خضوع العادات المجتمعية للذوق العام
تأثير الزمن والمكان على العادات الاجتماعية
تتغير العديد من العادات الاجتماعية والتقاليد نتيجة لتغير الظروف الزمانية والمكانية. فعند الإشارة إلى العادات الاجتماعية، نعني تلك الأعراف التي رسخت بين الناس واعتادوا عليها، وتجاهلتها الشريعة الإسلامية إما بالتقبل أو الرفض.
وهناك مجموعة كبيرة من العادات والتقاليد التي لم تتدخل فيها الشريعة الإسلامية، بل تركتها لتكون متروكة للذوق المجتمعي العام، مثل عادات اللباس والطعام والمظاهر العامة، حيث وضعت الشريعة ضوابط عامة تنظمها حتى لا تتحول إلى أمور تتعارض مع الآداب العامة.
الذوق العام كمعيار أساسي للعادات
فالباس والألوان بالنسبة للرجال والنساء يخضعان للذوق العام، مثلًا، اللون الأسود قد يُعتبر مقبولًا في مجتمع ما، بينما يُرفض في آخر.
إذاً، العادات الاجتماعية تتحدد وفقًا للذوق العام المجتمعي الذي يتطور على مر الزمن، والذي غالبًا ما لا يخضع لقياسات أو قواعد ثابتة. لذا، ما قد يُعتبر مقبولا في مجتمع ما يمكن أن يُرى على أنه غير مقبول في آخر.
وفي سياق ذلك، فإن مظهر الملابس وحقيبة اليد أو حتى طريقة تناول الطعام في الأماكن العامة يمكن أن تختلف مقبوليتها بين المجتمعات.
تغييرات الذوق عبر الزمن
الذوق العام أيضًا يتأثر بتغير الأزمنة، فمثلاً، كان الشعر الطويل للرجال يُعتبر علامة على التقوى في فترة معينة، لكن مع مرور الزمن، أصبح مُرفوضًا. في مدينتي، ربما نرى أشخاصًا ينظرون باحتقار لمن يُطيل شعره.
أما القبعات، التي كانت تُعتبر علامة للمروءة، فقد أصبحت اليوم كلمة مستهجنة بكثير من المجتمعات، وهذا يدل على روح التغيرات التي تطرأ على التقاليد.
السعي لفهم القيم الاجتماعية
الشريعة الإسلامية توجب الالتزام بالعادات ما لم تخالف الآداب العامة المتعارضة مع قيم الحياء.
الكثير من العادات والتقاليد تُعتمد على ما يراه الذوق المجتمعي، مما يفسر قلة النصوص الشرعية التي تتعلق بهذه المسائل. ويشير الله تعالى إلى أهمية العرف في حياته اليومية، وهذا ما يظهر من قوله: {خُذِ العَفو وَأۡمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَن الجاهلِین} [سورة الأعراف:199].
من هنا، نجد أن السؤال عن الأحكام الجزئية المتعلقة بهذه العادات قد يكون غير مُجدي، حيث ينبغي منح الأولوية للعرف الذاتي في المجتمع.
ضرورة مراعاة الذوق العام
ومع ذلك، فإن عرض هذه الأذواق وكأنها تعكس أحكام الشريعة هو أمر خاطئ، فيجب مراعاة الأعراف المجتمعية وبقاء الشريعة متماشية مع الآداب العامة. الشريعة تتطلب الالتزام بالقيم ما لم تتعارض مع معايير الحياء والأخلاق، وهذا هو المهم في فهم العادات والتقاليد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
رابط المصدر