيما يتعلق بالمهام والأدوار!
بعد استيعابنا لنمط النموذج العلماني في التفكير؛ أشعر بأن بعض العلمنة، أو ضحايا هذا النموذج من سكان المجتمع الإسلامي؛ قد يُوجَّهون اتهامات مباشرة – كما هو الحال دائمًا مع العلمنة، بطريقة غير مباشرة- إلى مؤلف هذه السطور في هذا السياق بشكل خاص
وبشكل أكثر مباشر وإيجازًا وتوجيهًا إلى جميع المستويات، والخروج من أي نقاشات قد لا يدركها الجميع بينهم من يروج لخيار العلمنة، بحسن نية ونية صافية -: دعونا نضع الأسئلة التالية:
بدءًا من طبيعة الموقف من المرأة، من حيث حقوقها وواجباتها وأدوارها في الحياة، بما في ذلك جدل العمل وصفه؟ وهل هناك اعتبار لتوجيهات القرآن والسنة النبوية الصحيحة في هذا الشأن؟ أم أنه خارج نطاق الدراسة بشكل جذري، إذ يفتح المجال للمساواة التامة مع الرجال، بلا أي تفاوت؟!
هذا بالإضافة إلى اعتبار طبيعة الجسم النسائي من الناحية البدنية والنفسية والهرمونية والعصبية في هذا السياق؟ وإذا كان هناك فرق، فإنها تتعلق بالجوانب العضوية والبيولوجية؟ وما هي المعايير المرجعية في هذا الشأن؟ واختتامًا، كيفية تعامل المرأة نفسها مع جسدها ولباسها، خصوصًا “الحجاب” الذي يُعتبره البعض مسألة شخصية، ومجرد عادة اجتماعية، كليًا أو جزئيًا، بحيث تختار ما تريد ارتداؤه، بعيدًا عن أي قيود شرعية (دينية)، فيصبح لها الحق في تحديد مظهرها، وبشكل خاص (الحجاب) – على سبيل المثال – مسألة شخصية، ومجرد عادة من العادات الاجتماعية، دون تقييد وتحديد، وربما ذهب البعض من دعاة العلمنة إلى عدم الاهتمام بذلك، حيث لا علاقة للدين بتلك الجوانب، وأن الأهم هو أن تراعي المرأة الذوق الاجتماعي فقط!
إجابة هذه التساؤلات بشكل شامل ستوضح ما إذا كانت العلمنة التي يعلن عنها البعض مجرد اسلوب إداري وتنظيمي وتقني فعليًا، أو أنها أيديولوجية ورؤية تعتمد على نظرية معرفية أخرى، بشكل مباشر أو غير مباشر، تسقط فيها، حتى من يعتقد أنه لازال ملتزمًا بالدين!في مطلع هذه المقالة، يتهم كاتبها في هذا الشأن بالسطحية والتقليدية وضيق الأفق، والتدخل في قضايا قليلة وخاصة.
نشير هنا إلى بعض النماذج العلمانية البارزة حول العالم؛ حيث ربطت بعض قضايا المرأة وعلى وجه الخصوص “حجابها” بقرارات هامة وحاسمة في حياة الفتاة في عصرنا الحالي، مثل السماح لها بالالتحاق بالتعليم الجامعي أو منعها من ذلك، وفي بعض المجتمعات الإسلامية مثل تركيا – قبل حزب العدالة والتنمية- أصدر العلمانيون هناك قرارا من المحكمة الدستورية التركية في عام 1997م، تضمن طرد النساء المحجبات من الجامعات، حتى لو بقي لديهن ساعات قليلة لاستكمال تعليمهن.
ومن ثم جاءت أزمة السماح لنائبة البرلمان الفائزة من حزب الفضيلة- في ذلك الوقت- مروة قاوقجي، في عام 1999م، بالانضمام إلى البرلمان، وبعد مساومتها على خلع حجابها من أجل أن تصبح نائبة، ورفضها ذلك، لم يرووا العلمانيون أن هذه قضايا شخصية صغيرة، بل رأوا فيها انتهاكًا لحرية امرأة تمثل شعبها، ونجحت في الفوز بالمنصب البرلماني بتأييد كبير.
من المؤسف –وفقًا للدكتور المسيري- أنه “منذ بداية النهضة في تاريخ الفكر الغربي، واغلب تعريفاتنا للظواهر الإنسانية تعتمد على تعريف الغرب وتجاربه.
بالنسبة لمسألة حجاب المرأة، تعمل العلمانيون على إسقاط حكومات، أو الانقلاب عليها، وإصدار قرارات قضائية عسكرية عاجلة، تحت سيطرتهم الكاملة على السلطة، مُبررين ذلك بوجودها، واتهم من يدافع عن حقوق المرأة في ارتداء ما تختاره من ملابس بأنه مناهض لمبادئ الدولة العلمانية وخائن يستحق الإهانة.