باحث سوري يشارك الجزيرة نت تجربته في البحث عن المفقودين وشغفه بحل قضاياهم

Photo of author

By العربية الآن


باحث سوري يروي للجزيرة نت شغفه بحل قضية المفقودين

الباحث السوري رواد قاق أثناء حفل تخرجه من جامعة دندي بعد حصوله على درجة الماجستير (رواد قاق)
الباحث السوري رواد قاق أثناء حفل تخرجه من جامعة دندي بعد حصوله على درجة الماجستير (رواد قاق)

<

div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content” aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>يعتبر الباحث السوري رواد قاق مثالًا للتفاؤل والنجاح، مصدره معاناته أثناء الحرب والنزوح، حيث انتقل من وطنه المسحوق بالألم إلى قاعات العلم في اسكتلندا، ليصبح متخصصًا في طب الأسنان الشرعي.

تتوجه جهوده نحو حل قضية المفقودين في بلده، وهو واحد من التحديات الإنسانية العميقة. في حواره معنا، يشارك قاق تجربته الفريدة من مدينة إدلب إلى جامعة دندي، آملاً أن يمهد علمه الطريق لتحسين ظروف السوريين.

نظرًا لما حدث في سوريا: تهنئة أم قلق؟

بالنظر إلى ملفات المعتقلين والمفقودين، يؤكد قاق أنه ينظر للأحداث الأخيرة في سوريا بتفاؤل. ويقول: “لقد عانت الأرواح الشريفة، ولدي أمل أن نتمكن من استغلال هذه اللحظة التي انتظرناها طويلًا لتحقيق التغيير”.

بدء رحلة الهجرة من إدلب إلى اسكتلندا

تحدث قاق عن انتقاله من إدلب بعد تخرجه. إذ واجه خيارين: الانضمام لقوات النظام أو الهرب. اختار الهرب، ليبدأ رحلة صعبة عبر عدة دول. بعد عدة محاولات فاشلة للوصول إلى الولايات المتحدة، اتجه إلى تركيا، ثم انطلق نحو أوروبا في عام 2015.

اختيار طب الأسنان الشرعي

بعد التحاقه بجامعة دندي، اختار قاق هذا المجال بسبب الحاجة الملحة لتحديد هوية الأشخاص المفقودين. ويؤكد: “أردت أن أساهم بحل هذه القضية لا في سوريا فقط، بل في أي بلد يعاني من النزاعات”.

إنجازاته في طب الأسنان الشرعي

حصل قاق على منحة لدراسة الدكتوراه في جامعة دندي حيث يركز مشروعه على استخدام الأسنان في تحديد الهوية. وقد حصل على عدد من الجوائز تقديرًا لأبحاثه، منها جائزة “هيرالد هاير إديكيشن”.

الباحث السوري رواد قاق أمام ملصق يتضمن ملخصا لبحثه الرائد في تحديد جنس الجثث مجهولة الهوية من قياسات الجمجمة (رواد قاق)
الباحث السوري رواد قاق أمام ملصق يتضمن ملخصا لبحثه الرائد في تحديد جنس الجثث مجهولة الهوية من قياسات الجمجمة (رواد قاق)
الباحث السوري رواد قاق داخل المشرحة حاملا أداة مستخدمة في تشريح الأسنان (رواد قاق)
الباحث السوري رواد قاق داخل المشرحة حاملا أداة مستخدمة في تشريح الأسنان (رواد قاق)

رابط المصدر

# دوافع شخصية ملهمة

قصة مؤثرة خلف اختيار التخصص

لم أغادر سوريا بجسدي فقط، بل ما زلت أشعر بأنني متصل بها عقلياً وقلبياً. كنت دائماً أفكر في مصير المعتقلين، ومنهم أحد الجيران في مدينة إدلب. لهذا، اعتقدت أن هذا التخصص يمكن أن يكون ذا فائدة لبلدي وللدول العربية الأخرى التي تعاني من أزمة المفقودين في الحروب.

لماذا اخترت هذا التخصص رغم صعوباته المالية؟

على الرغم من أن التخصص في الأسنان قد يكون أكثر ربحاً مثل تركيبات الأسنان، فإن سوريا تبقى في قلبي وعقلي. كنت أسعى لتخصص يعكس واقع بلدي ويقدم حلولاً عملية لمشكلات منها مشكلة المفقودين. العراق، على سبيل المثال، تواجه مشكلة معقدة حيث يوجد مليون مفقود بحسب تقرير للجنة الدولية للمفقودين.

مقارنة بالحمض النووي

لماذا لا يعتمد الحمض النووي كحل؟

عند تحليل التجارب السابقة في مضاهاة الحمض النووي للجثث المشوهة، تبين أن هذه الطريقة قد حققت نجاحات جزئية، لكنها مكلفة وغير عملية في سياقنا العربي.

في البوسنة، نجحت هذه الطريقة بدعم تقني ومادي من أوروبا، لكن الأعداد لم تكن مماثلة لتلك في العالم العربي، حيث يحتاج الأمر إلى جمع الحمض النووي من الأٌقارب وتكاليف ضخمة.

لماذا النجاح في البوسنة محدود؟

نجاح الحمض النووي لن يكون شاملاً حتى مع الأعداد الكبيرة. مثال على ذلك، لا يزال هناك 3000 شخص مفقودين في الولايات المتحدة منذ أحداث 11 سبتمبر، بالرغم من كل الإمكانيات المتاحة.

حل عملي وغير مكلف

كيف يمكن لطب الأسنان الشرعي المساعدة؟

يمكن حل المشكلة بطريقة بسيطة وغير مكلفة من خلال التقاط صور لأسنان الجثث المشوهة قبل دفنها. يمكن مقارنة تلك الصور مع صور للأسنان من عائلات المفقودين، فكل شخص لديه بصمات فريدة لأسنانه مثل بصمته الرقمية.

مثال عملي

يمكننا أخذ مثال الناشط السوري مازن حمادة. إذا قارنّا صورته قبل السجن وهو مبتسم بشكل يظهر أسنانه مع الصورة بعد العثور على جثته، فلنرى كيف يمكن أن تساعد هذه الطريقة في تحديد هويته.

معدل النجاح في هذه الطريقة

من المتوقع أن يكون معدل نجاح هذه الطريقة مشابهاً لمعدل نجاح الحمض النووي، لكنها أكثر ملاءمة من الناحية التكلفية وسهولة التنفيذ.

العزيمة للعودة إلى سوريا

أتمنى أن أعود إلى سوريا قريباً، فلقد مضى 10 سنوات منذ مغادرتي، ولم أتمكن من رؤية عائلتي في إدلب. في هذه الأثناء، تواصلت مع المعنيين بضرورة التقاط صور لأسنان الجثث قبل دفنها، حيث قد تساهم هذه المعلومات في تحديد الهوية المستقبلية.

أسنان الناشط السوري مازن حمادة كانت إحدى العلامات التي قادت لتحديد هويته (مواقع التواصل الاجتماعي)
أسنان الناشط السوري مازن حمادة كانت إحدى العلامات التي قادت لتحديد هويته.

### نبش الماضي أم نظر للمستقبل

أهمية العثور على المفقودين

تساؤل قد يتبادر إلى الذهن: ما أهمية دراسة تُجري سبر آراء حول آلام الماضي بينما نتجه نحو المستقبل؟ الدراسة التي أجريتها ونُشرت مؤخرًا في دورية “فورنسيك ساينس إنترناشونال”، شملت استبيانًا تم سؤال السوريين فيه عن أهمية العثور على المفقودين. وقد أكد المشاركون أن الأمر على الصعيد السياسي يُعتبر شديد الأهمية لتحقيق العدالة الانتقالية، إذ يساهم في إظهار جدية الإصلاح ورغبة حقيقية في إنصاف الضحايا. وعلى الصعيد الإنساني، تكفي مشاهدة الصور والفيديوهات الحية من أهالي سجن صيدنايا لتوضيح مدى أهمية معرفة مصير الأقرباء المفقودين.

التعليم في سوريا

في الحديث عن التعليم، قد يرى البعض أن النظام التعليمي في سوريا كان جيدًا، حيث أتاح لي الفرصة للدراسة في أسكتلندا. لكن ينبغي التفريق بين التعليم والبحث العلمي. التعليم في سوريا كان على مستوى جيد إلى حد كبير، إذ يعتمد النظام الصحي في ألمانيا على عدد كبير من الأطباء السوريين، مما أثار تخوفات من انهيار هذا النظام في حال عودتهم إلى سوريا.

ولكن فيما يخص البحث العلمي، فإن البلاد كانت تعاني من فوت الفرص والجمود، وهي من سمات الأنظمة الدكتاتورية. آمل أن يتطور البحث العلمي نحو الأفضل بعد انتهاء حكم بشار الأسد.

رسالة للسوريين

أوجه رسالة للسوريين: لا تفقدوا الأمل، وابقوا متمسكين بالعلم والعمل الجاد، فهما الطريق لبناء وطن جديد. وأتطلع إلى العودة إلى سوريا قريبًا للمساهمة في هذا البناء.

المصدر: الجزيرة

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.