المفكر كمال القصير: ضرورة اتفاق عربي إيراني تركي مثل “سلام فستفاليا”

Photo of author

By العربية الآن

كمال القصير: حاجة العرب وإيران وتركيا لاتفاق يشبه “سلام فستفاليا”

الدكتور كمال القصير الجزيرة
كمال القصير: اتفاق “سلام فستفاليا” كان له تأثير أكبر على مستقبل أوروبا الحديثة من الاكتشافات العلمية أو الفلسفة (الجزيرة)
أشار الدكتور كمال القصير، الخبير في علم الاجتماع العربي، إلى ضرورة وجود اتفاق تاريخي بين العرب وإيران وتركيا، من أجل تعزيز فاعلية الإطار العالمي للإسلام، في وقت يشهد العالم فيه تحولات كبيرة. ونبه إلى أن التوصل إلى تفاهمات دينية بين المذاهب لا يكفي لحل الأزمات، بل يجب أن يتم عبر تحديد الواجبات والممنوعات بالتفاوض.

ضرورة الحوار لحل المشكلات

بين القصير أن التركيز يجب أن يكون على القضية الفلسطينية، ولكن ينبغي ألا نغفل عن الأحداث الأخرى في المنطقة مثل الأوضاع في سوريا. ورأى أن العلاقات بين إيران والعالم الإسلامي تحتاج إلى إعادة تقييم، بحيث يكون هناك اتفاق يحاكي روح سلام فستفاليا، الذي أنهى فترات من الصراع الديني في أوروبا.

تجاوز الماضي وتحقيق الاستقرار

أوضح القصير أنه يمكن لإيران وتركيا تجاوز تاريخ الصراعات، ويجب أن تدرك إيران أهمية الانفتاح على العالم العربي. وأضاف أن للعلاقات التاريخية عواقبها، لكن الأوضاع الراهنة تتطلب واقعية سياسية جديدة.

الحاجة إلى اتفاق تاريخي

أكد أن هناك حاجة ملحة لاتفاقية مشابهة لسلام فستفاليا، ليس فقط لحل المشاكل الدينية، ولكن أيضا لتجاوز الصراعات السياسية التي تواجه المنطقة. وهذا يتطلب تفكيرا خارج إطار الأحداث اليومية، نحو رؤية تاريخية أوسع.

الآمال في وجود حلول جذرية

في ختام حديثه، عبّر القصير عن أن حل العلاقة مع إيران يمثل إنجازا كبيرا يمكن أن يحدث تحولا في العالم الإسلامي. ورجّح أن يشبه هذا الحل العلاقة بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا، مشددا على ضرورة أيجاد إطار عمل مستقبلي لتعزيز الاستقرار في المنطقة.

### انفتاح ودور جديد في العلاقات الإقليمية

في المستقبل، تحتاج الحلول الكبرى إلى إطار أوسع للتعامل، حيث تتطلب وقتاً طويلاً وتتسم بالثقل على الكثيرين، لكنها ستظل أكثر استدامة. فالمسألة ليست في محاولة تقريب المذاهب، بل في التفاوض حول تحديد الواجبات والممنوعات. أعتقد أن هذا النهج سيتبناه العقلاء في المنطقة، وبالأخص المهتمين بمستقبل الأمة والإسلام. لا يكفي أن يكون لدى الإنسان العقل لفهم المشكلات، بل يجب أن يرافق ذلك قدر من الشجاعة، لتنفيذ ما قد يعجز عنه الكثيرون في ميدان السياسة.

الأتراك والعرب: مسؤوليات متبادلة

يجب على الأتراك بذل الجهد ليصبحوا أكثر انفتاحاً، وعلى العرب أن يسعوا ليكونوا أكثر جدية. يتعين على الأتراك أن يتحملوا مسؤولية أكبر في هذه المرحلة التاريخية، خاصةً في ظل نجاحهم في تحسين العلاقات مع إيران بعد تاريخ طويل من النزاع. يستطيع الجانبان تجاوز المعاناة التاريخية نحو علاقة قائمة على “الواقعية السياسية”، التي قد تجلب منافع كثيرة.

دور المثقفين والفلاسفة

وظيفة المثقفين والفلاسفة مهمة في حماية هذا الاتجاه وتوفير الشرعية له، مع التأكيد على خطورة التوجهات الإمبراطورية والتوترات الدينية. إن العلاقة بين تركيا وإيران تحمل التزامات تاريخية تحول دون تخطي الحدود بين الدولتين اللتين خاضتا صراعات كبيرة في الماضي. من الضروري أن يتوسع هذا الفهم السياسي ليشمل باقي المنطقة العربية.

مستقبل الدور الإيراني والموائمة الإقليمية

يجب أن نتسم بالوضوح والجرأة في اقتراح الحلول. يحتاج الإيرانيون إلى التوقف عن محاولة السيطرة على جميع جوانب المنطقة، لأن هذا سوف يثقل كاهلهم. حان الوقت لإيران لتصبح أكثر توازناً وانفتاحاً على الدول العربية، خاصة بعد تراجع القوى التي كانت تحالفاتها تعتمد عليها. وقد أصبحت تدرك أن ما استثمرته في العلاقات مع الجوار العربي ليس مضموناً للمستقبل.

ضرورة الواقعية في العلاقات العربية الفارسية

تؤكد الواقعية على ضرورة عدم البحث عن انسجام كامل بين الهوية العربية والفارسية، بل يجب أن يتقبل الطرفان وجود علاقة متوسطة تلبي مصالحهما دون إضرار.

المثلث العربي التركي: رؤية مستقبلية

تتمتع دول الخليج العربي بأدوات تساعد في تحقيق حل تاريخي نظراً للعوامل الجغرافية وارتباطاتها بقضايا الشرق الأوسط. تمثل التجربة القطرية نموذجاً ناجحاً في بناء العلاقات مع إيران وتركيا. ويمثل التعاون بين مصر والسعودية وتركيا محورا مفصلياً في أي تحولات قادمة.

التحولات الاجتماعية والاقتصادية

السعودية تشهد تغييرات جذرية على الأصعدة الثقافية والسياسية، مما يجعلها لاعباً رئيسياً في المنطقة. المصدر الجغرافي لمصر يجعلها “القدس الحقيقية” على الرغم من عدم وجود تأثير سياسي كبير لها في التوازن الإقليمي.

في سياق التاريخ، تمثل هذه التحولات آفاقاً جديدة للعلاقات الإنسانية. تركيا تحتاج إلى تقديم رؤية جديدة تتجاوز إرثها التاريخي، بينما الحياة السياسية في المملكة تتطلب النضج الثقافي لتفادي خلق فراغ.

رؤية مستقبلية للعلاقات الإقليمية

إن غياب التحديات الأساسية لن يؤثر فقط على وجود هذه الائتلافات، بل أيضاً على ولوجها إلى مجالات جديدة من التعاون. إن النموذج الذي نحتاجه هو ذلك الذي يراعي التغيرات الاجتماعية والسياسية القائمة، من أجل بناء مستقبل أكثر توازناً ونضجاً في المنطقة.### الوعاء الثقافي: ضرورة الانفتاح والتعاون

تحقق إعادة ترتيب إيقاع المساحات الشاسعة في المنطقة من خلال مفهوم “الوعاء”، الذي يعتمد على درجة من الانفتاح ويحفظ حقوق الثقافات المختلفة. ولضمان نمو هذا الوعاء، يجب أن تقوم تفاهمات اقتصادية وثقافية مشتركة بين الأطراف المعنية.

المسؤولية العربية في تكوين هذا الوعاء

يتحمل العرب مسؤولية كبيرة في تشكيل المستقبل الثقافي والديني للإسلام، حيث يمتلكون قدراً عميقاً من الوعي والثقافة الإسلامية مقارنة ببقية العناصر الإسلامية. يتطلب استعادة الوعاء الإسلامي الواسع إدراك وجود تعددية وتنوع داخل هذا الوعاء، مع التأكيد على أهمية التناغم في النموذج الثقافي بدلاً من التركيز على العرق.

تحديات المستقبل: العلاقة العربية التركية

في الوقت الحالي، تعتبر المنطقة العربية وتركيا الحديثة هما الوحيدان اللذان يملكان القدرة على تشكيل وعاء واسع يمكن ملؤه بالمستقبل. لذا، يجب على العرب والأتراك العمل معاً لإعادة بناء الجسر العربي-التركي وطرح أفكار جديدة تسهم في إعادة إحياء الامبراطوريات. إلا أن التحديات النفسية والاجتماعية قد تجعل هذه المهمة صعبة، حيث يحتاج الأتراك إلى جرأة أكبر في تقديم أفكار جديدة، بينما يجب على العرب أن يصبحوا أكثر جدية في تعاملاتهم.

دروس التاريخ في صيغة الشراكة

يستند مفهوم “الشراكة” إلى واقع تاريخي غني في حياة المسلمين. فقد شهدت المنطقة الصيغة العربية المملوكية التي شكلت مستقبل الإسلام. وكان للمسلمين تجارب متعددة، بدءاً من الوعاء العربي العباسي الذي تضمن محتوى تركي وصولاً إلى الوعاء العثماني الذي كان يضم مكونات ثقافية عربية أخرى. ورغم بعض القضايا التي واجهتهم، أثبتت هذه الصيغ قدراتها في ظروف تاريخية تنافسية.

الإسلام كعنصر توحيد

يمثل العنصر الروحي للإسلام الرابط الأساسي الذي يضمن تماسك الوعاء العربي-التركي. إن الهدف من هذا الوعاء هو تجديد إيقاع المنطقة بطريقة تحفظ حقوق الثقافات المتعددة. الإسلام يتطلب أوعية كبيرة ليتجلى قوته، حيث يعمل على توحيد العناصر فوق القومية ويشدد على أهمية نمط وفكر مشترك بدلاً من التركيز على وحدة العرق.

المصدر: الجزيرة


أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.