في إطار حملته الانتخابية، صوّر الرئيس المنتخب دونالد ترمب نفسه كـ “رمز للسلام وقاهر الحروب”، حيث تمكن من تحقيق الفوز على منافسته الديمقراطية. وقدّم وعوداً طموحة لوقف التصعيد في مناطق النزاع مثل غزة ولبنان، والعمل على مواجهة التهديدات الإيرانية، إنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية التي تقترب من عامها الثالث.
التصعيد في المنطقة
تقديراً لوعوده، تابع برنامج “تقرير واشنطن” الذي يُنتج بالتعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، الخطط التي وضعها ترمب لتحقيق السلام، مع تحليل دلالات اختياره لأفراد في إدارته قد تكون مواقفهم متناقضة في بعض القضايا الخارجية.
أكدت دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع السابقة لشؤون الشرق الأوسط، أن الوقت لا يزال مبكراً لتقييم ما سيقدمه ترمب في إدارته المقبلة، مشيرةً إلى التحديات في إحلال السلام في منطقة تعاني من النزاعات المستمرة. وأوضحت أنه رغم وعده بالدعم لإسرائيل، يجب أيضاً الأخذ بعين الاعتبار حقوق الفلسطينيين واللبنانيين.
بدوره، اعتبر كيفن بارون، الصحافي المتخصص في الشؤون العسكرية، أن الفريق الذي اختاره ترمب لسياسته الخارجية يمثل مزيجاً من التقليديين والراغبين في التصعيد ضد إيران، مشيراً إلى وجود تحديات كبيرة في هذا السياق.
وذكر بارون وجود السفير الأميركي المعين في إسرائيل، مايك هاكابي، كأحد الأمثلة الدالة، حيث يُعرف بتأييده الكامل لإسرائيل وهو ما يُعتبر عائقاً أمام تحقيق السلام الحقيقي.
من الجدير بالذكر أن ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت، لفت إلى أن تقليد الرؤساء الأميركيين في السياسة الخارجية تجاه الشرق الأوسط يرتكز غالباً على تجنب الارتباطات العميقة، مما ربما يؤثر على جهود ترمب في هذا المجال. وتوقع أن يسعى لترمب لتحقيق انخفاض في التورط الأمريكي في النزاعات الكبرى.
пйpففي الوقت نفسه، تتفق ستراول مع فكرة التركيز على القضايا الداخلية، حيث يُظهر فريق ترمب اتجاهه نحو العمل على جعل أمريكا أفضل، مع التحديات التي قد تنشأ من عدم استقرار مواقفه.
وعند النظر في استراتيجيات المنطقة، عبّر لوبارون عن تشاؤمه بشأن إمكانية تحقيق حل الدولتين، مشيراً إلى احتمال ضم إسرائيل للأراضي المحتلة بموافقة أمريكية، وما يترتب على ذلك من تبعات مستقبلية.
يرى لوبارون أن أسباب استمرار النزاع في لبنان وغزة تعود إلى حاجة نتنياهو المستمرة للحرب. ويشير إلى أن هذه واحدة من المشكلات التي يعاني منها في علاقته مع ترمب، حيث أن الأخير لا يرغب في الحرب. ويعتبر أنه سيكون من المثير للاهتمام رؤية كيف سيتفق الاثنان خلال الأشهر القادمة. ويبدي لوبارون قلقه من قرب لحظة الحساب بالنسبة لإسرائيل، التي تأجلت بسبب النزاع، مشيراً إلى أن عواقب ذلك ستكون كبيرة، ويتساءل إن كان ترمب سيقوم بلعب دور في السياسة الإسرائيلية مثلما فعل نتنياهو في السياسة الأمريكية.
إيران وسياسة الضغط القصوى
تلعب إيران دوراً محورياً في التصعيد بالمنطقة، ومع قرب تولي ترمب رئاسة الولايات المتحدة في 20 يناير، تزداد الأسئلة حول عودته إلى سياسة الضغط القصوى التي اتبعها في فترة حكمه الأولى. ويتساءل بارون عن ما يعنيه الضغط الأقصى بالنسبة للإيرانيين، متوقعاً دعماً غير مشروط لإسرائيل في أي هجمات خارجية. ويشير إلى احتمال القتال بين أمريكا وإيران في مناطق مثل سوريا والعراق.
كما توضح ستراول أن سياسة الضغط القصوى هي “نشاط” وليست هدفًا، حيث تحتاج إلى تحديد أهداف واضحة مثل احتواء البرنامج النووي الإيراني أو التصدي للإرهاب. وتؤكد أنه لتحقيق هذه الأهداف، يجب أن يكون هناك تعاون مع الحلفاء والجهود الدبلوماسية، وليس الاعتماد على العمل العسكري فقط.
الحرب الروسية – الأوكرانية
من بين الوعود التي قطعها ترمب إنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية في غضون 24 ساعة. ويشير لوبارون إلى أن الوضع الحالي يبدو وكأنه “رقصة” بين بوتين وترمب لإيجاد طريقة لإنهاء النزاع. وقد أضاف زيلينسكي نفسه لهذه الرقصة، مشيراً إلى أن كلا الطرفين يعاني من تأثيرات الحرب ويدركان أن تولي ترمب للسلطة سيؤثر على فترة النزاع.
ويعبّر السفير السابق عن توقعه بحل دبلوماسي قد لا يرضي جميع الأطراف، ولكنه قد يسجل كتأكيد على نجاح ترمب في إنهاء الحرب. في الوقت نفسه، يشدد بارون على أهمية تسريع تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا من قبل إدارة بايدن قبل تولي ترمب لمنصبه، حيث سيؤثر ذلك على وضعهم التفاوضي.
وتتفق ستراول على أن التصعيد الحالي يعد فرصة لتعزيز مواقف الطرفين قبل تنصيب ترمب، الذي وعد بالضغط نحو طاولة المفاوضات، مما سيؤدي إلى تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية من خلال التهديد بوقف المساعدات العسكرية.