تحول الطماطم من “فاكهة” غامضة ذات أصول لاتينية إلى “ملكة” في جميع المطابخ العالمية

By العربية الآن



رحلة الطماطم من “فاكهة” لاتينية غامضة إلى “ملكة” المطابخ العالمية

Fresh tomatoes on wood background
لم تكن الطماطم معروفة خارج أميركا الوسطى والجنوبية قبل اكتشاف الأوروبيين لما أسموه “العالم الجديد” (غيتي إيميجز)

إذا تم سؤالك عن العنصر الأكثر شيوعاً بين المطابخ العالمية اليوم، فإن الإجابة ستكون غالباً الطماطم، أو البندورة كما تُعرف لدى بعض الثقافات. أصبحت هذه “الفاكهة” الحمراء جزءاً لا يتجزأ من العديد من الأطباق حول العالم.

تعد الطماطم فاكهة من الناحية النباتية، حيث تنمو من مبيض الزهرة وتحوي بذوراً، وهي خصائص تُحدد الفاكهة، ورغم استخدامها بشكل شائع في الأطباق المالحة، إلا أن تصنيفها كفاكهة يعتمد على هيكلها ونموها النباتي.

الغريب أن الطماطم لم تُعرف خارج أميركا الوسطى والجنوبية قبل اكتشاف “العالم الجديد”، ووجد الأوروبيون أنها غير صالحة للأكل في البدء، حيث اعتبرها البعض سامة.

تُعتبر الطماطم من النباتات الأصلية في أميركا الجنوبية، خاصة من شمال تشيلي إلى جنوب الإكوادور، حيث تم استهلاكها من قِبل السكان الأصليين لقرون، وبدأت زراعتها في المكسيك حوالي عام 500 قبل الميلاد، وكانت آنذاك صغيرة الحجم، صفراء اللون وحامضة الطعم.

على مر الزمن، شهدت الطماطم عمليات تدجين وتحسين، وأصبحت مكوناً أساسياً في النظام الغذائي للأزتيك وسكان أميركا الوسطى.

بدأت زراعة البندورة حوالي عام 500 قبل الميلاد وكانت حينها صغيرة الحجم وذات لون أصفر وطعم حامض (بيكسلز)

دخول الطماطم إلى أوروبا

أدخل المستكشفون الإسبان الطماطم إلى أوروبا في القرن السادس عشر.

في البداية، كان الأوروبيون يتعاملون معها بحذر، مُعتبرين إياها نباتاً للزينة وليس للاستهلاك، ولهذا لم يتم تناولها على نطاق واسع في تلك الفترة، وكان يُزرع غالباً كنوع من الزينة في الحدائق. ومع مرور الوقت، أدرك الأوروبيون قيمتها الغذائية، وبدأ استخدامها في الطهي.

في كتابه “كيف وقعنا في حب الطعام الإيطالي”، يشير الأستاذ دييغو زانكاني أن الطماطم كانت تُعتبر “فاكهة” غير مألوفة، ولكن تلك الشكوك زالت شيئاً فشيئاً، وأصبحت جزءاً أساسياً من العديد من الأطباق، وبدأ الناس في زراعتها واستهلاكها خاصة في المناخ الملائم للمتوسط.

بينما استمر الإسبان في استهلاك الطماطم بشكل كبير، كانت الطماطم تُعتبر مجرد نبات زينة في ثقافات أخرى، وبدأ تناولها في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، لكنها انتشرت بشكل واسع بحلول منتصف القرن الثامن عشر في أوروبا ومستعمراتها.

في أميركا الشمالية، كان أول ظهور للبندورة المزروعة عام 1710 في ولاية ساوث كارولينا، ومع توسع الإمبراطورية الإسبانية، انتقلت الطماطم إلى الفلبين في منتصف القرن السادس عشر، حيث بدأت زراعتها وانتشرت سريعاً إلى دول جنوب شرق آسيا.

وبحلول نهاية القرن السادس عشر، وصلت الطماطم إلى الصين والهند، حيث أُطلق عليها “الباذنجان الأجنبي” بسبب تشابهها مع الباذنجان التقليدي.

تعامل الأوروبيون مع الطماطم بحذر في البداية واعتبروها نباتا للزينة فلم تُستهلك على نطاق واسع (وكالة الأنباء الأوروبية)

الشرق الأوسط والطماطم

حتى القرن الثامن عشر، كانت البندورة غير معروفة في الشرق الأوسط، لكن في أواخر ذلك القرن، أدخلها القنصل البريطاني في حلب، جون باركر، حيث انتشرت زراعتها في بلاد الشام، ثم إلى مصر وشمال أفريقيا، وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، أصبحت شائعة جداً.

تعتبر منطقة الشرق الأوسط اليوم من أكبر منتجي الطماطم في العالم، حيث تأتي كل من تركيا ومصر على رأس قائمة الدول المنتجة، بعد الصين والهند والولايات المتحدة.

تعتبر الطماطم من بين المحاصيل الأكثر إنتاجا على مستوى العالم والتي تُزرع على نطاق واسع في جميع القارات (Getty)

البندورة اليوم

تعتبر الطماطم اليوم من أكثر المحاصيل انتشاراً عالمياً، حيث تُزرع بكميات ضخمة، وهي مكون أساسي للعديد من الأطباق في مختلف الثقافات، من الهند والصين إلى أوروبا والأميركتين وأفريقيا.

تحتل الطماطم المركز الثاني بين المحاصيل الزراعية بعد البطاطس، وتزرع في جميع المناخات من الحارة في إيطاليا وإسبانيا إلى الباردة في أميركا الشمالية.

تعتبر من بين المحاصيل الأكثر إنتاجا، وهي تُزرع في جميع القارات.

للطماطم مكانة خاصة في الثقافة الأوروبية، فهي ليست مجرد غذاء، ففي إسبانيا، يُقام مهرجان “لا توماتينا” في الثامن والعشرين من أغسطس من كل عام، حيث يحتفل الناس بالطماطم في أجواء احتفالية.

كما تُقدر الطماطم ثقافياً في إيطاليا، حيث يوجد في مدينة بارما متحف مختص بتاريخها واستخدامها في المطبخ الإيطالي.

تُستخدم البندورة في تحضير العصائر وصنع الصلصات الشهيرة مثل الـ”تابوليتان” الإيطالية و”إسبانيول” الفرنسية (شترستوك)

الطماطم.. ملكة المطابخ

تعتبر الطماطم فاكهة من الناحية النباتية، ولكن بسبب مذاقها المميز وخصائصها الفريدة، بدأت تنافس الخضروات في عالم الطهي، حيث تُستخدم في مجموعة واسعة من الأطباق، وهي عنصر أساسي في المطبخ العالمي.

تتميز بإمكانية تناولها كطازجة في السلطات، أو كجزء من الأطباق المطبوخة، كما تُستخدم في تحضير العصائر والصلصات الشهيرة.

تعتبر مكوناً رئيسياً في الأطباق المشهورة عالمياً، وتلعب دوراً محورياً في المطبخ المتوسطي، كما تُستخدم في الأطعمة الآسيوية والصينية.

باختصار، تظل الطماطم عنصراً أساسياً في المطبخ، مما يجعلها بحق تستحق لقب “ملكة المطابخ”.

المصدر: الجزيرة



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version