<
div aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>يعبر مصطلح “العملة الأجنبية” عن استعمال العملة الخارجية بدلاً من العملة المحلية في دولة ما، أو استخدامها جنباً إلى جنب مع النقود المحلية. يحدث هذا عادة عندما تفقد عملة البلد قيمتها كوسيلة للتبادل، نتيجة للتضخم المفرط أو عدم الاستقرار.
تاريخ العملة الأجنبية
على اثر اندلاع الحرب العالمية الأولى، اتخذت العديد من الدول قرار التخلي عن معيار الذهب لتتمكن من طباعة العملة لتمويل مشاركتها العسكرية في الحرب.
وبعد الحرب العالمية الثانية، عُقد مؤتمر “بريتون وودز”، بمشاركة ممثلين عن 44 دولة، حددوا استراتيجيات لتعزيز الاستقرار المالي العالمي، حيث وافقت الدول المشاركة على الإبقاء على قيمة عملتها مُرتبطة بالدولار وسعر ثابت من الذهب حسب الضرورة.
ونتيجة لذلك، بدأت عدة دول بربط عملتها بعملة قابلة للتحويل أو التخلي نهائياً عن النقود المحلية لصالح استخدام الدولار الأمريكي حصراً، مما أدى إلى ظاهرة تُعرف بـ”العملة الأجنبية”.
ومنذ ذلك الحين، بدأت الدول ذات الاقتصادات الناشئة، أو التي تعاني من أزمات اقتصادية، في اللجوء إلى العملة الأجنبية من أجل الحفاظ على عملة مستقرة أو تقليل المخاطر الاقتصادية التي تواجهها البلاد. فالعملة الأجنبية يمكن أن تُسهم في خلق بيئة اقتصادية واستثمارية أكثر استقراراً وأماناً.
أماكن حدوث العملة الأجنبية
تحدث العملة الأجنبية غالباً في البلدان الناشئة التي تعاني من ضعف في السلطة النقدية المركزية أو عدم استقرار اقتصادي. ويمكن أن تكون هذه الظاهرة ناتجة عن سياسة نقدية رسمية (من خلال قرارات حكومية) أو تحدث بشكل طبيعي في السوق، حيث يعتمد أصحاب رؤوس المال عليها دون وجود تدخل حكومي.
أنواع العملة الأجنبية
في بعض الحالات، يتم استخدام الدولار في معظم العمليات الخاصة والعامة والتعاقدات والحسابات البنكية، ومع ذلك، تظل العملة الوطنية هي العملة القانونية الرسمية في البلاد، وهذا ما يُسمى بـ”العملة الأجنبية الجزئية”. وفي بعض الأحيان، قد تصدر قرارات بتبني الدولار كعملة قانونية بديلة للنقود المحلية، وهذا ما يُسمى بـ”العملة الأجنبية الكاملة”.
أسباب التوجه نحو العملة الأجنبية
المبرر الرئيسي وراء العملة الأجنبية هو السعي للحصول على الاستقرار المالي الذي لا توفره العملة المحلية، بسبب تقلبات قيمتها.
على سبيل المثال، يلجأ الأفراد إلى العملة الأجنبية عندما ينتشر التضخم في البلاد، حيث يستخدمون الدولار للمعاملات اليومية نظراً لتدهور قيمة النقود المحلية بسبب التضخم.
ومن ناحية أخرى، تفقد الحكومة بعض قدرتها على التحكم في اقتصادها من خلال السياسة النقدية بواسطة زيادة المعروض النقدي. وتتجه الحكومة التي تعتمد العملة الأجنبية إلى مصادر خارجية لسياستها النقدية من خلال بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي. وقد يكون هذا ذا تأثير سلبي، إذ تتم توجيه السياسة النقدية لصالح الاقتصاد الأمريكي، عوضاً عن الدول التي تستند إلى الدولار.
فوائد الدولرة
قد تتواجد العديد من الفوائد للاعتماد على الدولرة، ومنها:
- حماية الأفراد والمؤسسات من مخاطر تراجع قيمة العملة المحلية.
- المحافظة على استقرار الأسعار.
- الحد من هجمات المضاربة على العملة المحلية وسعر الصرف.
- تعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في البلاد، خاصة بعد تحقيق الدولرة تخفيضًا في أسعار الفائدة نظرًا لأن فروق سعر الصرف لم تعد تش constituer Un problème.
هناك أيضًا تحسين محتمل للاقتصاد العالمي من خلال تيسير دمج الاقتصاديات في السوق العالمية. ونتيجة لذلك ستكون هناك سوق رأسمالية مستقرة أكثر، مع تقليل حدوث تدفقات رأس المال المفاجئة إلى الخارج.
عيوب الدولرة
إذا تخلت دولة عن امكانية طباعة أموالها الخاصة، فإنها تُفقد تأثيرها المباشر على اقتصادها، بما في ذلك سيطرتها على السياسات النقدية ونظام صرف العملة المحلية.
ويفقد البنك المركزي للدولة قدرته على جني “أرباح صناعة العملة”، أي العائد الناتج من إصدار العملات. وبدلاً من ذلك، يجني الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأرباح من صناعة العملة، مما يمكن أن يسبب خسائر كبيرة للحكومة المحلية والناتج المحلي الإجمالي.
في اقتصاد معتمد تمامًا على الدولار، يفقد البنك المركزي للدولة دوره كـ “مقرض” في النظام المصرفي. ورغم إمكانية توفير الأموال العاجلة من احتياطياته، فإنه قد لا يكون قادرًا على تلبية حاجة سحب الودائع إذا قرر الأفراد سحب أموالهم نتيجة لفقدان الثقة في البنك المركزي.
هناك أيضا خسارة أخرى قد تتكبدها الدولة المعتمدة على الدولار، وهي أن عائدها المالي يجب شراؤه مرة أخرى بالدولار الأميركي. وبدون احتياطيات كافية، سيضطر المركزي إما للاقتراض من خلال إنشاء عجز في الميزانية أو البحث عن طريقة لتجميع فائض في الحساب الجاري.
ما لو تخلت الدول عن استعمال الدولار؟
تعتمد الولايات المتحدة على الدور الذي يلعبه الدولار كعملة احتياطية لدعم العجز الهائل في الإنفاق الحكومي والتجارة الدولية. وإذا توقفت البنوك المركزية في العالم عن الاحتفاظ بالعملة الأميركية، فمن المحتمل أن تفقد الولايات المتحدة هذا الدعم.
نموذج للدولرة
خضعت زيمبابوي لاختبار الدولرة للكشف عما إذا كان اللجوء إلى العملة الأجنبية يمكنه من عدم ظهور نسب التضخم المفرط وتحقيق الاستقرار في اقتصادها، بعد أن بلغ معدل التضخم بالدولار الزيمبابوي حوالي 2.2 مليون في يوليو/تموز 2008. في ذلك الوقت، أعلن وزير المالية أنه سيتم قبول الدولار الأميركي كنقد قانوني لبعض تجار التجزئة.
وبعد التجربة، أعلن وزير المالية نية البلاد اعتماد الدولار الأميركي عبر تنظيم استخدام العملة المحلية في عام 2009، وقد تم تعليق استخدام الدولار الزيمبابوي في وقت لاحق عام 2015.
أثرت الدولرة في زيمبابوي على الفور في تخفيض نسب التضخم، مما ساعد على تحسين استقرار الاقتصاد العام للبلاد، وهو ما سمح بزيادة القوة الشرائية للمواطنين وتحقيق نمو اقتصادي، بالإضافة إلى تسهيل التخطيط الاقتصادي على المدى الطويل. وجذب الدولار المستقر بعض الاستثمارات الأجنبية.
ومع ذلك، لم تكن عملية التحول إلى الدولرة بدون عقبات لزيمبابوي، حيث ترافقت مع العديد من السلبيات، ومن أبرزها أن جميع السياسات
لم يكن الأمر يقتصر على عدم قدرة زيمبابوي على خفض قيمة عملتها لجعل سلعها وخدماتها أكثر تنافسية في الأسواق العالمية فحسب، بل زاد تأثير الدولرة على الأنظمة المصرفية منعزل الاستثمارات الأجنبية من البلدان الأخرى.
هذه التحديات دفعت زيمبابوي لتغيير مسارها في 2019، حيث تم إصدار عملة زيمبابوي الجديدة وحظر استعمال الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى. ويُعرف هذا الإجراء بإلغاء الدولرة الذي يحدث عندما تخفض الدول اعتمادها على الدولار الأمريكي.
وقد شهد الدولار الزيمبابوي الجديد تضخمًا حادًا، ولازال الدولار الأمريكي يحتفظ بقوته كعملة مستخدمة بشكل كبير في السوق السوداء. على الرغم من هذه التحديات، أعلنت زيمبابوي في عام 2022 عزمها على عدم العودة إلى الدولرة مُطلقًا.