القلق يتزايد في مالي مع تولي العسكر قيادة الحكومة
25/11/2024
–
|
آخر تحديث: 25/11/202404:39 م (بتوقيت مكة المكرمة)
تواجه مالي أزمة أمنية واقتصادية خانقة، حيث يحتاج أكثر من 7 ملايين شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة. ويعاني أكثر من 161 ألف طفل من سوء التغذية والمجاعة.
في تلك الأجواء المتوترة، أقال الجنرال آسيمي غويتا، القائد العسكري، رئيس الوزراء المدني شوغيل كوكالا مايغا، وعين مكانه اللواء عبد الله مايغا في 21 نوفمبر 2024.
لم يكن لهذا التغيير الوزاري طابع الاعتيادية، بل يحمل دلالات عديدة. وقد جاء في سياق تشكيل حكومة منفى محايدة، بينما تتزايد المطالب الداخلية بضرورة تحديد فترة زمنية للانتقال إلى الديمقراطية.
كان المجلس العسكري، الذي استولى على السلطة بشكل رسمي في باماكو عام 2021، قد قرر سابقاً إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في مارس 2024، ولكنه تراجع عن هذا القرار دون استشارة الأطراف المدنية، مما أثار استياء رئيس الوزراء المقال الذي اعتبر أن استمرار الحكم العسكري قد يدفع البلاد إلى أزمات أكبر.
مسألة الاستقرار الأمني
منذ استيلاء الجيش على السلطة عام 2021، بدت قادة المجلس العسكري غير مهتمين بمسألة الخروج من الحكم، مما دفع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” إلى فرض قيود صارمة على التجارة مع البلاد.
رداً على ذلك، قررت القيادة العسكرية العودة إلى الحياة الدستورية وإجراء انتخابات في 2024، ولكن التوترات الناتجة عن الانقلابات في دول الجوار، وتأثير تشكيل “تحالف دول الساحل” أمدت العسكريين بأسباب جديدة لتأجيل الانتخابات.
وبينما كان يستعد الأحزاب السياسية للنزول إلى الساحة، قام رئيس المرحلة الانتقالية بإصدار مرسوم بتجميد أنشطة عدد من الأحزاب والجمعيات، محذراً من أنهم يشكلون تهديداً للأمن. وعبر شوغيل مايغا عن أن عودة الانتخابات مرتبطة بالاستقرار الأمني واستعادة السيادة الوطنية.
بحسب تصريحات رئيس الوزراء، فإن المطالب بإجراء الانتخابات في ظل الأجواء الأمنية المتوترة هي مطالب من جهة تخدم مصالحها الشخصية، مما يعكس نظرة العسكريين بان لا قيمة للديمقراطية في ظل غياب الاستقرار، والتركيز بدلاً من ذلك على تعزيز السيادة في منطقة ليبتاكو غورما.
مدير إذاعة الصحراء، محمد ولد سيد أحمد، أكد أن الجيش المالي يركز على ضمان الأمن قبل النظر في إعادة السلطة للمدنيين أو تنظيم انتخابات ديمقراطية.
إبعاد المدنيين
الوضع السياسي في مالي
عند توليهم السلطة، أظهر أعضاء المجلس العسكري تجاهلاً واضحاً للتكتلات والقوى السياسية، بما في ذلك الأحزاب والتيارات والجمعيات. وفي أعقاب الانقلاب الذي أطاح بإبراهيم بوبكر كيتا في عام 2020، قام الجيش بتسليم الحكم للمدنيين حيث تم تنصيب باه نداو رئيساً للدولة ومختار وان رئيساً للوزراء. لكن في مايو 2021، غير العسكريون استراتيجيتهم وأطاحوا بالحكومة المدنية، ليستلم الجنرال آسيمي غويتا الحكم ويعين شوغيل مايغا رئيساً للوزراء. بعد ثلاث سنوات من حكمه، تحدث مايغا عن الانتخابات والعودة للمسار الديمقراطي، مما أدى إلى إبعاده عن موقع قيادة الحكومة.
تحليل سياسي
المحلل السياسي الحسين ولد حمود اعتبر أن تصريحات رئيس الوزراء المقال تعكس شعوره بالإقصاء كطرف مدني في تشكيل مستقبل مالي. وأشار إلى أنه لم يكن يعلم بقرار تمديد الفترة الانتقالية حتى سمع به عبر وسائل الإعلام مثل الجميع. وأوضح ولد حمود أن إبعاد المدنيين من الحكم يعكس تطوراً طبيعياً للأحداث خلال فترة العسكريين، حيث تم استغلال السياسيين لشرعنة الانقلاب. كما أن الاختلاف في الرؤى بشأن “الحرب على الإرهاب” بين مايغا والقيادات العسكرية كان سبباً رئيسياً للانفصال بين السياسيين والعسكريين.
الاحتجاجات ومخاطر الفوضى
في وقت مبكر من الانقلاب، حذر الإمام محمد ديكو من أن العسكريين يسعون إلى التفرد بالسلطة، داعياً إياهم للتخلي عن السياسة. ومع تعليق عمل الأحزاب، خرجت شخصيات دينية وسياسية لتدعو إلى العصيان المدني، معتبرةً أن الحكومة الانتقالية بعد 26 مارس 2024 لم تعد تمثل إرادة الشعب. بدوره، وصف ولد حمود خروج شوغيل مايغا كأنه “قفز من السفينة قبل غرقها”، حيث كان مايغا مدافعاً عن قادة المجلس العسكري ولكنه أدرك التحديات المقبلة. وقد اختار البقاء في المشهد السياسي من خلال معارضة العسكريين.
الأزمات الإنسانية
في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، أصبح الماء والكهرباء والغلاء من المشاكل اليومية التي يعاني منها سكان العاصمة باماكو والمدن الكبرى. وأشار رئيس الوزراء المقال أن استمرار الحكم العسكري قد يؤدي إلى فوضى قد تكون لها عواقب وخيمة. ووفقاً للأمم المتحدة، فإنه يوجد أكثر من 9 ملايين شخص يحتاجون للمساعدة الإنسانية في مالي، في حين وصلت المساعدات إلى 1.2 مليون فقط. كما أفادت اليونيسيف بأن أكثر من نصف مليون طفل تأثروا بالأوضاع الراهنة وتم تعطيل 1500 مدرسة.
المواجهة السياسية
في مواجهة الأوضاع المعيشية المتدهورة وضغوط الأحزاب السياسية، فقد المجلس العسكري هوامش دعمه من “ائتلاف 5 يونيو-تجمع القوى الديمقراطية” بقيادة مايغا، الذي كان يعتمد عليه سابقاً للتسويق الداخلي. وبعد سنوات من الشراكة في حكومة العسكريين، ظهر التوتر فيما بين الأطراف حيث اعتبر الجناح المدني أن العسكريين لم يفوا بالتزاماتهم بشأن تسليم السلطة للمدنيين.
### إعلان حكومة مؤقتة في جنيف
في إطار المطالبات بعودة العسكريين إلى الثكنات، أعلنت المعارضة في الخارج عن تشكيل حكومة مدنية مؤقتة في جنيف، برئاسة محمد شريف كوني. تأتي هذه الخطوة ضمن السياق الشامل الذي يشهده “ائتلاف 5 يونيو – تجمع القوى الديمقراطية”، الذي يتبنى شعار رفض تمديد الفترة الانتقالية واستمرار الجيش في إدارة الأمور السياسية.
### عدم التوقيع على نتائج الحوار الوطني
على الرغم من أن الحوار الوطني الذي عُقد في مايو/أيار الماضي أوصى بتمديد الفترة الانتقالية حتى عام 2027 وترشيح غويتا رئيساً للبلاد، إلا أن العسكريين لم يوقعوا على نتائج هذا الحوار، ولم يدلوا بأي تصريحات حول العودة إلى المسار الديمقراطي.
![الأسرة الدولية سارعت إلى التنديد بالانقلاب العسكري (الأناضول)](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2024/11/القلق-يتزايد-في-مالي-مع-استيلاء-العسكر-على-حكم-البلاد.webp.jpeg)
### توقعات بمواجهات قادمة
يرى المحلل السياسي الحسين ولد حمود أن الفترة المقبلة قد تشهد تصاعداً في التوتر بين القوى السياسية والمجلس العسكري، وأكد على توقعاته بخروج مظاهرات حاشدة ضد العسكريين، حيث عاد شوغيل مايغا وأنصاره إلى الساحة السياسية مرة أخرى.
### تجربة حراك 5 يونيو في الاحتجاجات
يمتلك حراك 5 يونيو تجربة راسخة في تنظيم الاحتجاجات، وسبق له أن قاد اعتصامات ومظاهرات ضد الرئيس السابق إبراهيم كيتا، ما أدى إلى الإطاحة به عبر انقلاب عسكري في عام 2020.
### دعوات لمظاهرات في باماكو
وفي حديثه مع الجزيرة نت، أشار المحلل السياسي سلطان البان إلى أنه في حال عدم حدوث أي انفراج في الموقف السياسي، فإن الأحزاب والمنظمات في باماكو مرشحة للخروج بمظاهرات تطالب بسقوط حكومة العسكريين. ولا يستبعد البان أن تفتح المواجهة المحتملة بين المدنيين والعسكريين المجال أمام بعض الضباط الراغبين في الاستيلاء على السلطة للعودة إلى الانقلابات مرة أخرى.
المصدر: الجزيرة