“أنت وطفلك في حالة من العصبية والتوتر، بينما يبتعد عن وجبة الحبوب بمفرده، تطالبين طفلك بأكله ثلاثين مرة، دون أي رد فعل. في لحظة قبل أن يبتدأ بالأكل، قد تجدين نفسك مضطرة للخروج سريعاً، حيث لا يفصلك سوى ثلاث دقائق عن دوي جرس المدرسة”.

كان هذا وصفاً موجزاً تقدمه أستاذة علوم التغذية في جامعة جنوب أستراليا الدكتورة إيفانغلين مانتزيوريس، للسباق اليومي الذي تواجهه معظم العائلات كل صباح، للفوز بتناول أطفالهم لوجبة الإفطار، والانتقال إلى المدرسة في الوقت المحدد.

تقول مانتزيوريس إن آخر الأبحاث العلمية من 2011-2012 تشير إلى أن حوالي 12% من الصبية و15% من الفتيات اللواتي يتراوح أعمارهم بين سنتين و17 عاماً، لا يفطورون.

فيما يتعلق بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً، حوالي 25% من الأولاد و36% من الفتياتيغيبون عن تناول هذا وجبة. وأوضحت أن هذه النموذج من النتائج -وإن كانت أسترالية- تتشابه إلى حد ما بالمعدلات المعلنة لتخطي وجبة الفطور، في جميع أنحاء الكرة الأرضية.

المأكولات الأهم لفلذتك في النهار

في عام 2020، جرت مراجعة علمية حول “تزايد ظاهرة تجاهل معظم الأطفال في جميع أنحاء العالم لوجبة الفطور”، لأسباب تتضمن:

• قلة الوقت
• أسلوب الحياة الأسري
• عدم الشعور بالجوع في الصباح

وأشار التقرير إلى “التأثير السلبي لذلك على الصحة”، إذ ذكروا الباحثون أن وجبة الفطور هي الأهم في اليوم، “من حيث تأثيرها على الذاكرة والمزاج وأداء الأطفال ولياقتهم البدنية” وأن تناولها بانتظام “يُعتبر أحد أهم المؤشرات الرئيسية لأسلوب حياة صحي”.

ووفقاً لموقع “رايز تشيلدرن” الممول من الحكومة الأسترالية، “تعطي وجبة الفطور الأطفال والمراهقين الطاقة اللازمة للعب والتعلم والتذكر وحل المشكلات، وتقلل من تشتت انتباههم بسبب عدم الشعور بالجوع، مما يساعدهم على الأداء بشكل أفضل في المدرسة”.

لهذا يوصي الموقع بتنظيم منبه طفلك 10 دقائق مبكراً، أو تجهيز وجبة الفطور في الليلة السابقة، إذا كان وقت الصباح المزدحم لا يسمح بفرصة كافية لتناول الفطور. ويحذر من أن “الأطفال الذين يُغيبون وجبة الفطور، لا يستعيدون عادة أي مغذيات فاتتهم خلال باقي النهار”.

العوامل الأساسية لوجبة فطور طفلك الصحية

بحسب “رايز تشيلدرن”، فإن وجبة الفطور الصحية للأطفال، يجب أن تتضمن مجموعة متوازنة من المأكولات، تشمل:

• الفواكه والخضراوات.
• البقوليات.
• الشوفان والحبوب.
• البيض المسلوق أو الأومليت.
• خبز الحبوب الكاملة.
• الزبادي ومنتجات الألبان.

كما تؤكد إدارة الغذاء والتغذية التابعة لوزارة الزراعة الأميركية أن وجبة الفطور الصحية يجب أن تحتوي على 3 مجموعات مأكولاتية رئيسية مثل الحبوب والحليب والفواكه “لتوفير كمية كافية من البروتين والألياف والمعادن والفيتامينات والمواد الغذائية الدقيقة الأخرى”.

وتقول اختصاصية التغذية العلاجية، كارا غان، إن “خيارات الفطور الذكية تتضمن الأمور الغنية بالكربوهيدرات، مثل الفواكه والحبوب الكاملة” وهي مأكولات يتم هضمها ببطء، “مما يجعلها توفر إمداد منتظم من الجلوكوز اللازم للتغذية” بالإضافة إلى منتجات الألبان الغنية بالبروتين والدهون، “التي تضمن حصول الدماغ على ما يكفي من الطاقة حتى وقت الغداء”.

الفطور والمستوى التعليمي لفلذتك

وفقًا لموقع “ذا كونفرزيشن”، أجرى باحثون في علم النفس التربوي في بداية هذا العام، دراسة شملت 648 من طلبة المدارس الثانوية الأسترالية، بمتوسط أعمار تتراوح بين 13 و 14 عامًا، أكملوا استبيانًا عبر الإنترنت حول عاداتهم في تناول وجبة الفطور، وما يتبع ذلك.إذا كانوا قد تناولوا وجبة الإفطار في تلك الصباح، فما هي أصناف الطعام التي يفضلون تناولها عادة في الفطور.

وهذا ليعرفوا مدى صحة تناول الطلاب لوجبة الإفطار، وتأثيرها على تحفيزهم وتحسين أدائهم الدراسي، وحماستهم للعلم.

وقدموا إجابات مفيدة حول الاختلاف بين تناول إفطار صحي، أو إفطار غير صحي، أو عدم تناول إفطار على الإطلاق.

استنادًا إلى الإرشادات الغذائية الوطنية الأسترالية، سجل الباحثون عدد المرات التي يتناولها الطلاب الأطعمة الصحية في وجبة الإفطار، “مثل الفواكه والخضروات والألبان والبروتين والحبوب الكاملة والماء”.

وعدد المرات التي يتناولون فيها إفطارًا غير صحي، “مثل المشروبات السكرية واللحوم المصنعة والوجبات السريعة والمخبوزات والوجبات الخفيفة غير الصحية”.

الآثار المدهشة على العلماء

توصلت الدراسة إلى أن الطلاب الذين اختاروا تناول وجبة إفطار صحية في صباح اليوم الدراسي، “ظهروا بمستويات أعلى من التحفيز والإنجاز، والحماس لدروس العلوم، والثقة في أداء الواجبات المدرسية، والتركيز على التعلم، مما ساهم في حصولهم على نتائج أفضل في اختباراتهم العلمية”.

وما أدهش العلماء هو أن “الطلاب الذين لم يتناولوا وجبة الإفطار كانت لديهم مستويات منخفضة من التحفيز والإنجاز، متشابهة لأولئك الذين اختاروا تناول إفطارًا غير صحي”.

وعزوا ذلك إلى أن “تناول وجبة إفطار غير صحي، يمكن أن يكون مدمرًا للتحفيز والإنجاز، لأن تناول الأطعمة غير السليمة لا يغذي العقل أو الجسم بشكل صحيح، كما هو الحال عند عدم تناول إفطار على الإطلاق”.

وما أكثر دهشتهم كانت إظهار الدراسة أن “الطلاب المعروفين بأدائهم الممتاز سابقًا في العلوم، كانت لديهم انخفاض في الحماس والإنجاز إذا لم يتناولوا الإفطار، أو تناولوا إفطارًا غير صحي”.

بالإضافة إلى ذلك، أكدت النتائج على أهمية تعليم الطلاب تناول وجبة إفطار صحية يوميًا، وإفطار خفيف صحي أيضًا في منتصف النهار ضمن المناهج الصحية والتربوية.

وفي السياق نفسه، يجب على الآباء الحصول على المعلومات حول أهمية إبداع وجبات صحية لأبنائهم، وكذلك استراتيجيات تقديمها؛ حيث يمكن أن يكون التغيير البسيط والممكن تحقيقه يوميًا، له تأثير إيجابي على تحصيل أبنائهم العلمي.