لعبة العداءات السياسية.. لماذا لا يفضل ماكرون نتنياهو؟
“انتصارنا هو انتصار لكم، وانتصاركم هو انتصار لنا، هذه معركة الحضارة اليهودية المسيحية ضد البربرية”
- بنيامين نتنياهو مخاطبا الفرنسيين
نتنياهو والموقف الحساس
في 30 مايو/أيار الفائت، ظهر بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلي، في لقاء تلفزيوني على القناة الفرنسية الأولى “تي إف 1”. كان هذا الظهور هو الأول له على شاشة فرنسية منذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتحدث خلال حوالى 30 دقيقة، حيث استعرض مخاوفه من “الإرهاب الإسلامي” وكيف يؤثر ذلك على فرنسا وإسرائيل. وأشار إلى أن الإجراءات القانونية التي تعرّض لها لا تستهدف شخصه، بل تضر مصلحة دولة إسرائيل.
خلال هذا اللقاء، ذكر نتنياهو أنه يزعم أنه يسعى لتقديم المساعدات للشعب الغزي، معرباً عن قلقه على المدنيين الفلسطينيين. في الوقت نفسه، كانت مظاهرات حاشدة تجري أمام مقر القناة حيث تجمّع المحتجون للاحتجاج على ما اعتبروه ترويجاً لرجل مسؤول عن إراقة الدماء لتحقيق أهدافه.
قلق باريس من الاعتقالات
في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. هذا التطور وضع فرنسا في موقف محرج. فرغم دعم ماكرون المعلن لإسرائيل، إلا أن بلاده وجدت نفسها ملزمة بالامتثال لأحكام المحكمة الدولية، وهو ما دفع وزارة الخارجية الفرنسية للإعلان عن دعمها للقانون الدولي من دون توضيح أنها ستقوم بأي إجراء ملموس تحت هذا السياق.
كانت فرنسا تدعم فيما سبق الحرب التي شنها نتنياهو، ولم يكن ذلك ناتجًا عن إعجاب ماكرون بشخصيته، بل كان تعبيراً عن التوجه الأوروبي العام لدعم إسرائيل والذي يتجاوز الخلافات الشخصية.### اعتقال نتنياهو: موقف غامض من فرنسا
في موقف أثار الكثير من الجدل، أكدت فرنسا أنها لن تعتقل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو وزير الدفاع يوآف غالانت إذا وطئا الأرض الفرنسية، مستندةً إلى كون إسرائيل ليست عضواً في نظام روما الأساسي. ومع ذلك، تراجعت باريس لاحقاً عن هذا الموقف وأوضحت أن نتنياهو يتمتع بالحصانة.
تقلبات الموقف الفرنسي
لم تدم فترة الفراق بين الموقفين الفرنسيين طويلاً، لكن الكثير من التطورات جرت خلال هذه الأيام القليلة. فالموقف الأول يعكس توجهاً فرنسياً اعتمد على سياسة “شد الحبال” تجاه تل أبيب. هذه السياسة تشمل تقديم الدعم لإسرائيل مع بعض التحفظات، والتي غالباً ما تتجاهلها تل أبيب، ما ألقى بظلاله على علاقات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نتنياهو، والتي يمكن وصفها بأنها “مرتبكة” على أقل تقدير.
في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خرج ماكرون عن صمته المعتاد وانتقد نتنياهو، قائلاً إن “الدفاع عن الحضارة لا يكون بنشر الهمجية في كل مكان” خلال مؤتمر دولي لدعم السيادة اللبنانية، وهو ما جاء رداً على تصريحات نتنياهو التي اعتبر فيها الحرب على غزة ولبنان أنها “حرب الحضارة ضد الهمجية”.
انتقادات ماكرونية متزايدة
لقد جاءت تعليقات ماكرون في إطار سلسلة من الانتقادات التي وجهها نتنياهو، بدأت بالتلويح بفرض حظر على توريد الأسلحة إلى إسرائيل، ثم انتقلت إلى انتقاد عدم التزام إسرائيل بمقررات الأمم المتحدة. هذا الانتقاد العلني من زعيم غربي، والذي أشار إلى طريقة تأسيس الدولة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية، استدعى رداً عنيفاً من نتنياهو الذي زعم أن إسرائيل تأسست “بدماء مقاتليها الأبطال”.
جهود فرنسية لاستعادة الدور الإقليمي
يبدو أن مؤتمر دعم لبنان كان محاولة يائسة من فرنسا لاستعادة دورها في الصراع القائم في الشرق الأوسط. لكن المؤتمر لم يحظَ بحضور واسع ما عدا ممثل حكومي واحد، بينما غاب وزير الخارجية الأميركي “أنتوني بلينكن” وعزا البعض ذلك إلى عدم رغبة واشنطن في دعم تحركات باريس.
منذ توليه الرئاسة في عام 2017، سعى ماكرون لإعادة بلاده إلى الساحة الشرق أوسطية بعد التراجع الذي شهدته في السنوات الأخيرة. بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، زادت الدبلوماسية الفرنسية بشكل ملحوظ، حيث اقترح ماكرون تشكيل “تحالف دولي ضد حماس” وأعلن عن خطوات عدة من بينها توفير مساعدات طبية لغزة.
الاحتجاجات ضد الاحتلال
على الرغم من ذلك، فقد فشلت فرنسا في إحراز تقدم واضح في سياستها الخارجية. فقد أظهرت الأحداث الأخيرة، خاصةً بعد انطلاقة “طوفان الأقصى”، تأكيد الدعم الرسمي والشعبي الإسرائيلي، مما يجعله تطورًا غير مسبوق لصورة فرنسا السياسية.
تتسرب الانتقادات من مختلف الدوائر حول سياسة ماكرون، حيث يجد نفسه محاصراً بين اليسار الذي يتهمه بالتواطؤ مع الجرائم الإسرائيلية، وبين اليمين الذي يتهمه بعدم دعمه الكافي لإسرائيل.
هل يحب ماكرون “بيبي”؟
في الختام، يبدو أن سياسة ماكرون تجاه حرب غزة لم تفهم بعد بشكل كامل أو ترضى عنها الأطراف المعنية، بما في ذلك إسرائيل ونتنياهو. إن هذه الديناميات تعكس الوضع السياسي المعقد الذي تواجهه فرنسا في الفترة الحالية.## صراع العلاقات الفرنسية الإسرائيلية: ماكرون ونتنياهو في مواجهة
في تطور جديد في العلاقات بين الحكومة الفرنسية برئاسة إيمانويل ماكرون وإسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو، يبدو أن التوترات تزداد بصورة ملحوظة. حيث اختار نتنياهو ماكرون ليكون محور استيائه بسبب lack of دعم الغرب لحربه. وقد تجلى هذا الاستياء بعد تصريحات ماكرون السابقة حول نشأة إسرائيل، مما أدى إلى ردود فعل قوية من نتنياهو عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث استرجع تاريخ النظام الفرنسي الموالي للنازية.
تبادل الاستياء: ماكرون ونتنياهو
تعكس هذه المناوشات اللفظية مدى الكراهية بين ماكرون ونتنياهو، فلا يبدو أن أحدًا منهما يفضل الآخر. وعلاوة على ذلك، تشير التقارير إلى أنه ليس هناك دعم كبير لشخص نتنياهو في الغرب، حتى من ترامب الذي يشير صهره جاريد كوشنر إلى انعدام ولاء ترامب لنتنياهو. لكن الخلاف بينهما لم يعد محصورًا في الغرف المغلقة؛ بل خرج إلى العلن، مما أدى إلى تحول الموقف الفرنسي نحو الكيان الإسرائيلي.
العلاقات الفرنسية الإسرائيلية: نحو الوراء
ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن نتنياهو وماكرون أعادا العلاقات بين فرنسا وإسرائيل إلى الوراء نحو 30 عامًا. ومن أبرز علامات هذا التحول هو إشارات ماكرون بحظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، رغم أن قيمة الصادرات الفرنسية لا تُشكل نسبة كبيرة مقارنة بالدعم الأميركي الكبير لها. ولكن هذا التلويح يعد رمزيًا جدًا، حيث يذكر بموقف ديغول في عام 1967 عندما حظر تصدير الأسلحة عقب الحرب.
التاريخ يعيد نفسه
واصلت العلاقات الفرنسية الإسرائيلية تراجعها بعد فترة ديغول، وبدأت تتأرجح بين التحفظ والدعم في عصور الرؤساء الفرنسيين اللاحقين مثل جاك شيراك، الذي أبدى موقفا مشابها عن القضية الفلسطينية. بعد ذلك، مع مجيء نيكولا ساركوزي، زادت العلاقة توطدًا، وهو ما استمر معه فرانسوا هولاند.
ماكرون: بين الدعم والتردد
في الآونة الأخيرة، عُقد لقاء بين ماكرون ونتنياهو، حيث أعرب الرئيس الفرنسي عن قلقه تجاه الضربات الإسرائيلية في غزة، مما يعبر عن الانقسام المتزايد بينهما. في الأروقة الداخلية، عبر ماكرون عن عدم ارتياحه من تصرفات نتنياهو، مشيرًا إلى عدم إمكانية دعم بعض السياسات الإسرائيلية.
لبنان.. الأثر الخفي
في ظل هذه التطورات، تظل العلاقات الإسرائيلية اللبنانية تلقي بظلالها على الموقف الفرنسي، حيث تُعتبر كلمة السر من حيث الضغوط والقلق المتزايد من تصاعد عمليات العنف. إن التوترات بين ماكرون ونتنياهو تلقي بظلالها على كيفية تعاطي فرنسا مع القضايا السياسية الشائكة في المنطقة.## ماكرون في مواجهة الجرائم الإسرائيلية
يبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في موقف محرج جراء الجرائم الحالية التي ترتكبها إسرائيل، ما يعكس موقفه المتأرجح بين دعم إسرائيل والتنديد بتصرفات حكومة نتنياهو المبالغة. رغم أن وسائل الإعلام الفرنسية والعديد من السياسيين، باستثناء بعض عناصر اليسار، يعتبرون أن لإسرائيل حق الدفاع عن النفس، إلا أن الضحايا من النساء والأطفال والمواطنين الأبرياء يُعتبرون خسائر جانبية مبررة.
حكم الجنائية الدولية
جاء حكم المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف نتنياهو ووزير الدفاع غالانت ليزيد من تعقيد الموقف السياسي لماكرون، مما يجعل فرنسا وأوروبا في موقف محرج أكثر خاصة في ظل الضغوط التي يمثلها فلاديمير بوتين. وفي حين أن الولايات المتحدة انتقدت المحكمة، تخشى أوروبا من أن التحركات ضد إسرائيل قد تعزز موقف روسيا، التي ستستغل الوضع للتأكيد على المعايير المزدوجة التي يتبعها الغرب في العدالة.
المصالح البراغماتية لفرنسا
تشير الدوافع البراغماتية إلى أن ماكرون يود تحجيم سلوك إسرائيل، بتوجهه نحو لبنان، حيث تعتبر باريس لبنان نقطة محورية في سياستها الشرق أوسطية. في الوقت الذي بدا فيه نتنياهو متجها نحو توسيع نطاق القصف ليشمل لبنان، تزداد مخاوف الإليزيه من تداعيات ذلك.
اجتماع مجموعة “ميد 9”
في 11 أكتوبر، عبر ماكرون عن غضبه تجاه إسرائيل خلال اجتماع قادة مجموعة “ميد 9″، محذرًا من استهداف الجيش الإسرائيلي لقوات الأمم المتحدة في لبنان، وخاصة بعد القصف الذي استهدف مقر عمليات اليونيفيل. وأكد ماكرون على أهمية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، مبررا موقفه بضرورة الحد من العنف في المنطقة.
تصاعد التوترات مع حزب الله
مع تصاعد الأحداث في لبنان عقب اغتيال قيادات حزب الله، أصبح واضحًا لماكرون أن نتنياهو لم يكن صادقًا في مواقفه، بل يسعى لتوسيع الصراع، مما زاد من الهوّة بين فرنسا وإسرائيل.
موقف فرنسا من نتنياهو
بعد إصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو، اتخذت فرنسا موقفا غير حاسم في محاولة للحصول على تنازلات من نتنياهو بشأن لبنان وأعادت تأكيد موقفها في التعاون لتحقيق سلام في الشرق الأوسط. ومع ظهور بوادر حل بالملف اللبناني، صرحت فرنسا بأن نتنياهو سيتمتع بحصانة من المحكمة الجنائية الدولية، مما يعكس محاولة للحفاظ على العلاقة مع إسرائيل في السياق الدولي.
في النهاية، يُظهر موقف فرنسا أن العلاقات مع إسرائيل لا تزال تمثل أولوية، وأن أي تفكير في العدالة الدولية لا يمثل سوى عنصر ثانوي في العلاقات الدبلوماسية.