الكلثرات: المادة العجيبة التي تحافظ على دفء قمر زحل الغامض
وكشفت دراسة جديدة أجراها علماء كواكب من جامعة هاواي في مانوا بالولايات المتحدة عن وجود طبقة جليدية سميكة من “كلثرات الميثان” بعمق يصل إلى 10 كيلومترات تغطي قشرة قمر “تيتان”. وتعمل هذه القشرة كعازل حراري يحافظ على دفء القمر، مما يساعد في تفسير الغلاف الجوي الغني بالميثان.
أسرار القشرة الغنية بالميثان
وفقًا للدراسة، تحتوي هذه القشرة الغنية بالميثان على بلورات جليدية تحتجز الغاز داخل بنيتها، مما يسهم في عزل الحرارة من باطن القمر ويؤدي إلى تسخين القشرة الجليدية.
وتوضح لورين شورماير، الباحثة المشاركة في الدراسة وأستاذة في معهد هاواي للجيوفيزياء وعلم الكواكب، أن “الميثان كغاز دفيء يساعد على تسخين سطح تيتان بطريقة مشابهة للأرض”. ويعزز ذلك عملية الحمل الحراري في القشرة.
وتقوم عملية الحمل الحراري على الحركة المستمرة للكتل الساخنة وصعودها إلى السطح، بينما تغوص الكتل الباردة في الأسفل، مما يشبه ما يحدث عند غليان الماء. وقد أظهرت النماذج الحاسوبية أن سمك قشرة تيتان يتراوح بين 5 و10 كيلومترات.
كيف تشكلت طبقة الكلثرات؟
أشارت جويندولين بروير، المرشحة للدكتوراه في معهد هاواي، إلى أن قشرة تيتان قد تتكون من أمطار ميثانية تتساقط على السطح. وقد تكون الكلثرات قد تشكلت أيضًا في أعماق تيتان في وقت مبكر من تاريخ القمر ثم طفت عبر المحيط إلى قاعدة القشرة الجليدية، حيث ساهمت العمليات الجيولوجية في دفعها للأعلى.
إن الفهم الجديد لتاريخ تيتان قد يساهم في تعلم المزيد عن عمليات مشابهة تحدث على الأرض. كما أن تأثير الغلاف الجوي الغني بالميثان سيؤدي إلى ارتفاع حرارة سطح القمر على مر الزمن، مما يجعل تيتان مختبرًا طبيعيًا لفهم آليات الاحتباس الحراري.
تشير بروير إلى أن الدروس المستفادة من تيتان يمكن أن تعطي رؤى مهمة عن العمليات الجيولوجية والمناخية على الأرض.
### تيتان: القمر الغامض بغطاء الكلثرات
تتحدث د. شورماير عن وجود قشرة عازلة مكونة من الكلثرات على سطح تيتان، حيث تشير إلى أن القشرة الجليدية المائية الأساسية يمكن أن تتحرك نتيجة الحمل الحراري على الرغم من تدفق الحرارة المنخفض نسبياً من اللب. وتوضح أن هذه الحركة قد تؤدي إلى تشكيل تضاريس متعددة، مما قد يتيح ظروفًا مناسبة لنشاط البراكين الجليدية. هذه الظواهر قد تفسر أيضًا وجود الهضاب والسلاسل الجبلية التي تعتبر من الف mysteries الجيولوجية على السطح.
مهمة “دراغون فلاي” تستعد للإطلاق
تعتزم وكالة ناسا إطلاق مهمة “دراغون فلاي” إلى تيتان في يوليو/تموز 2028، على أن يصل المركبة إلى القمر في عام 2034. تشمل هذه المهمة أدوات متطورة مثل أجهزة قياس الزلازل، والتي ستساعد في قياس النشاط الزلزالي، كما تقول شورماير. تضيف أن البيانات الزلزالية عالية الجودة ستسهم في تأكيد سمك ووجود قشرة الكلثرات.
صور جديدة تكشف أسرار الفوهات
يتوقع العلماء أن توفر “دراغون فلاي” صورًا دقيقة لفوهة سيلك، والتي تمت دراستها مؤخرًا. ستساعد هذه الصور في دراسة تآكل الفوهة وعمقها، واختبار ما إذا كانت تحتوي على مواد مثل الرمال، وهو ما يدعم النماذج التي توضح العمليات التي تؤدي إلى ضحالة الفوهات مع الزمن.
الكلثرات: حماية من التجمد
تشير الاكتشافات الحديثة إلى أن الكلثرات تلعب دورًا مهمًا في حماية المحيطات الجوفية من التجمد الفعلي، حيث توفر عزلاً حراريًا يسمح بوجود سوائل تحت السطح. وهذا يعكس آفاق جديدة لإمكانية وجود حياة في تلك المحيطات. وأوضحت بروير أن الكلثرات لا توفر بيئة صالحة للحياة فحسب، بل قد تساعد أيضًا في نقل المواد العضوية من المحيط إلى السطح، مما يتيح للبعثات المستقبلية اكتشافها.
دراسة التشابهات بين الأقمار
على الرغم من اختلاف تيتان عن أقمار جليدية أخرى مثل أوروبا وإنسيلادوس، فإن الاكتشافات الجديدة قد تساعد في فهم أفضل لتشكل القشور الجليدية. من خلال دراسة الاختلافات والتشابهات بين هذه الأقمار، يمكن للعالماء وضع فرضيات جديدة حول إمكانية وجود حياة في أنظمة كوكبية أخرى.
نماذج جديدة لفهم تيتان
يستمر فريق البحث من جامعة هاواي في تطوير نماذج تحاكي تكوين الفوهات على سطح تيتان، بالتعاون مع باحثين من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا وجامعة بيردو. وتختتم شورماير بالقول إنها وفريقها تلقوا تمويلاً إضافياً من ناسا لمواصلة هذا العمل، حيث يقومون بنمذجة تأثير تكوين الفوهات على قشور الكلثرات، آملين في فهم عملية تغير الحفر مع مرور الزمن.