ترسيم الحدود بين تركيا وسوريا وتأثيره على صراع المتوسط

Photo of author

By العربية الآن


هل يعيد ترسيم الحدود بين تركيا وسوريا تشكيل ملامح صراع المتوسط؟

turkish seismic research vessel oruc reis is seen in istanbul, turkey, august 22, 2019. picture taken august 22, 2019. reuters/murad sezer
سفينة التنقيب التركية “عروج ريس” في إسطنبول (رويترز)

<

div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>
أنقرة- أثار تصريح وزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو، في ديسمبر/كانون الأول 2024، حول استعداد تركيا للتفاوض مع سوريا بخصوص ترسيم الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط، تساؤلات حول إمكانية الاتفاق الذي قد يعيد تشكيل التوازنات السياسية والاقتصادية في المنطقة.

قال أورال أوغلو إن الاتفاق سيسهم في تعزيز نفوذ كلا البلدين في الاستكشافات الطاقية، مضيفًا أن أي تفاهم مستقبلي سيكون وفق أحكام القانون الدولي.

بدوره، أكد الوزير التركي أن أنقرة تأمل بالتوصل إلى تفاهم مع الإدارة السورية الجديدة حول ترسيم الحدود البحرية، مشيرًا إلى أن الاتفاق المحتمل سيتيح للدولتين “توسيع وتقاسم مناطق التنقيب عن النفط والهيدروكربونات ضمن إطار حقوق القانون الدولي”.

و رغم ذلك، أكد أورال أوغلو أن “المفاوضات ليست ضمن جدول أعمال تركيا حاليًا”، مشددًا على أهمية معالجة القضايا الأساسية أولًا.

تقديرات المسح الجيولوجي الأميركي، عام 2010، تشير إلى أن منطقة حوض الشام تحتوي على حوالي 3450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي و1.7 مليار برميل من النفط.

قلق إقليمي

تصريحات الوزير التركي، رغم كونها “مجرد مقترح” مؤجلاً حتى تشكيل حكومة سورية معترف بها، لم تلقى أي رد رسمي من الجانب السوري، لكنها قوبلت بمعارضة من عدد من الدول التي رأت في الخطوة تهديدًا للتوازنات الإقليمية في شرق البحر المتوسط.

صحيفة “كاثيميريني” اليونانية ذكرت أن كل من أثينا ونيقوسيا بدأتا تحركات ضمن الاتحاد الأوروبي لمواجهة احتمال إبرام اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين تركيا وسوريا، معتبرتين أن هذا الاتفاق قد يضر بمصالح قبرص.

خلال قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة، أعرب الزعيمان اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والقبرصي نيكوس كريستودوليدس عن قلقهما، مؤكدين أن الاتفاق سيمثل “تجاهلاً للحقوق السيادية لقبرص”، واصفينه بأنه “غير مقبول”.

كذلك، أصدرت وزارتي الخارجية اليونانية والقبرصية بيانات شديدة اللهجة ضد الاتفاق المحتمل، واعتبرتاه “غير قانوني” لأنه ينتهك القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، محذرة من تداعياته السلبية على العلاقات بين تركيا واليونان.

وفي هذا الإطار، أكدت قبرص أنها تتابع التطورات عن كثب، مشددة على ضرورة التنسيق مع اليونان لإطلاع قادة الاتحاد الأوروبي على التحركات التركية والسعي للحصول على دعمهم، حيث أوضح المتحدث باسم الحكومة القبرصية كونستانتينوس ليتيمبيوتيس أن “أي اتفاق بحري يجب أن يحترم حقوق قبرص السيادية ويلتزم بالقانون الدولي”.

turkish navy continue to guard and escort drilling and seismic research vessels
سفينة حربية تركية تحرس إحدى سفن التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط (الأناضول)

الخطوط الحمراء

تصريحات المحلل السياسي حول الحدود البحرية

في حديثه للجزيرة نت، أكد المحلل السياسي أحمد أوزغور أن المخاوف من اقتراح تركيا لترسيم الحدود البحرية مع سوريا تعكس زيادة التوتر في شرق المتوسط، نتيجة التنافس الإقليمي على النفوذ والموارد.

سعي تركيا لتعزيز نفوذها

أوضح أوزغور أن تركيا تسعى عبر هذه الخطوة إلى تعزيز وجودها الإقليمي، مشيراً إلى موقفها السابق بعدم الاعتراف بالإدارة القبرصية اليونانية كممثل وحيد للجزيرة. وأكد على أهمية إشراك جمهورية شمال قبرص التركية في أي مفاوضات تتعلق بالموارد أو الحدود البحرية.

وأضاف أوزغور أن أي اتفاق بحري بين تركيا وسوريا ” سيكون مشروعا في حال تم وفق القانون الدولي”، مبيناً أن المخاوف اليونانية والقبرصية بشأن انتهاك حقوقهما السيادية قد تكون مبنية على افتراضات أكثر من كونها حقائق، خاصة أن تركيا سبق أن قدمت مبادرات للتعاون الإقليمي التي قوبلت بالرفض، حفاظاً على المصالح الأحادية.

وأشار إلى سعي تركيا لتوسيع نفوذها دون تجاوز الحدود الحمراء، مبدياً الاستفادة من نجاحها في الاتفاق البحري مع ليبيا. وأكد أوزغور أن هذه المخاوف تعكس قلقاً مبالغاً فيه، حيث تسعى تركيا لتعزيز موقفها القانوني والسياسي مع إبقاء المجال مفتوحاً لحلول تعاونية تخدم جميع الأطراف.

ذاكرة إقليمية: اتفاقية ليبيا

تأتي مقترحات الحدود البحرية مع سوريا بالتوازي مع اتفاقية أبرمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج في عام 2019. كانت هذه الاتفاقية تهدف إلى ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا وأثارت جدلاً واسعاً داخلياً وإقليمياً.

الجدل حول اتفاقية ليبيا

عانت الاتفاقية وقتها من اعتراضات شديدة لأن حكومة السراج لم تمثل الدولة الليبية بالكامل، وقد اعتبرت دول عديدة أن المشاركين الليبيين في الاتفاقية “لا يملكون التفويض الشعبي أو الشرعية القانونية” لتوقيعها. وتعرضت أنقرة لانتقادات لاستغلال علاقتها بحكومة طرابلس لمصلحة استراتيجية في مياه المتوسط، مما أثار حفيظة بعض الأطراف الإقليمية.

على الرغم من الاعتراضات، أقر البرلمان التركي الاتفاقية في 5 ديسمبر 2019، وأقرها أيضاً المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً. وفي عام 2020، منح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاتفاقية بُعدًا قانونيًا دوليًا بموجب المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة. ومع ذلك، لم تنهِ هذه المصادقات الجدل حول الاتفاقية التي اعتبرت تحركًا أحاديًا يعيد رسم خارطة النفوذ في شرق المتوسط.

مكاسب محتملة بين تركيا وسوريا

يعتقد الباحث في العلاقات الدولية مصطفى يتيم أن استقرار وسلام دائمين في سوريا سيكونان بمثابة فرصة لبناء شراكة قوية بين تركيا وسوريا، كما هو الحال مع ليبيا وقطر وأذربيجان.

من خلال تعاون تركيا وسوريا، قد تحتوي هذه الشراكة على جوانب متعددة، مثل تشكيل سوق طاقة مستدام وحل قضية قبرص بشكل عادل. وأضاف يتيم أن التعاون القائم الآن مع ليبيا وكذلك المبادرات الممكنة مع لبنان، ستساعد في تحقيق توازن في معادلة القوى شرق المتوسط أمام دول مثل إسرائيل ومصر.

تأثير الاستقرار على الاقتصاد السوري

أما بالنسبة للجانب السوري، يدل يتيم على فوائد الوصول المستقر إلى الأسواق الأوروبية واكتشاف احتياطيات الطاقة في شرق المتوسط دون الانزلاق في صراعات جديدة. كما يمكن التعاون التكنولوجي أن يساهم في تفعيل الموانئ لتحسين التجارة. ومع ذلك، شدد يتيم على ضرورة توفير بيئة مستقرة وآمنة لتحقيق هذه الأهداف.

وفيما يتعلق بتركيا، أوضح يتيم أن هذه التطورات تمثل فرصة لتعزيز حقوق تركيا وحماية مصالح جمهورية شمال قبرص التركية، خاصة فيما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة وترسيم الحدود البحرية.

المصدر: الجزيرة

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.