تحولات المواجهة بين حزب الله وإسرائيل من 2006 إلى 2024
في حرب يوليو/تموز 2006، شنت قوات حزب الله هجوماً مُفاجئاً على الحدود، مما أدى إلى أسر جنديين إسرائيليين. هذه الخطوة دفعت إسرائيل للتفاوض على تبادلهما مع أسرى الحزب. استمرت الحرب لمدة 34 يوماً، وأسفرت عن تدمير واسع في الضاحية الجنوبية لبيروت والعديد من القرى في الجنوب، مع تسجيل حوالي 1300 شهيد لبناني وجرح 4000 آخرين، بالإضافة إلى نزوح مليون شخص.
مساندة غزة
اندلعت جولة جديدة من المواجهات على الحدود الجنوبية للبنان بعد عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. العملية اشتملت على هجوم براً وبحرياً وجوياً، مع تسلل مقاومين إلى عدة مستوطنات في “غلاف غزة”.
رداً على ذلك، أطلق حزب الله هجماته من الجنوب في 8 أكتوبر/تشرين الأول، مستهدفاً مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا، ومواصلاً استهداف المواقع الحدودية. ومع مرور الوقت، تطور القتال بشكل جذري، حيث أصبحت المواجهات مفتوحة، وتوسعت الاستجابة الإسرائيلية لتشمل الضاحية الجنوبية والبقاع.
تحول الأساليب
يُعتبر حزب الله اليوم أكثر قوة مما كان عليه في عام 2006، إذ أصبح مدي صواريخه يشمل مناطق مثل حيفا. وفقاً للباحث علي أحمد، فإن حجم مقاتلي الحزب تجاوز العشرة آلاف، مع توقعات تشير إلى أعداد كبيرة قد تصل لـ 14 ألف مقاتل. وقد ازداد تطور قدرات الحزب العسكرية بشكل لافت، بما في ذلك الطائرات المُسيرة وصواريخ تُعتبر تهديداً للأمن الإسرائيلي.
على الجانب الإسرائيلي، يتجهز الجيش للتعامل مع هذه التغيرات، حيث يشير المحلل علي مطر إلى أن الأساليب المتبعة في العمليات الحالية تختلف جذرياً عن الهجمات السابقة، حيث تشهد المناطق في البقاع وبعلبك عمليات قصف مكثف، بينما لم يكن هناك استهداف مباشر لمنطقة بيروت سابقاً.
### تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية
تشهد الأوضاع الراهنة تصعيداً ملحوظاً في العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث تستهدف إسرائيل بنجاح دقيق الأماكن التي تعتبرها ضرورية لعملياتها، مع تركيز خاص على الضاحية الجنوبية والجنوب اللبناني. تظهر الأنباء أن المعايير التي تعتمدها إسرائيل لاستهداف هذه المناطق قد تغيرت مقارنة بحرب يوليو/تموز، مما يعكس سعيهم لـ”تحميل بيئة حزب الله الثمن”.
سياسة اغتيالات جديدة
يوضح الباحث أن إسرائيل قد تنتهج سياسة الاغتيالات بشكل أكبر هذه المرة. بينما لم يكن لديهم إمكانية تنفيذها في حرب تموز بسبب نقص التكنولوجيا المتطورة، فإن التقدم التكنولوجي الحالي يمنحهم ديناميكية جديدة، حتى إنهم تمكنوا من اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
تطور القدرات العسكرية لحزب الله
في الجهة المقابلة، يلاحظ الباحث أن حزب الله قد تجاوز العديد من الحواجز، حيث أصبح بإمكانه استهداف تل أبيب ومستوطنات الضفة الغربية من خلال إطلاق صواريخ على المستوطنات الشمالية وصولاً إلى حيفا. وبخصوص الأسلحة، أشار الباحث إلى أن حزب الله يمتلك سلاح المُسيرات الذي شهد تطوراً كبيراً، ويحتفظ بعدد من الأسلحة التي لم تُظهر بعد كامل قدراتها.
وجود إيران وتغير ميزان القوى
يشير الباحث إلى أن تدخل إيران في الصراع يُعد عاملاً بارزًا جديداً حيث قامت بقصف الكيان الإسرائيلي، بالإضافة إلى وجود جبهات أخرى مثل الجبهة العراقية واليمنية. كما تمول هذه الأحداث صراعاً يمتد إلى غزة، مُشيرًا إلى تغييرات واضحة في مناطق القتال في لبنان وغزة، والتي قد تشير إلى إمكانية اندلاع حرب شاملة، وهو أمر لم يكن متوقعاً خلال حرب يوليو/تموز الماضية.
التحالفات الداخلية
يرى الكاتب علي أحمد أن السياق الحالي للحرب قد يكون أسهل مقارنةً بالحرب السابقة في صيف 2006، مشيراً إلى أن قدرات حزب الله آنذاك كانت أقل وقد واجه ضغوطاً شديدة من مختلف القوى اللبنانية. وفي تلك الفترة، كان يواجه تحديات داخلية كبيرة مع قوى مثل الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل.
تحولات في الدعم السياسي
بعيدًا عن حزب الله، أشار أحمد إلى أن موقف التيار الوطني الحر, رغم كونه كان شراكة مشروطة في حرب تموز، أصبح مُعترفاً به ومقبولًا خلال الأحداث الحالية. وأضاف مطر أن هنالك دعماً كاملاً من قبل الطائفة السنية لقضية المقاومة، مما يعكس تحولاً في التحالفات الداخلية.
مشهد التحالفات الحالي
يبرز الوضع الحالي وجود تحالفات متغيرة تعتبر معقدة، فبعد أن كانت الحكومة في حالة نشاط خلال حرب تموز، تعاني لبنان اليوم من غياب رئيس، حيث أصبحت البلاد في حالة تصريف أعمال. مما يشير إلى وجود ديناميكيات جديدة في الصراع الداخلي وتعقيداته.