بين الشاشة والواقع.. كيف تغيّر “الريلز” نظرتنا للعالم؟
17/8/2024
–
|
آخر تحديث: 17/8/202410:07 م (بتوقيت مكة المكرمة)
كم مرة نتصفح “الريلز” على فيسبوك وإنستغرام دون وعي؟ هل يمكن أن تتضمن هذه التجربة حقائق فكرية؟ وهل هناك وسيلة لفهم العالم أفضل من خلال مراجعة الخيارات التي نتخذها على وسائل التواصل الاجتماعي؟ والجواب هو: نعم. لقد اعتمدت الدراسات التقليدية على المعرفة النصية كوسيلة لبناء القدرات الفكرية لعدة قرون، مما ساعد في الوصول إلى معاني أعمق ضمن الخطابات الأكاديمية والاجتماعية والثقافية.
تستهدف “الريلز” جذب انتباه المشاهدين واحتفاظهم، من خلال عرض تنسيقات سريعة مع صور وموسيقى جذابة، مما يخلق تجربة ساحرة. لذا، فإن محتوى “الريلز” يمكن أن يكون مغريًا بشكل خاص، مما يؤدي إلى المتابعة لفترات طويلة وإمكانية حدوث إدمان.
مقاطع “الريلز”: اتجاه جديد في الوسائل
نحن الآن أمام اتجاه جديد مثير يعرف بـ”ريلز”، وهو مصطلح يشير إلى مقاطع الفيديو القصيرة على إنستغرام وفيسبوك.
تتميز هذه المقاطع عادة بموسيقى مميزة وانتقالات سريعة، مما يجعل محتواها جذابًا للمستخدمين. ومع تزايد شعبية مقاطع “ريلز”، يصبح من المهم فهم التأثيرات الذهنية المحتملة لهذه الظاهرة، إذ أصبحت “الريلز” شكلاً جذابًا من أشكال الترفيه نظرًا لخصوصيتها.
صُممت “الريلز” لجذب انتباه المشاهدين؛ حيث تقدم تنسيقًا سريعًا مدهشًا مع صور وموسيقى ساحرة. يمكن أن تكون تلك التجارب سريعة الوتيرة مثيرة، مما يؤدي إلى سلوكيات متابعة مستمرة وإمكانية الإدمان.
غالبًا ما تُظهر هذه المقاطع نسخة مثالية من الواقع، تعرض أنماط حياة مثيرة، وجهات سياحية جميلة، ولحظات مثالية. من الضروري أن ندرك أن ما يُعرض في “الريلز” هو في الغالب مجرد مشهد مخصص، لا يمثل بالضرورة الحياة اليومية الواقعية.
يمكن استخدام “الريلز” كمنصات لإنشاء وإيصال المحتوى الرقمي، والتأثير على الأفراد، وخلق الوعي بالعلامات التجارية، والدفاع عن قضايا اجتماعية، وعرض الإبداع، إلى جانب كونها وسيلة للترفيه.
تأثير “الريلز” على الثقافة والاتجاهات الاجتماعية
تعتبر منصات التواصل الاجتماعي واحدة من أبرز الوسائل التي تعكس التغيرات الثقافية والاجتماعية في المجتمعات الحديثة؛ ومقاطع “ريلز” تبرز كأداة فعالة، لا تقتصر فائدتها على المحتوى الإبداعي والترفيهي فحسب، بل تُعتبر أيضًا مرآة تعكس المعايير الثقافية والاتجاهات الاجتماعية السائدة.
على الرغم من استخدام “الريلز” للمحتوى الإبداعي والترفيهي، فإن تأثيرها يتجاوز هذا الاستخدام، حيث تمثل “الريلز” نافذة لرؤية وفهم المعايير الثقافية المعاصرة، والاتجاهات الاجتماعية المتنوعة.
تسمح هذه المنصة للمستخدمين بعرض محتوى يعكس اهتماماتهم وأفكارهم، ما يجعلها مصدرًا غنيًا بالبيانات عن الواقع الثقافي والاجتماعي. تمتاز “الريلز” بأنها ليست مجرد منصة ترفيهية، بل هي أداة تعبر عن نبض المجتمع، وتمنحنا رؤية جيدة للتغيرات الحالية في الثقافة والمجتمع.. حيث يمكن للباحثين الاستفادة من هذه المنصة للحصول على رؤى شاملة تتناول الواقع الحديث، مما يعزز من فهمنا للثقافة والتواصل في العصر الرقمي.
يمكن لشخص ما استخدام “الريلز” كأداة لإنشاء المحتوى الرقمي وجعله متاحًا، مع التركيز على التأثير على الجماهير، وزيادة الوعي بالعلامات التجارية، والدفاع عن القضايا الاجتماعية، وعرض الإبداع. إن إحياء المقاطع الموسيقية والمعلوماتية عبر وسائل التواصل الاجتماعي له تأثير كبير على الثقافة، حيث يفتح آفاقًا جديدة للموسيقى العالمية ويكسر حواجز اللغة.
زيادة على ذلك، تستخدم “الريلز” لإنستغرام كوسيلة لتشغيل الحملات الاجتماعية، مما يغير ديناميكيات حركات التغيير الاجتماعي ويعزز نطاقها من المحليات إلى العوالم الكبرى. بهذا، تخلق هذه المنصات مساحة للنشاط الرقمي تصل لجمهور عالمي، مما يؤثر على كيفية تعامل المجتمعات مع قضية معينة والنضال من أجل حقوقهم.
تُعتبر هذه الأرشيفات الرقمية بمثابة دليل على التحولات الثقافية عبر الزمن؛ حيث تجسد عودة إحياء الموسيقى والمعلومات طرق جديدة لارتباط الناس بالمجتمع والثقافة، مما يسمح لجمهور عالمي بالوصول إلى تنوع ثقافي واسع. لذلك، تعزز هذه المنصات التواصل الثقافي وتساهم في تبادل الأفكار والمفاهيم بطرق لم يكن ممكنًا تحقيقها من قبل.
إن التفاعل المستمر مع هذه المقاطع قد يؤدي إلى تأثيرات عقلية ونفسية، مثل القلق والاكتئاب بسبب المقارنات المستمرة مع الآخرين، مما قد يشعر الأفراد بعدم الرضا عن حياتهم.
التأثيرات النفسية والعقلية لمقاطع “ريلز”
بينما توفر مقاطع “ريلز” مصدرًا للمتعة، إلا أنها قد تؤثر أيضًا سلبًا على الصحة العقلية. ومن هنا، فإن فهم تأثير “الريلز” على الصحة العقلية يُعد أمرًا بالغ الأهمية، لتطوير استراتيجيات تعزز العلاقة الصحية مع هذه المنصات، وهو يتطلب الوعي بالآثار النفسية المرتبطة بمحتوى “الريلز” والتقليل من الوقت الذي نقضيه في مشاهدتها، بالإضافة إلى تعزيز التفكير النقدي في المحتوى المعروض.
التفاعل المستمر مع هذه المقاطع قد يؤدي أيضًا إلى تأثيرات نفسية مختلفة، مثل القلق والاكتئاب نتيجة المقارنات المتكررة مع الآخرين، والشعور بالنقص أو عدم الرضا عن الحياة.
لذا، يجب أن يتم التعامل مع محتوى “الريلز” بمسؤولية، بالوعي بأن ما يُعرض ليس دائمًا حقيقيًا أو يعكس الواقع بصدق، والحد من الوقت المخصص لمشاهدتها بهدف الحفاظ على صحتنا النفسية. من خلال فهم التأثيرات المترتبة على مقاطع “الريلز”، يمكننا اتخاذ خطوات مبكرة للتعامل مع هذه الظاهرة الرقمية بطريقة مسؤولة، وضمان عدم تأثيرها سلبًا على حالتنا النفسية.
إذا لاحظنا أن “الريلز” أو وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر سلبًا على صحتنا النفسية، فإن التواصل مع الأصدقاء أو الخبراء في الصحة النفسية يمكن أن يقدم استراتيجيات للتكيف ويضمن تجاوز التحديات المرتبطة بالاستعمال الرقمي.
طرق الاستمتاع بمقاطع فيديو “ريلز” مع الحفاظ على الصحة العقلية
في عصرنا الرقمي الحالي، تقدم منصات مثل إنستغرام وفيسبوك مجموعة متنوعة من المحتويات، خاصة في شكل مقاطع فيديو “ريلز” القصيرة والجذابة. تُظهر هذه المقاطع عادة لحظات مثالية من الحياة اليومية أو تقديمات ترفيهية، مما قد يكون محفزًا وملهمًا.
ومع ذلك، يمكن أن يؤدي الاستهلاك المستمر لمقاطع “الريلز” إلى تحديات لصحتنا العقلية، مثل الشعور بالنقص وزيادة الوقت المخصص للعرض. للتعامل مع هذه التحديات بشكل مسؤول، من المهم اتخاذ استراتيجيات تركز على الحفاظ على صحتنا العقلية، وفي الوقت نفسه الاستمتاع بالمحتوى الرقمي، ومن هذه الاستراتيجيات:
- أولًا: التوعية بمشاعرنا. إن التعرف على كيفية تأثير مقاطع “الريلز” على مزاجنا يتيح لنا اتخاذ خطوات وقائية عند الشعور بمشاعر سلبية، مما يدفعنا للمشاركة في أنشطة تحفز الفرح والراحة، مثل المشي أو القراءة أو قضاء الوقت مع الأحباء، وهذا يساعد في استعادة التوازن العاطفي. من المهم أيضًا ممارسة اليقظة الذهنية أثناء مشاهدة المحتوى، حيث تساعد على إدراك الجانب المثالي منه، مما يقلل من تأثيره.
- ثانيًا: تحديد الوقت المخصص للشاشة أمر جوهري.. يجب تخصيص فترة زمنية محددة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومشاهدة “الريلز” لتجنب تضخيم الوقت اليومي. يمكن تسهيل ذلك باستخدام تطبيقات أو ميزات تتبع وقت الشاشة على أجهزتنا للتحكم في عادات الاستخدام.
- ثالثًا: متابعة الحسابات التي تعزز مفهوم إيجابية الجسم، الوعي بالصحة، والأصالة، وذلك لتوسيع المدارك بعيدًا عن الصور المثالية التي تُعرض عبر “الريلز”. الإندماج في أنشطة الحياة الحقيقية يساهم في خلق نمط حياة أكثر صحة ونشاطًا. ويؤدي تخصيص وقت لهوايات وتقنيات التفاعل الشخصي إلى تقليل الاعتماد على الترفيه الرقمي ويزيد من إشراكنا في أنشطة غير رقمية تعزز الرضا الشخصي.
وفي الختام، إذا لاحظنا تأثير “الريلز” أو وسائل التواصل الاجتماعي بالسلب على صحتنا النفسية، فإن التواصل مع الأصدقاء والعائلة أو المتخصصين في الصحة النفسية قد يساعد في تطوير استراتيجيات للتكيف وتجاوز تحديات الاستهلاك الرقمي.
بالاعتماد على هذه الإرشادات، نأمل أن يستطيع الأفراد الاستمتاع بمحتوى “الريلز” بشكل مسؤول مع الحفاظ على صحتهم النفسية، مما يضمن أن تبقى وسائل التواصل الاجتماعي مصدرًا للمتعة والإلهام، دون أن تؤثر سلبًا على الحياة اليومية.
رابط المصدر