اقتران الحروب
قارن هانز بليكس، الذي شغل منصب كبير مفتشي أسلحة الدمار الشامل بالأمم المتحدة سابقا، بين “خطأين” في كل من الحرب الأميركية على العراق في عام 2003 والحرب الروسية الجارية في أوكرانيا، منتقدا الولايات المتحدة وبريطانيا لطموحهما في أداء دور “شرطي العالم”.
غزو العراق: خطأ فادح
وفي حديثه مع وكالة الصحافة الفرنسية من منزله في العاصمة السويدية، وصف بليكس (96 عاما) غزو العراق بأنه “خطأ فادح من جانب الولايات المتحدة يعتمد على معلومات غير صحيحة وغطرسة بأن الاستخبارات الأميركية تعرف أكثر مما نعرف”.
بليكس، الذي شغل منصب وزير الخارجية السويدي ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية من عام 1981 حتى 1997، ارتبط اسمه بشكل وثيق بالعراق، حيث قاد فريق المفتشين للتحقق من امتلاك نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لأسلحة دمار شامل. ومع ذلك، لم يعثر الفريق على أي أسلحة رغم الادعاءات الأميركية بذلك، والتي كانت من بين الأسباب التي استخدمتها الولايات المتحدة لتبرير غزو بغداد.
حرب أوكرانيا: انحراف آخر
واعتبر بليكس أن حرب العراق كانت “انحرافا”، وهو نفس الوصف الذي أطلقه على الحرب الروسية في أوكرانيا التي بدأت في فبراير 2022. ورأى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “ارتكب خطأ، وأنا واثق بأنه نادم عليه”.
تحذير من السلامة النووية
وأثناء ذلك، حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل أسبوع من تدهور حالة الأمان في محطة زاباروجيا الأوكرانية، التي تعتبر أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، بعد وقوع ضربة بطائرة مسيّرة بالقرب منها. وقد سيطر الجيش الروسي على المحطة في بداية الحرب، وتعرضت لهجمات عدة تبادل كل من طرفي النزاع الاتهامات بشأن المسؤولية عنها.
موقف بليكس من روسيا والتهديدات النووية
وعبر بليكس، الذي كان مشرفا على الوكالة عند وقوع كارثة مفاعل تشرنوبل الأوكراني عام 1986، عن اعتقاده بأن روسيا لن تهاجم المحطة النووية عمدا، قائلا: “لا أعتقد أن الروس سيقومون بذلك عمدا، سأفاجأ للغاية إن لم يكونوا قد أصدروا تعليمات لجيشهم بتجنب إلحاق ضرر بالغ بالمحطة”.
كما أعرب عن عدم قلقه من تهديدات بوتين المتكررة باستخدام السلاح النووي في مواجهة الغرب الذي يقدم الدعم العسكري لأوكرانيا، قائلا: “بوتين يلوّح بالأسلحة النووية ويفرض تهديدات، لكنه ليس غبيا”.
آفاق المستقبل
وشدد بليكس على أن القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين لا تريد الوصول إلى حالة من المواجهة المباشرة بينها. ورغم ذلك، لا يبدو أن الدبلوماسي المخضرم متشائم بشأن مصير النزاعات العالمية، حيث نشر العام الماضي كتابا بعنوان “وداعا للحروب”. وأكد أن عنوان الكتاب “شديد الاستفزاز” نظرًا للظروف الجيوسياسية المستعصية، خاصة في ظل حربي أوكرانيا وغزة.
كما أوضح بليكس أن على المجتمع الدولي التعاون لمواجهة التحديات الكبرى، بما في ذلك الاحترار المناخي، الذي يثير قلقه “بشكل أكبر” من مخاطر الحروب، إضافة إلى الأوبئة ومكافحة شبكات الجريمة المنظمة.