الفيلم الفلسطيني ‘خطوات’: تأثير الفن على الشفاء النفسي لضحايا الحروب

Photo of author

By العربية الآن


الفيلم الفلسطيني "خطوات"

الفن كوسيلة للشفاء النفسي

مع تزايد الأزمات حول العالم، تزداد حاجة الشعوب إلى الفن. يساهم الفن في توثيق قصص الناس وتقديمها بشكل إبداعي يمس العقل والوجدان، وخاصة في أوقات الأزمات حيث يلعب دورًا مهمًا في العلاج النفسي.

في ظل استمرار حرب الإبادة على غزة، يواصل الفنانون الفلسطينيون تحدي الظروف الصعبة، مقدمين أعمالًا فنية تعكس معاناة الشعب الفلسطيني.

فيلم “خطوات” للمخرج سعود مهنا

من الأعمال المتميزة في غزة هو الفيلم الوثائقي والدرامي “خطوات”، الذي أخرجه المخرج الفلسطيني سعود مهنا. يتناول الفيلم قصة واقعية، تمتزج فيها الخيالات مع تجارب طفلة فلسطينية عانت من ويلات الحرب، ليعكس معاناة كل طفل فلسطيني عايش الحرب.

اختار مهنا بحر غزة كموقع تصوير، حيث يمثل البحر رمزًا للحرية ومأوى Nالنازحين الفارين من الاحتلال، ويعكس في الوقت ذاته حياتهم وذكرياتهم منذ الطفولة.

قصة الطفلة لانا

تدور أحداث الفيلم حول الطفلة لانا، التي واجهت فقدان منزلها ووالده ووالدتها نتيجة الظروف القاسية. يظهر الفيلم معاناتها، ويبرز مشاعرها أثناء هجرتها من شمال القطاع إلى وسطه، حيث تعيش تجارب صعبة.

تتجلى معاناة لانا، البالغة من العمر 10 سنوات، في شعورها بالوحدة مع إخوتها الثلاثة في خيمة بعد فقدان والديها. هذه المعاناة تعكس تأثير الأزمات المتتالية عليها، ما يؤدي إلى تدهور حالتها النفسية.

العلاج من خلال الفن

يلعب الفيلم دورًا في التأكيد على أهمية الفن والأنشطة المجتمعية في دعم الطفلة نفسياً. بفضل الرعاية من الأخصائيات الاجتماعيات، ومشاركتها في الأنشطة الفنية، تمكنت لانا من تجاوز معاناتها النفسية واستعادة قوتها في الحياة.

يسترجع الفيلم ذكريات الطفلة عن والدتها الشهيدة، حيث تأخذ لانا البحر كمتنفس لتبث إليه آلامها وحنينها من خلال رسالة كتبتها وضعتها في قنينة.

رموز الفيلم وعمق المعاني

استخدم مهنا رموزًا كلاسيكية تعزز من جمال الفيلم وتأثيره، مثل أدوات الطهي البدائية التي تشير إلى تراجع حياة الفلسطينيين إلى خمسينيات القرن الماضي. كما أن رسالة القنينة تمثل التواصل بين البشر على مدى المسافات.

تجسد الرموز المتنوعة الهوية الفلسطينية، حيث يمثل البحر رمزًا للحرية والأمل.

الفيلم الفلسطيني "خطوات"
المخرج الفلسطيني “سعود مهنا” في فيلمه الوثائقي والدرامي “خطوات” جعل بحر غزة مكانا للتصوير، بما يقدمه كصورة شاسعة للحرية، وحضن وملجأ لنازحي قطاع غزة (لقطة من الفيلم)
الفيلم الفلسطيني "خطوات"
على درب أمها، أعطت الطفلة المجروحة للبحر سرها، وألمها، وحنينها لأمها من خلال رسالة مكتوبة وضعتها في قنينة.

## البحر: رمز الأمل والمعاناة

في لحظة مؤثرة من الفيلم، يتحول البحر إلى بطل حقيقي، حيث تخلق المخرجة لحظات سينمائية تعبر عن ألم الطفلة وشوقها لأمها. ويقول المخرج سعود مهنا في تصريح للجزيرة نت إن البحر يحمل دلالات كبيرة في الوعي الجمعي الفلسطيني، حيث يمثل رئة غزة وصلة بين المدينة ومدن الداخل المحتل كحيفا ويافا وعكا. ويقول مهنا إن الطفلة تحاكي البحر وكأنه وطن يحتضن أمها وأحلامها.

القوى الشفائية للفن

يوضح مهنا أن العلاقة بين الإنسان والبحر تمثل قوة استعادة الأمل والتشافي، حيث أن الحوار العاطفي بين الطفلة والبحر يجسد حلم العودة، كما أن الأطفال دوما ضحية الحروب، مشيراً إلى معاناتهم في غزة نتيجة الأفعال الإسرائيلية التي لا تحترم القوانين الدولية.

الأمل رغم الصعوبات

تشير الظروف في غزة إلى توقف التعليم للعام الثاني، وهذا بسبب الحرب المستمرة. وبدلاً من ذلك، ظهرت مبادرات من المتطوعين لدعم الأطفال وإعادة إحياء تجربة التعليم السابقة. وتعمل المبادرات الفنية والثقافية مثل المسرح والسينما كمتنفس للأطفال.

يؤكد مهنا أن الأنشطة الفنية تعد جزءاً من عملية التعافي للأطفال، حيث تساعدهم على التغلب على الصدمات النفسية والاندماج في المجتمع.

تحديات العمل الفني تحت القصف

يشير مهنا إلى أن الفنانين الفلسطينيين يعملون في ظروف استثنائية، حيث يواجهون مخاطر مستمرة أثناء التصوير وقلة مصادر الطاقة بسبب انقطاع الكهرباء. ويتحدث عن مخاوفهم من تعرضهم للقصف أثناء العمل، مشيرًا إلى التحديات الناتجة عن فراغ بطاريات الكاميرات ونقص الكهرباء.

الرسالة: نقل القصص الحقيقية

تسطّر السينما الفلسطينية معاناة الشعب الفلسطيني وتقدمها للعالم، حيث يسعى الفنانون لجعل قصص النازحين حقيقية ومؤثرة من خلال الأعمال السينمائية، رغم التحديات التي يواجهونها. ويقول مهنا: “لا حصر للقصص اليومية التي تعكس الألم الكبير”.

يؤكد مهنا أهمية السينما الفلسطينية كصوت مقاومة، تسلط الضوء على الأحداث المتضاربة وتوثق الواقع الفلسطيني، مما يتطلب استمرار هذا الجهد الفني لإبراز الرواية الفلسطينية في المحافل الدولية.

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.