الكرة الأرضية وسيولة القواعد.. وضرورتها للقيم الدائمة
في هذه السيولة العظمى، يواجه العالم تدفقًا معاكسًا يتحدى الإيمان والعقيدة السميمة التي تربط الإنسان بالله تعالى، حيث ينشر الإلحاد بكل الوسائل المتاحة. كما تم التحريض على تدمير منظومة القيم الأخلاقية التي تضبط تصرفات الإنسان، حتى وصلت الأمور إلى قضايا فطرية وعقلية، مثل الإباحية، وترويج الشذوذ كعماد للمجتمع.
وفي وسط هذه التحديات، لم يكن أمام الإنسانية سوى الاعتماد على نظام ملتزم بالمبادئ الثابتة والقيم المتأصلة، التي يُمكن أن تضمن للأفراد والجماعات والدول الاطمئنان إلى عدم اختراقها تحت أي ظرف، سواء كانت من جهة قوية أو ضعيفة. فالعدل يتطلب أن يكون القوي ضعيفًا فيما يتعلق بثوابت الحقوق، كما قال الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم -: “والله، لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها”.
لذا، يعد من واجب الزمن أن يُبين العلماء المتأصلون هذه المبادئ الثابتة، والعمل على تقديم مشروع شامل يحتوي على النظام الضامن لتحقيق العدالة المطلقة، والخير والسعادة للإنسانية جمعاء.
ينبغي أن تكون كتب العقيدة مختزلة في محتواها، مفيدة في مضمونها، ومؤثرة بإذن الله تعالى في القلوب والأرواح، مع التركيز على ما يعزز العقيدة السليمة، دون الانغماس في الخلافات والجدال الباطل
ومن المهم أن نشير إلى أن المبادئ التي تستند إليها الالتزام بالمبادئ، وسبيل النمو والاصلاح، لا تتحقق إلا بالعقيدة السليمة الثابتة، التي لا تتغير في أركانها منذ خلق الله آدم عليه السلام إلى نهاية الرسالة. قال الله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: 19]، كما جاء في سورة البقرة: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} [البقرة: 136].
ويتم تجسيد الاستجابة لأهمية نشر العقيدة وفوائدها الكاملة من خلال تأليف كتب أو نشرات تبرز الأسس العلمية للإيمان بلغة بسيطة وواضحة، وبأسلوب سهل، يهدف إلى تعزيز أركان الإيمان في العقول والقلوب، مما يجعلها متماسكة لا يهزها شبهات الباطل، ولا يشكك فيها التيارات الحديثة.
ويجب أن تربط تلك الكتب بين العقيدة والسلوك، فالاعتقاد القوي يجب أن يظهر في الفكر والقول والعمل، وقد قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: “لكل إيمان حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟”؛ كما أكد ضرورة الالتزام بالأوامر والنواهي من جانب الأخلاق والإيمان.
ينبغي أن تكون كتب العقيدة موجزة في محتواها، مفيدة في مضمونها، ومؤثرة بإذن الله تعالى في القلوب والأرواح، مع التركيز على ما يعزز العقيدة الصحيحة، دون التورط في الخلافات والجدال الفارغ، حتى تبقى العقيدة نقطة قوة وعنصر جميل في حياة الأفراد والمجتمع.
يجب أن نشدد على أن تعزيز القيم الثابتة والعقيدة السليمة هو السبيل نحو تحقيق العدالة والاستقرار في عالم يواجه تحديات هائلة.