باحثون عراقيون يستكشفون مستقبل الزلازل بطريقة جديدة
المروحة الرسوبية: أداة جديدة لفهم الزلازل
يشير مصطلح “المروحة الرسوبية” إلى الشكل المروحي الناتج عن ترسب الرواسب. في دراسة نشرت في مجلة “فيزكس آند كمستري أوف إيرث”، استخدم الباحثون من قسم الجيولوجيا بجامعة البصرة “مروحة الشهابي الرسوبية”، الواقعة في محافظة واسط قرب الحدود الإيرانية، لاستكشاف مخاطر الزلازل في المنطقة.
تخيل المروحة الرسوبية كشكل عملاق متشعب من الصخور الجبلية، مرت بمراحل متعددة من النمو بفعل القوى التكتونية، تماماً مثل طبقات الكعكة التي توضع واحدة فوق الأخرى في عملية الخبز.
كشف النقاب عن النشاط التكتوني المستمر
ركزت الدراسات السابقة على تكوين مروحة الشهابي وتطورها استناداً إلى عوامل مثل المناخ وتوزيع الرواسب، لكنها لم تتناول الحركات التكتونية في تلك المنطقة. لكن الدراسة الجديدة عالجت ذلك، موضحة أن المنطقة لا تزال نشطة تكتونياً، حيث تستمر التحولات التكتونية وخطوط الصدع مثل صدع جبال زاغروس في التأثير على تطور المروحة. هذا يساعد على فهم مخاطر الزلازل في المنطقة واستشراف مستقبلها.
تتكون الصفائح التكتونية من أجزاء ضخمة من القشرة الأرضية، وهي المتسبب الرئيسي للزلازل نتيجة حركتها بالنسبة لبعضها البعض.
أدوات الدراسة والنتائج البارزة
استخدمت الدراسة أدوات رسم الخرائط المتقدمة مثل “إيه آر سي جي إي إس” ومعلومات من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية لتحليل تاريخ المروحة. من خلال الفحص الطبوغرافي وإنشاء خرائط الكنتور، استنتج الباحثون وجود 5 فترات نمو رئيسية للمروحة، تترافق مع النشاط التكتوني، ما يمكن من دراسة مخاطر الزلازل المستقبلية.
تشمل هذه الفترات الممتدة من البليوسين إلى أواخر البليستوسين، حيث تحركت قشرة الأرض مما أدى إلى ترسب طبقات جديدة من الرواسب، وهي نتيجة تشير إلى أن نشاط المروحة الرسوبية ما زال مستمراً. كما اكتشف الباحثون أن ارتفاع المروحة يختلف من 15 مترا في الجنوب الغربي إلى 120 مترا في الشمال الشرقي.
استنتاجات مركزية حول العلاقة بين الزلازل والمراوح الرسوبية
وجدت الدراسة أيضاً أن التراكم المتزايد للرواسب على الجانب الغربي يعود إلى ظهور خطوط الصدع القريبة مثل جبال زاغروس. وهذه القوى التكتونية مسؤولة عن رفع تلال حمرين في شمال شرق العراق وغرق سهل ما بين النهرين، مما يساهم في استباق مخاطر الزلازل في هذه المنطقة المهمة.
### العلاقة بين المراوح الرسوبية والنشاط الزلزالي
صرح رئيس قسم الزلازل في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، شريف الهادي، لوسيلة الإعلام الجزيرة نت بأن هناك ارتباطاً وثيقاً بين المروحة الرسوبية، مثل مروحة الشهابي الرسوبية، والنشاط الزلزالي. ويعود ذلك إلى العمليات الجيولوجية التي تسهم في تكوين كل من المروحة وقشرة الأرض.
كيفية تشكل المراوح الرسوبية
تتكون المراوح الرسوبية عبر الزمن نتيجة تدفق المياه التي تحمل الرواسب من الجبال والتلال وترسبها في المناطق المنخفضة. وغالباً ما تتواجد هذه المراوح في مناطق نشطة تكتونياً، حيث تتحرك قشرة الأرض بفعل خطوط الصدع.
التأثيرات التكتونية على النشاط الزلزالي
أشار الهادي إلى أن القوى التكتونية، مثل تلك الناتجة عن صدع جبهة زاغروس، تلعب دوراً مهماً في تشكيل سطح الأرض. إذ ترفع هذه القوى بعض المناطق، مثل تلال حمرين، بينما تغرق مناطق أخرى، كسهول ما بين النهرين. وتُعتبر الضغوط التكتونية المتراكمة عاملاً مهماً في وقوع الزلازل، حيث يمكن أن تقدم طبقات الرواسب سجلاً تاريخياً للنشاط التكتوني السابق بما في ذلك الزلازل.
دور الزلازل في تغيير بنية المروحة الرسوبية
عند حدوث زلزال، يمكن أن يتداخل ذلك مع التدفق الطبيعي للرواسب، مما يؤدي إلى تكوين طبقات مميزة أو تغييرات في بنية المروحة. ومن خلال تحليل هذه الطبقات، يتمكن الجيولوجيون من تتبع تاريخ التحولات التكتونية وتحديد الأوقات التي حدثت فيها الزلازل الكبيرة، مما يجعل المراوح الرسوبية أشبه بأرشيف للأحداث التاريخية.
تقدير مخاطر الزلازل في المستقبل
من خلال دراسة أرشيف النشاط الزلزالي، يهدف العلماء إلى فهم المخاطر المحتملة للزلازل في المناطق المختلفة. يوضح الهادي أنه على الرغم من عدم قدرة المراوح الرسوبية على التنبؤ المباشر بوقوع الزلازل، إلا أنها تقدم أدلة حول النشاط التكتوني على المدى الطويل.
أهمية مراقبة المناطق النشطة تكتونياً
يسهم فهم كيفية تطور المروحة الرسوبية عبر الزمن في منح العلماء نظرة ثاقبة عن الإجهاد التكتوني المستمر، مما يساعد في تقييم احتمالية وقوع المزيد من الزلازل. ويؤكد الهادي أن المناطق التي تعاني من نشاط زلزالي مثل تحركات قشرة الأرض في تلال حمرين وسهل ما بين النهرين تعد أكثر عرضة للزلازل، مما يجعل مراقبتها أمراً ضرورياً.