تأثير التكنولوجيا على الانتخابات: تحول عميق في الدعاية
تتواصل معركة الدعاية، التي رافقت الحياة الإنسانية منذ البداية، في التطور والتغيير على جميع الأصعدة، بدءاً من الفكرة، وصولاً إلى سبل تعزيزها وترسيخها في أذهان الناس. ويعد الإنسان في سباق دائم بهذا الصدد، حيث ساهمت الدعاية في تشكيل مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لتصبح فكرة راسخة منذ ظهور الدعوة الإسلامية.
وقد شهد مفهوم الدعاية تحولاً على مر الزمن، مع تطور أساليب العمل والدعوة. اليوم، نرى العشرات من الحملات الانتخابية، حيث يسعى الجميع للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس من أجل الحصول على ما يعرف بـ”الشرعية”.
تطور وسائل الدعاية وأثرها
في عام 1952، كانت الانتخابات الأميركية مهمة جداً، حيث لعبت وسائل الإعلام مثل التلفزيون والراديو دوراً محورياً في نقل الأخبار بشكل فوري إلى الجمهور، مما أتاح للمراسلين تغطية الأحداث السياسية بكفاءة. وأدى ذلك إلى تأثيرات كبيرة على سلوك الناخبين، بما في ذلك أول مناظرة تلفزيونية بين جون كينيدي ونيكسون عام 1960، والتي غيرت بشكل جذري طرق الدعاية السياسية.
في عام 2024، نجحت التكنولوجيا في تحسين العمليات الانتخابية بشكل كبير، حيث أصبح بإمكان الناخبين التسجيل والتصويت باستخدام هواتفهم الذكية، مما يطرح تساؤلات حول فعالية ونزاهة تلك العمليات.
الذكاء الاصطناعي: فوائد ومخاطر
تسارع التطور في الذكاء الاصطناعي ساهم في تعزيز العمليات الانتخابية، وزيادة التفاعل بين الناخبين. من خلال أدوات مثل منتديات النقاش على وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح بمقدور الناخبين أن يشاركوا بشكل أكبر في العملية الانتخابية.
وفقًا لدليل اليونسكو، يسهم الذكاء الاصطناعي في جعل الانتخابات أكثر دقة وشفافية، ويتيح تواصلًا أفضل مع الناخبين بناءً على سلوكياتهم. من جهة أخرى، يثير استخدام الذكاء الاصطناعي مخاوف بشأن الامكانيات السلبية، مثل انتحال الهوية وتزييف المعلومات، مما يؤثر على نزاهة الانتخابات.
أصبحت مسألة تلاعب الناخبين قضية حيوية في العديد من البلدان التي تستعد للانتخابات. وقد حذر الأمين العام للأمم المتحدة من المخاطر المتزايدة لهذا الاستخدام، مما يضعف ثقة الجمهور.
استراتيجيات للحد من استخدام الذكاء الاصطناعي: حقيقة أم سراب؟
مع اقتراب نحو 4 مليار شخص من انتخابات تزيد عن 60 دولة، تواجه هذه الدول تحديات كبيرة فيما يتعلق بالتضليل والتلاعب باستخدام الذكاء الاصطناعي. لذا، قامت الأمم المتحدة بتأسيس لجنة استشارية تضم خبراء من مختلف المجالات لتعزيز الأطر التنظيمية واستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول.
تسعى الأمم المتحدة إلى وضع معايير شاملة للتقليل من المخاطر المرتبطة بفقدان الحقوق، كما تم اعتماد قرار يضمن حق الإنسان في استخدام التكنولوجيا بينما يحمي الجميع من الاستخدامات الضارة.
بينما يبدو أن هناك فعلاً جهدًا مبذولاً للتعامل مع هذه القضايا، تبقى الأسئلة قائمة: هل هذه الحلول فعالة حقًا، أم أنها مجرد وعود مؤجلة بلا جدوى؟
رابط المصدر