الإشكالية العراقية حول النشيد الوطني المؤقت
تاريخ النشيد الوطني العراقي
تتسم قصة النشيد الوطني في العراق بالتغير المستمر، حيث يُعَد وقوف كل نظام جديد عند الحكم سببًا في تغيير النشيد الوطني. ورغم أنه تم اعتماد النشيد الحالي كسلام مؤقت قبل 20 عامًا، إلا أن عدم استقراره لا يزال قائمًا. كيف بدأت الأحداث؟
نشيد العراق الأول انطلق عام 1924، وتم لحنه بواسطة الضابط البريطاني الميجر جي، الذي فاز في مسابقة تنظيمها الملك فيصل الأول لاختيار اللحن الأفضل.
كل نظام يطمح إلى ترك بصمته على ملامح الدولة، فيسعى لمحو آثار الأنظمة السابقة عبر تغييرات تشمل حتى النشيد الوطني. شهد العراق خمسة تغييرات للنشيد الوطني منذ تأسيس الدولة، بالإضافة إلى تغيير العلم الوطني بعد كل انقلاب.
الأناشيد الوطنية عبر الزمن
أُطلق أول نشيد للعراق عام 1924، وكان لحنًا فقط، وتم اختياره في مسابقة تحت إشراف الملك فيصل الأول بعد تنصيبه ملكًا في عام 1921. كان هدف المسابقة هو تحديد لحن يليق بالمملكة العراقية، ونجح الميجر جي، البريطاني، في الفوز.
عُزف هذا السلام الملكي للمرة الأولى عام 1924 في مجلس الأمة وبدل الحكومة. وفي عام 1958، بعد انقلاب 14 يوليو، استبدل السلام الملكي بنشيد ثاني من تلحين لويس زنبقة، الذي تم تسجيله من قبل جوق موسيقي نمساوي.
في عام 1979، تم تغيير النشيد الوطني للمرة الرابعة في ظل حكم صدام حسين، الذي اعتبر أنه يجب أن يكون للعراق نشيده الخاص.
بعد الانقلاب الذي قاده حزب البعث على عبد الكريم قاسم، تم اعتماد النشيد الثالث “والله زمن يا سلاحي”، وهو في الأساس نشيد مصري. هذا النشيد استمر حتى عام 1979، عندما طُلب من صدام حسين إقامة مسابقة لاختيار نشيد وطني جديد.
الفائز كان لحن “أرض الفراتين” للشاعر شفيق الكمالي، واستمر النشيد الوطني الرابع منذ عام 1981 حتى 2003.
البحث عن نشيد جديد
بعد سقوط نظام صدام حسين، انتُخب نشيد “موطني” كنشيد مؤقت للعراق عبر قرار من بول بريمر عام 2004، وهو من تأليف الشاعر الفلسطيني جمال طوقان. ورغم الجهود المتكررة للاعتماد على نشيد جديد، لا يزال النشيد حاليًا يُعتبر مؤقتًا ومن دون استقرار، حيث لم يتم تغييره حتى اليوم.
كان هناك محاولة لتغيير النشيد عام 2012 عندما اعتمد مجلس النواب قصيدة “سلام على هضبات العراق” للجواهري كنشيد وطني مبدئي، لكنها أُغلقت لاحقًا دون تنفيذي.
وفي عام 2019، سعى “التيار الصدري” لتحويل قصيدة “سلام عليك على رافديك” إلى نشيد وطني جديد، حيث قوبل الاقتراح بترحيب شعبي قوي، لكن لم يتم اعتماده حتى الآن بسبب اعتراضات سياسية بسبب ماضي الشاعر.
العوامل التي تعيق اختيار النشيد
تشكل حالة الانقسام في السياسيين والمصالح الخاصة العائق أمام اختيار نشيد وطني عراقي دائم. إذ أن كل طرف ينظر للأمور وفق مصلحته الشخصية، مما يجعل من الصعب التوصل إلى توافق عام.
على الرغم من الموروث الثقافي الغني في العراق، إلا أن القائمين على الساحة السياسية لا يولون اهتمامًا كبيرًا واختياراتهم تتأثر بمصالحهم الخاصة، تاركين لمقاطعة الجوانب الوطنية المتنوعة.
الخلاصة
نتيجة للتاريخ العراقي الحديث، فإن عدم استقرار النشيد الوطني الحالي يجعل من غير المحتمل أن يستمر. وعلى الرغم من اعتقاد البعض بإمكانية تغيير النشيد، إلا أن الفرقاء السياسيين يبدون بعيدين عن التوصل لاتفاق، مما يعني أن القصة ستظل مستمرة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
رابط المصدر