بعد توغل الحكومة في موقعهم.. مُحامون تونس يُشنون إضراباً عاماً
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>تونس- في حركة تصعيد ضد الحكومة، دخل مُحامون في تونس اليوم الاثنين في إضراب عام لمدة يوم واحد في جميع أنحاء البلاد للتنديد بتوغل قوات الأمن السبت الماضي في مكتب المحاماة بالعاصمة، تنفيذاً لقرار قضائي بحبس المحامية سنية الدهماني للتحقيق معها بسبب تصريحات تلفزيونية.
ويأتي الإضراب بعد عقد مجلس الهيئة الوطنية للمحامين (عمادة المحامين) بشكل عاجل أمس الأحد ليتخذ قرار دخولهم في إضراب عام في جميع أنحاء البلاد، رداً على ما اعتبروه تجاوزًا وانتهاكًا لحرمة المحامين واعتداءً على حقوقهم وافتقاد للإجراءات، في موقف تصعيدي ضد الحكومة.
وذلك بعد دعوة فرع المحامين بالعاصمة تونس (تابع لهيئة المحامين)، السبت.في السابق، قررت العاملون تنفيذ إضراب يوم الإثنين احتجاجا على اعتقال الدهماني من قبل أفراد أمن ملثمين في نفس اليوم بسبب عدم استجابتها لاستدعاء من قاضي التحقيق.
يأتي هذا الإضراب بعد حملة نظمتها جبهة الخلاص يوم أمس للمطالبة بالإفراج عن السياسيين المعتقلين بتهمة مؤامرة ضد أمن الدولة منذ فبراير 2023، والتي اعتبرتها المعارضة انتهاكا لحقوقهم، بالإضافة إلى أن الاحتجاز لا ينبغي أن يتجاوز 14 شهرا كحد أقصى.
التصعيد
في إطار الاحتجاجات، نظم المحامون يوم الأحد الماضي وقفة أمام المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة للاحتجاج على تزايد قيود السلطة على عملهم وعلى الحريات وتحويل المحاكمات إلى ساحة للتسييس وانتهاك شروط المحاكمات العادلة واستهداف استقلالية القضاء.
ويأتي هذا بعد سلسلة من الاحتجاجات التي نظمها القضاة سابقا للتنديد بقرار رئيس البلاد بعزل العديد من القضاة بتهم مختلفة كالفساد والإرهاب وغيرها، وإصدار قانون يمنحه صلاحية عزل القضاة دون قيد أو شرط، معبرين عن اعتقادهم بأن القضاء أصبح يعمل تحت تأثير الخوف والضغط من السلطة.
وأوضح رئيس فرع المحامين بتونس، زقير العروسي، لشبكة الجزيرة نت أن الهيئة الوطنية للمحامين اتخذت قرارا بتنفيذ إضراب عام في مجال المحاماة، مشيرا إلى أنه سيتم تنظيم وقفات احتجاجية في جميع أنحاء البلاد ابتداءً من يوم الخميس القادم.
وتعتبر هذه الموجة من الاحتجاجات بوادر لأزمة عميقة بين السلطة ومجال المحاماة الذي يعتبر نفسه أحد أهم أركان الحركة المجتمعية التي أطاحت بأسس الدكتاتورية خلال حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، والذي ياتي في سياق الفوز بجائزة نوبل للسلام للرباعي التونسي.
وفيما يتعلق بنجاح الإضراب العام اليوم الاثنين، أفاد العروسي أن المحامين في جميع أنحاء البلاد شاركوا بنسبة 100%، إلا أنه أكد على أنهم سيرافعون فقط في القضايا المتعلقة بالمحتجزين الذين يطالبون بالإفراج عنهم أو في القضايا الملحة التي تتعلق بالأسرة حفاظا على حقوق المواطنين والمدعين.
وأفاد زقير أن المحامية سنية الدهماني، التي قضت الليلتين السابقتين محتجزة في مركز الاحتفاظ ببوشوشة بالعاصمة، من المتوقع أن تمثل اليوم الاثنين أمام قاضي التحقيق بسبب تصريحاتها في إحدى القنوات التلفزيونية حول المهاجرين الأفارقة في تونس.
وكانت الدهماني قد أجابت على سؤال أحد المقدمين في تلفزيونية حول نيات المهاجرين الأفارقة في تونس بالقول “يا لها من بلاد جميلة”، مشيرة إلى أنهم يعتبرونها بلدا جذابا يستحقون السعي للعيش فيه.
مطلب الإفراج
وبناء على تصريحات رئيس فرع المحامين بتونس، طلبت لجنة الدفاع عن المحامية سنية الدهماني اليوم الإثنين من قاضي التحقيق السماع لها بحالة سراح دون إيداعها السجن، متأكدين أنه يجب أن يكون المتهم بريئا حتى تثبت إدانته، وأن الاحتجاز في السجن يكون استثنائيا في القضايا الخطيرة.
ومع ذلك، أصدر قاضي التحقيق الأول بالقطب الابتدائي بتونس قرارًا بتوقيف الدهماني بالسجن الاحتياطي وتأجيل جلسة الاستماع إليها حتى موعد لاحق وفقا لطلب الدفاع.
وأشار المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس، محمد زيتونة، إلى أن أعوان الأمن نفذوا قرار الاعتقال صادرا بحق الدهماني، لتطبيق القانون والمحافظة على النظام والأمن، مشيرًا إلى أنها لم يتم التحقيق معها بصفتها محامية.
وبعد اعتقال الدهماني، تم استدعاء الصحفيين برهان بسيس ومراد الزغيدي للتحقيق، وتم توجيههما إلى مركز الاحتفاظ ببوشوشة بالعاصمة حيث قضيا الليلتين الماضيتين، وتم تمديد فترة اعتقالهما لمدة 48 ساعة (اليوم الإثنين وغدا الثلاثاء).
وعلق المحامي غازي مرابط على فيسبوك، مؤكدا أن تم التحقيق مع موكله الصحفي مراد الزغيدي بسبب تصريحاته الإعلامية وتضامنه مع الصحفي محمد بوغلاب المحكوم بالسجن لمدة 6 أشهر.
التنديد
وأدانت نقابة الصحفيين التونسيين التحامل على قطاع الإعلام والتدخل الصارخ في حرية التعبير من خلال زيادة الاعتقالات القضائية والمطالبات الأمنية ضد الصحفيين بسبب مواقفهم وآرائهم،
استنكرت الانتهاكات التي تعتقد أنها تنصّ على تدبير القضاء التونسي للسيطرة على وسائل الإعلام من أجل تكميم كل صوت نقدي ينتقد السياسات العامة بغية ترويع الصحفيين والإعلاميين وزرع الخوف في قلوبهم، مع اشارة إلى أهمية التصعيد للدفاع عن حرية التعبير.
أعربت الجمعية التونسية لحقوق الإنسان والاتحاد العام للشغل وجمعيات مدنية أخرى عن رفضها للانتهاكات الخطيرة والغير مسبوقة، داعية إلى مواجهتها بسبب تهديد كافة المنظمات بهذه التجاوزات.
يرى مراقبون أن الأوضاع في تونس تتجه نحو تصاعد القمع بدلا من التخفيف بسبب إصرار الحكومة على مضايقة منتقديها. من المتوقع أن تُجرى انتخابات رئاسية في الخريف المقبل، ولكن لم يتم تحديد تاريخها حتى الآن، مما اثار شكوكا حول إمكانية تنظيمها.
سينتهي ولاية الرئيس قيس سعيد، الذي تسلم الحكم في عام 2019، في الخريف المقبل. في 25 يوليو/تموز 2021، أعلن سعيد بعض الإجراءات الاستثنائية التي أدت إلى حل البرلمان، إلغاء الدستور القديم وصياغة دستور جديد يحول النظام من برلماني إلى رئاسي بصلاحيات واسعة.
يرون أعداء الرئيس سعيد أنه يريد تعزيز الديكتاتورية من خلال تركيز السلطة في يديه، بينما يؤكد أنصاره أنه يسعى لإصلاح مسار الثورة.