مسلمو بريطانيا بين مخاطر التطرف وخطورة الإسلاموفوبيا
وجد مسلمو بريطانيا أنفسهم فجأة في موقف صعب، حيث يسعى الإعلام الغربي لزيادة مشاعر الإسلاموفوبيا، في وقت يستغل فيه اليمين المتطرف أي حدث للطعن في المسلمين وتحريض الرأي العام ضدهم. هذه الديناميات أدت إلى تصاعد عنيف في البلاد لم يحدث منذ 13 عامًا.
ما الذي جرى في بريطانيا مؤخرًا وأدى إلى هذه الفوضى؟ وما هي الدوافع وراء هذا التحريض ضد الجالية المسلمة؟ في السطور التالية، نستعرض هذه الأحداث وأثرها على المجتمع المسلم.
الخوف والذعر الذي اجتاح المجتمع المسلم، خاصة من النساء اللواتي تعرضن لتهديدات بالاغتصاب، جعلهن يتخوفن من الخروج إلى الشوارع، خصوصًا المحجبات، تخوفاً من الاعتداءات العنصرية.
حادث مقتل الفتيات
أسفر حادث مقتل ثلاث فتيات طعنًا، وإصابة عشرة آخرين، على يد مراهق لم تكشف السلطات عن هويته، عن حدوث موجة من العنف ضد المسلمين في مدينة ليفربول، بعد انتشار معلومات خاطئة تشير إلى أن الجاني كان “لاجئًا مسلمًا”.
تبع ذلك سلسلة من الاحتجاجات في عدد من المدن البريطانية، أسفرت عن أعمال عنف، حيث حاول أنصار اليمين المتطرف مهاجمة مساجد في مدينتي ساوثبورت وسندرلاند، مرددين شعارات عنصرية ضد المسلمين، وهاجموا منشآت تأوي المهاجرين.
الحقيقة الساطعة
القاتل، الذي زعم أنه مسلم، تبين أنه ولد في بريطانيا ويدعى “أكسيل”، حيث لا علاقة له بالإسلام أو الهجرة. لكن هذه الحقائق لم تمنع من تصاعد موجة العنف ضد المسلمين والمهاجرين، كأن الطائفة المسلمة تعاقب على حبوب موروثة لا تعود إليهم.
انتشرت الشائعات عبر منصة “إكس” وحققت ما يقارب 6 ملايين مشاهدة خلال ساعات. بل شجعت أيضًا على التجمعات العنيفة والاعتداء على المساجد والمهاجرين.
قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إنه سيتخذ خطوات لتعزيز الأمن وردع أي عنف ضد الجالية المسلمة، مؤكدًا على ضرورة محاسبة المتورطين في الأعمال التخريبية.
موقف الحكومة من الأحداث
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ألقى باللائمة على اليمين المتطرف بشأن أعمال العنف التي شهدتها البلاد، مؤكدًا أن هذه الظاهرة نتيجة لجذور عميقة تسهم في انتشار كراهية المهاجرين. ومع ذلك، لا تزال الحكومة غير قادرة على تحديد الأطراف المسؤولة بشكل واضح، مما يزيد من حالة القلق بين المجتمع المسلم.
كما أكد ستارمر على أهمية تعزيز الأمن وملاحقة المتورطين في الأعمال التحريضية، محذرًا من الانخراط في أي نشاط يسىء إلى المهاجرين أو المسلمين.
تشير إحصاءات رسمية إلى انخفاض أعداد المهاجرين الذين يعبرون القناة البريطانية، مما يثير التساؤلات حول مصداقية الدعاية التي يروجها اليمين المتطرف بشأن ارتفاع أعداد المسلمين في البلاد.
تفنيد أكاذيب اليمين المتطرف
يبلغ عدد المسلمين في بريطانيا حوالي 4 ملايين، أي حوالي 6.5% من إجمالي السكان، ويعيش كثير منهم في ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، ويعاني هؤلاء من القصور في الخدمات والفرص المتاحة لهم.
يسعى المجلس الإسلامي في بريطانيا من خلال الإحصاءات إلى تصحيح الصورة التي يُروج لها من قبل اليمين المتطرف، مؤكدًا على أن الجالية المسلمة ما تزال تحت ضغط التهميش والإقصاء.
يجب على مسلمي أوروبا الاستفادة من كل الوسائل المتاحة لتحقيق العدالة، والاندماج في العملية السياسية، وإيجاد أطر قانونية لحماية حقوقهم.
اعتقالات جراء الأحداث
صرحت الشرطة البريطانية بأنها قامت بالقبض على أكثر من ألف شخص حتى الآن إثر أعمال الشغب التي نفذها أنصار اليمين. وقد وُجهت اتهامات لنحو 575 منهم بعد أحداث العنف التي استهدفت المسلمين والمهاجرين.
شملت الاعتقالات معظم مناطق البلاد، حيث صدرت أحكام بالسجون بحق بعض المشتبه بهم بسبب التحريض عبر الإنترنت.
كلمة أخيرة
من الواضح أن أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا تكثف جهودها لاستهداف المسلمين، وذلك وسط دعم حكومي يسهم في تعزيز شعور الكراهية والمخاوف من الإسلام. وتبقى الجاليات المسلمة ضحية لتداعيات هذه الصراعات، مما يشدد على ضرورة تمكين المسلمين في أوروبا من استخدام جميع وسائل النفوذ القانونية والسياسية المتاحة لحماية أنفسهم وضمان حقوقهم.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
رابط المصدر