بمناسبة ذكرى النكبة.. يتوقع أن يتعرض المسجد الأقصى لإنتهاكات من قبل إسرائيل ورفع أعلامها
وبالإضافة لجهود جمع التواقيع، قامت صفحات الهيكل وزعماء هذه الجماعات بإنتاج تصاميم مميزة، دُمجت في بعضها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتشجيع أنصارها على تنفيذ هذه الخطوة المثيرة في وجه القبلتين الإسلاميتين الأولى والثالثة.
وفي يوم 24 أبريل/نيسان المنصرم، بدأت الجماعات المتطرفة التحضير لتركيب لافتة عملاقة على طريق “أيالون” السريع الذي يربط بين عدة مدن، وفي بداية شهر مايو/أيار الحالي، تم تركيب اللافتة التي حملت كتابات باللغة العبرية.في يوم الاستقلال يتم رفع الراية على جبل الهيكل.
اندفع زعماء تنظيمات جبل الهيكل لنشر هذا الإشعار على صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. من بينهم الكاتب الصحفي أرنون سيغال الذي عبّر عن ذلك قائلاً “لم نستول على جبل الهيكل بعد، ولكن نقدم لكم إشارة في غمرات أيالون”.
تحريض ومنافسة
بينما تحيي دولة الاحتلال في يوم الاستقلال الموافق 14 مايو/أيار، يحيي الفلسطينيون في 15 مايو/أيار ذكرى النكبة وتأسيس إسرائيل على أراضيهم ودمر مدنهم وقراهم.
رئيس تنفيذي منظمة “جبل الهيكل بين أيدينا”، توم نيساني، أشار قائلاً “حان الوقت لملء جبل الهيكل بأعلام إسرائيل تجاه حماس وحزب الله وإيران”.
على صفحة المنظمة التي يديرها، تم نشر إعلانات مختلفة مع رابط للتوقيع على العريضة، وتحفيز المستوطنين لارتكاب هذه الجريمة في المسجد الأقصى. تحتوي الإعلانات على عدة عبارات منها “ها هو الوقت قد حان لإظهار السيادة الحقيقية على جبل الهيكل، وفي الأسبوع القادم نحتفل بالعيد الـ76 لاستقلال دولة إسرائيل.. لنرفع الراية على جبل الهيكل الذي يعتبر أقدس مكان لأمة إسرائيل”.
هذه المرة تعد الثانية التي يحاول فيها التنظيمات المتطرفة رفع الراية الإسرائيلية بشكل جماعي في المسجد الأقصى، منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. سبقها دعوات مماثلة في بداية الهجوم، بالإضافة إلى عدة محاولات للرفع، خاصة خلال الاقتحامات الجماعية التي تحدث في “يوم توحيد القدس” الذي يصاحبه مسيرات ضخمة للأعلام.
تغطية إخبارية: تنظيمات استيطانية تدعو لرفع اعلام دولة الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى يوم الثلاثاء القادم احتفالاً بالذكرى السنوية للنكبة الفلسطينية pic.twitter.com/PWqU8SgjdX
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) May 12, 2024
نشيد واحد في القدس
في هذه المناسبة بعام 2022، اقتحم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – الذي كان حينها زعيم المعارضة – ساحة البراق، وأعلن وهو يرفع العلم الإسرائيلي “نحتفل اليوم بيوم توحيد القدس، ولكن براية واحدة.. الراية الزرقاء والبيضاء سترفع في القدس”.
يعلق الأكاديمي والمتخصص في الشأن الإسرائيلي، محمد هلسة، قائلاً لـ الجزيرة نت: يُعتبر توجه نتنياهو ضمن استراتيجية لمقايضة اليمين الذي يعتمد على تحالفه الحكومي، بما في ذلك التيار الديني القومي. يرى أن المسجد الأقصى والضفة الغربية تمثلان مساحة يمكن لليمين تعويضها لضغوط غزة، ويلهم بأنه قد يحدث تسونامي سياسي داخل غزة يؤدي إلى ختام الحرب، وبالتالي ينخرط في صراع مع اليمين الذي يريد استمرار الهجمات.
ويضيف هلسة: “إذا تم انسداد المسار السياسي والعسكري في غزة، فإن ما يمكن لليمين القيام به هو تحويلهم إلى الضفة الغربية والأقصى، يقول لهم: لا تقلقوا، لدينا مناطق أخرى نعتمد عليها لتحقيق أهدافكم ورغباتكم”.
لا يمكن تجزئة أجندة وزير الدفاع الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، عن حملة التحريض السابقة لرفع الراية الإسرائيلية في الأقصى. يوضح هلسة أن هذا الوزير المتطرف استغل هذا المقام بشكل ملحوظ لتحسين حظوظه الانتخابية وكانت إحدى السببين الرئيسيين في قدومه إلى الحكم.
تدريسية في مؤسسة جبل المعبد الدينية تنضم إلى التيارات المتطرفة المطالبة برفع علم الاحتلال داخل #المسجد_الأقصى يوم الثلاثاء 15-5-2024، احتفالاً بما يسمى “يوم الاستقلال” الذي يتزامن مع ذكرى النكبة الفلسطينية.
وأضافت الجماعة في بيانها: (سنستمر في القاء الضوء علىفي الاحتفال بيوم الاستقلال، سنزور جبل الهيكل وسنؤدي الصلاة…
— د. عبدالله معروف (@AbdallahMarouf) 12 مايو 2024
نقض الخطوط الحُمراء
وأشار هلسة إلى أنه منذ تسلم بن غفير منصبه الذي يدير به الشرطة، استطاع تعزيز سيطرته عليها واستبدال القيادات المعارضة لسياسته بغيرها تتلاءم معه، مما ساهم في تخطي وحتى نقض الخطوط الحمراء التي حددها الحكومات الإسرائيلية السابقة بخصوص القضايا الخلافية مع الفلسطينيين، ومنها المسجد الأقصى.
وبخصوص توقعاته بنجاح الجماعات المتطرفة في رفع مئات الأعلام الإسرائيلية داخل المسجد الأقصى يوم الثلاثاء، أوضح هلسة “ستتجاهل الشرطة وتتهاون مع المقتحمين وستزيد من حدتها تجاه المصلين، ويرجع ذلك إلى الظروف الناجمة عن الحرب وشعور المستوطن والضابط بأن الدولة تتطابق معه وتتقاطع مع أهدافه”.
وختم الأكاديمي المقدسي حديثه بالقول إن الظروف ملائمة لتحقيق هذا الانتهاك بشكل أكبر مقارنة بالمرات السابقة، متوقعا أن “سيسمح بن غفير بهذا التصرف، كما نجح في نقض الخطوط الحمراء في القضايا التي كان يعتبرها الكثيرون صعبة التحقق من قِبل المستوطنين وجماعات الهيكل”.
وأضاف هلسة “تُسهم الظروف في تكرار هذا الأمر في المسجد الأقصى لأن الناس مرهقة والمجتمع العربي الذي يرى مقتل الفلسطينيين وتمزيقهم في غزة دون رد فعل، لن يتحرك برفع العلم الإسرائيلي في المسجد الأقصى”.
انتباه خاص
وعلى الرغم من أن العلم يُعد رمزًا للدول، إلا أن إسرائيل تُخصص اهتمامًا خاصًا بعلمها، فعلى سبيل المثال، يُخصص متحف “بلاد الكتاب المقدس” -الذي يقع على أراضي قرية لفتا المقدسية التي هُجّرت في عام 1948- قاعة للعلم الذي تُروى قصته وتُناقش أهميته من مُنْظَرَات مُتعددة.
وفي القاعة يُعرض علم إسرائيل القديم الضخم على طاولة مُضاءة باللونين الأبيض والأزرق، حيث تأخذ الإضاءة زوار القاعة في رحلة تجذبهم للتعاطف مع إسرائيل، وبجوار أحد الأعلام الصغيرة كُتب “يُرمز هذا العلم لقُدرة الأمم على التعاون بنجاح في الفضاء وعلى سطح الأرض أيضًا”.
ويُعرض في القاعة أيضًا علم إسرائيل الذي تم إطلاقه إلى الفضاء في أول رحلة دولية عام 1975، وقُدّم وقتها كهدية لرئيس الدولة بعد توقيعه من قِبَل رواد الفضاء الأمريكيين الثلاثة الذين شاركوا في الرحلة.