النبي وصناعة الموهوبين (1)
أهمية الموهوبين في الدعوة الإسلامية
من النماذج البارزة في هذا السياق، نجد خديجة بنت خويلد، التي كانت رمزًا للفضيلة وموهوبة في القيادة الاجتماعية والاقتصادية. كما تميز أبو بكر الصديق بمعرفته العميقة بالمجتمع، مما جعله دعامة أساسية في نجاح الدعوة. ولا يمكن تجاوز علي بن أبي طالب، الذي يُعد مثلًا يحتذى به في الشجاعة والقدرة على القيادة.
المواهب العقلية المتميزة تحسن استقبال الدعوة والاستجابة لها، وتحسن إدارة شؤونها في مرحلة نشأتها الصعبة.
اختيار العناصر الموهوبة
كان رسول الله – ﷺ – يعمل بجدية على اختيار الموهوبين في كل مجال. وقد أكد على أهمية اختيار الأشخاص الأذكياء والقادرين على حمل الرسالة. وقد استندت دعوته إلى عناصر من مختلف الأوساط الاجتماعية، مثل عثمان بن عفان والزبير بن العوام.
إن المميزات الفريدة التي يمتلكها هؤلاء الأفراد تجلت في دورهم الكبير في نشر الدعوة وتوسيع رقعة الإسلام.
اللافت للنظر في علم استثمار المواهب أن خالد بن الوليد أسلم بعد 20 عامًا من بدء الرسالة، وتولى القيادة العسكرية بعد أربعة أشهر من إسلامه، وسماه رسول الله “سيف الله المسلول”.
نموذج خالد بن الوليد
قدّم خالد بن الوليد نموذجًا متميزًا في القيادة العسكرية، حيث قاد حوالي مائة معركة دون أن يُهزم في واحدة منها، مما جعله يُعتبر من أبرز القادة العسكريين في التاريخ.
صحيح أن كل مرحلة من مراحل الدعوة عانت من تحديات، لكن استخدام المواهب الإدارية والعسكرية كان حاسمًا في التغلب على هذه التحديات وتحقيق النجاح.
### اهتمام الرسول بالمواهب الصوتية
أظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتمامًا كبيرًا بالمجالات التي تبرز التميز والموهبة، وكان من أبرزها اهتمامه بالمواهب الصوتية. حيث يؤثر الصوت الجميل بشكل عميق على النفوس ويعزز دعوة الناس. في خطوة لتأسيس أسلوب إعلامي للأذان، رأى الصحابي الجليل عبدالله بن زيد في منامه صورة الأذان المعروف لدينا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوجيهه للذهاب إلى بلال وإبلاغه بما رآه لكي يؤذن بها، مشيرًا إلى أن صوت بلال أندى من صوته.
عين فاحصة لاكتشاف الموهبة
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يمتلك بصيرة حادة وقدرة على اكتشاف الف talentos في مختلف المجالات. كان يولي أهمية قصوى لاكتشاف وتطوير هذه المواهب، بالإضافة إلى استثمارها لخدمة الدعوة وتأثيرها في المجتمع. هذه الرؤية العميقة ساهمت في تحقيق انتشار الإسلام بشكل ملحوظ في فترة زمنية قصيرة، مما يضع مسؤولية كبيرة على عاتق القادة والمربين لاكتشاف وتنمية الموهوبين لبناء أمة ناجحة.
قصة أبو محذورة الجُمَحِي
في شهر شوال من السنة الثامنة للهجرة، خلال العودة من غزوة حنين، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعة من الفتيان يهزون ويسخرون من الأذان. كان من بينهم فتى ذو صوت جميل، فأمر الرسول أصحابه بأن يحضروا هذا الفتى ليكتشف موهبته. وعندما التقاه، دعا أبو محذورة للإسلام وباركه وأعطاه نقودًا، ثم اختاره ليكون مؤذنًا لمكة المكرمة وهو في سن السادسة عشرة. هذه الحادثة تعكس أهمية المهارة والمواهب، بغض النظر عن العمر، حيث أُعطي هذا الشاب الوظيفة بعد انتشار الرسالة الإسلامية بعد واحد وعشرين عامًا.
دعوة للقادة والمربين
لقد أحدثت السياسة النبوية في اكتشاف المواهب وتطويرها فرقًا حقيقياً في التاريخ الإنساني، لذا يجب على القادة والمربين أن يركزوا على تنمية هذه الموهبة لضمان إعادة بناء الأمة وبناء المستقبل.
نماذج من التجارب الناجحة
في المقال المقبل، سنتناول نماذج من مجالات المواهب المتنوعة التي اهتم بها الرسول لصياغة أرقى الدول في التاريخ.