تبادل المعاملات يعيق أزمة نتنياهو ويفني شعار “النصر الكامل”

Photo of author

By العربية الآن



تبادل المعاملات يعمق أزمة نتنياهو ويبدد شعار “النصر الكامل”

%d9%81 1705815340
يشعر نتنياهو بتفكك ائتلافه الحكومي الذي يضم اليمين المتطرف إذا تمت صفقة تبادل مع حماس (رويترز)

المدينة المقدسة- تعكس زيادة دائرة الاحتجاجات الإسرائيلية الملتمسة لإعادة المعتقلين الأسرى لدى حركة حماس، في إطار صفقة تبادل حتى إذا كان ذلك يتطلب وقف إطلاق النار، مظاهر الهزيمة ومؤشرات مبكرة على خسارة إسرائيل للحرب ضد غزة، وعدم قدرة على تحقيق “النصر الكامل” الذي تعهد به رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وفقا لمحللين إسرائيليين.

ويظهر تقديرات عديدة أن نتنياهو يواجه وضعًا صعبًا مع توسع دائرة الاحتجاجات التي تطالب بإعادة المعتقلين، وبالتالي، يمكنه مواصلة سياسة التماطل التي يلجأ إليها لنقل هذه الأزمة إلى الطرف الآخر وهو حركة حماس، ويتجه نحو اجتياح رفح، بهدف تلبية مطالب شركائه في الائتلاف الحكومي من اليمين المتطرف والمستوطنين.

يخشى نتنياهو، حسب تحليلات المختصين، من اتخاذ قرارات صعبة قد تؤدي إلى تفكك ائتلاف حكومته، إذ لا يقوم بواجباته كما ينبغي في إدارة شؤون البلاد.

أثناء النزاع، برأي القادة الأمنيين وشركائه في حكومة الطوارئ من التحالف “المعسكر الوطني”، الوزير بيني غانتس وعضو مجلس الحرب غادي آيزنكوت.

الإعلامي الإسرائيلي، يوآف شطيرن: الأيام المقبلة ستكون حاسمة بشأن مفاوضات الهدنة وصفقة التبادل
الإعلامي الإسرائيلي يواف شطيرن: الأيام المقبلة ستكون حاسمة بشأن مفاوضات الهدنة وصفقة التبادل (الجزيرة)

التخلي عن المسروقين

بدليل على تزايد الضغط الداخلي على الحكومة، أوضح الإعلامي الإسرائيلي المتخصص بالشؤون العربية والفلسطينية، يواف شطيرن، أن الاحتجاجات تتسع في المدن الإسرائيلية بعد دعوة عائلات المحتجزين للمشاركة في رفض سياسة حكومة نتنياهو المتعلقة بإمكانية التوصل إلى صفقة تبادل.

في حديثه للجزيرة نت، ربط شطيرن اتساع الاحتجاجات بالاقتناعات التي ترسخت لدى جمهور واسع من الإسرائيليين، مؤكدًا أن حكومة نتنياهو وحلفاءه من المستوطنين لا يريدون صفقة، بل يفضلون الاستسلام للمحتجزين، واستمرار النزاع بالتوغل بري في رفح.

كانت عائلات المحتجزين حذرة في بادئ الأمر من الاحتجاجات، وابتعدت عن طلب إنهاء النزاع ووقف القتال لتجنب انقلاب الرأي العام الإسرائيلي عليها، ولكن مع مرور الوقت، رفعت تدفق مطالبها، ودعت الحكومة للتوصل إلى صفقة تبادل حتى إذا كان الثمن هو وقف الاشتباكات، مما يشير إلى هزيمة نتنياهو الذي كان يصوغ شعار “الانتصار المطلق”.

حتى لا تظهر صور الهزيمة في العقلية الإسرائيلية، يقترح شطيرن أن “حكومة نتنياهو تواصل التكبر والتركيز على الخطة الملتوية في ملف المختطفين بغض النظر عن اتساع نطاق الاحتجاجات، في ظل التحول داخل حكومة الطوارئ وتصاعد أصوات من غانتس وآيزنكوت، يدعون إلى جعل ملف المختطفين أولوية”.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يشير شطيرن إلى انتقادات موجهة لحكومة نتنياهو من قادة مختلف الأجهزة الأمنية التي تعارض الموقف الرافض لإبرام صفقة تبادل، “وتتردد في الأروقة الصوتية انتقادات حادة للتلبس بالمفاوضات وتفادي مسألة المختطفين، خاصةً أن غالبية الجمهور الإسرائيلي مع إبرام صفقة تبادل”.

يعتقد الصحفي الإسرائيلي أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في مفاوضات الهدنة وصفقة التبادل، ويرى أنه في حال رفضت حماس الاقتراح ورفعت سقف مطالبها ظنًا منها في تحقيق نجاحات أخرى، فإن نتنياهو قد يتسلّح بذلك ويقرر الاقتحام في رفح، “مما سيغير كل أوراق اللعبة ويمكن أن تتوقف المفاوضات تمامًا”.

ويتوقع شطيرن أن يعيد نتنياهو أزمة صفقة التبادل إلى حماس بفعل الاقتحام في رفح، حتى لو كان الثمن الاستسلام للمحتجزين وقتلهم خلال العملية العسكرية، وهي الأزمة التي قد تفشل فيها اسرائيل دوليًا واقليميًا من أجل الحفاظ على تحالف حكومته ومصالحه السياسية الشخصية.

مظاهر الهزيمة

من جانبه، يرى الباحث في “مركز التقدم العربي للسياسات” والمتخصص بالشؤون الإسرائيلية، أمير مخول، في حديث للجزيرة نت، أن اتساع الاحتجاجات في المدن الإسرائيلية المطالبة بإعادة المحتجزين بالتبادل، وتزايد الأصوات المدعية لوقف النزاع، تعكس مظاهر توضح أن الانتصار المطلق الذي وعد به نتنياهو لا يمكن تحقيقه، وتظهر مظاهر الهزيمة بوضوح.

كما يتضح وجه الهزيمة، بنظر مخول، من خلال الانقسام في حكومة الطوارئ، والتضارب في المواقف بشأن صفقة التبادل، حيث يهدد غانتس وآيزنكوت بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم إعادة المحتجزين، في حين يهدد الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بتفكيك التحالف إذا أديت الصفقة إلى وقف الاشتباكات.

يقول مخول “ليلبي رغبة الأحزاب اليمينية المتطرفة والمستوطنين ويتجنب تفكيك التحالف يتخذ نتنياهو سياسات لتوسيع صلاحيات بن غفير في جهاز الشرطة والأمن”الحبس، وشارع الموت في الضفة الغربية التي لها أهمية بالنسبة للتيار اليهودي الديني في مقابل قطاع غزة”.

يُعتقد بأن نتنياهو يواجه أزمة داخلية بسبب توسّع المظاهرات والاحتجاجات، ويخشى من فرض الصفقة عليه بضغوطات أمريكية، فضلاً عن ضغوط إقليمية تأتي من دول عربية وعلى رأسها مصر.

ويرجح أنه إذا لم يوافق نتنياهو على توقيع صفقة تضمن عودة المحتجزين، فإنه من الممكن أن تشتعل المظاهرات والاحتجاجات، وتتصاعد الحركة الإسرائيلية لتصل لمرحلة الإضراب والتصادم والصدام، وهو المشهد الذي يخشاه نتنياهو أيضاً.

المستشار في مركز التقدم العربي للسياسات والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أمير مخول: فُسح المجال لنتنياهو يُقتـرب بشكل واضح
المستشار في مركز التقدم العربي للسياسات أمير مخول: فُسح المجال لنتنياهو يُقتـرب بشكل واضح (الجزيرة)

مساحات متقلصة

وأشار إلى أن حملة عسكرية في رفح لا تُعدّ استراتيجية في سياق الحرب على غزة، حيث كانت رفح في بداية العدوان تستخدم لتهجير الفلسطينيين من القطاع، إلا أن صمود أهل غزة أحبط هذه الخطط.

وأكد بأن رفح أصبحت محل أزمة في كل النقاشات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن العديد من الإسرائيليين يثورون بسؤال “لماذا نحتلها؟”، وأشار إلى أن رفح “لم تعد تُعتبر استراتيجيّة، بل تحولت ليكون مقبرة استراتيجية لنجاح نتنياهو المزعوم”.

وفي ظل هذا الواقع، يعتقد مخول بأن مساحات المناورة لنتنياهو تصغر بشكل واضح، وأنه لم يعد لديه القدرة على المناورة أمام عائلات المحتجزين التي تأكدت من الحقيقة من خلال الفيديوهات التي نشرتها حماس بأن هناك أمل لعودتهم، وهذا يُعطي الأمل لذويهم، والأهم من ذلك أن حماس تسعى لصفقة تبادل، على النقيض مما يدعيه نتنياهو.

وبالتالي، يقول مخول “سيكون من الصعب على نتنياهو تفادي الصفقة المقترحة إلا إذا قرر المجازرة، وفي تلك الحالة سيكون الخسارة أعظم وستحدث مجازر كبيرة”. وأضاف بأن “تردده في احتلال رفح ناتج عن التورط الاستراتيجي، وليس بسبب الضغوط الدولية، الأمر الذي يجعل جميع السيناريوهات ممكنة بما في ذلك الاحتمالات المتضادة للأفكار الإسرائيلية”.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.