تفجيرات أنقرة والأسئلة المفتوحة
### دوافع الهجوم
تعتبر العملية الإرهابية محاولة لوقف جهود المصالحة التاريخية مع الأحزاب الكردية، حيث جاءت بعد يوم من تصريح رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، بشأن احتمال إطلاق سراح عبدالله أوجلان إذا أعلنت الجماعة إنهاء النزاع مع الدولة. التصريحات تفتح باب النقاش حول إمكانية إعادة إحياء محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني، التي توقفت لفترة طويلة.
### توترات سابقة
وقد جاءت هذه التصريحات بعد مصافحة بهتشلي لأعضاء حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب، والذي ينتمي إلى أحزاب سياسية كردية. كما تزامنت مع الزيارة التي قام بها رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، إلى صلاح الدين دميرطاش، مما يدل على رغبة في بناء جسور الحوار.
### تأثير وفاة غولن
في سياق آخر، تأتي وفاة فتح الله غولن، زعيم جماعة “الخدمة”، لتضيف بعدًا جديدًا للأحداث. فقد كانت جماعته ذات تأثير كبير في الحياة السياسية في تركيا، خاصة بعد دعم حزب العدالة والتنمية عندما تولى الحكم.
### التأثير على الأمن الداخلي
يعتبر غولن ومنظمته جزءًا من المشهد التركي المعقد، وقد أثرت محاولات الانقلاب الفاشلة عام 2016 بشكل كبير على السياسات الأمنية في البلاد. مما أدى إلى اعتقالات واسعة النطاق ضد المشتبه فيهم من جماعته.
بناءً على ذلك، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مستقبل السياسة التركية وسبل المصالحة مع الأحزاب الكردية، في ظل تصاعد التوترات والمخاوف من الأعمال الإرهابية المتكررة.
## ضعف التحالف بين الحكومة التركية وجماعة فتح الله غولن
شَهِدَت تركيا فترة تحالف بين الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية وجماعة فتح الله غولن، والذي سمح للجماعة بالتأثير في مؤسسات الدولة مثل الشرطة والقضاء. وقد تمكنت الجماعة من إحباط محاولات حل حزب العدالة والتنمية عام 2008 بعد اتهامات واجهها الحزب بأنه تجاوز مبادئ العلمانية.
ومع ذلك، لم يدم هذا التحالف طويلًا، حيث فاجأت الحكومة بوجود عناصر في القضاء من جماعة غولن تعمل على تشويه سمعة وزرائها من خلال اتهامات الفساد، مما دفع الحزب إلى إجراء تغييرات في قيادات الشرطة في إسطنبول وأنقرة.
محاولة الانقلاب والاعتقالات الواسعة
تُلقي محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت عام 2016، والتي اتُهِمَت فيها جماعة غولن بالتخطيط لها، بظلالها على مستقبل الجماعة. عقب فشل الانقلاب، قامت الحكومة التركية بحملة اعتقالات شملت نحو 20% من أفراد القوات المسلحة، مما زاد من تداعيات الاتهامات حول تغلغل الجماعة في المؤسسات الأمنية.
كما أن الأسئلة بدأت تتزايد حول مستقبل الجماعة ودورها في التأثير على الوضع الداخلي في تركيا، خصوصًا بعد وفاة غولن.
المخاوف الأمنية والتحديات الإقليمية
تشهد المنطقة تحولات جديدة تجلت في الحرب على غزة والهجمات البحرية الحوثية، مما أدى لزيادة المخاوف حول الأمن التجاري عبر البحر الأحمر. هذا الأمر عزز أهمية طريق التنمية الذي تسعى تركيا لإقامته، وهو مشروع يهدف لربط الأسواق الآسيوية والأوروبية عبر شبكة طرق وسكك حديدية.
تشير الأبحاث إلى أن هذا المشروع التركي يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في ضمان موازنة النفوذ الإيراني في العراق وأيضًا تأمين المصالح الاقتصادية لتركيا في ضوء انسحاب الولايات المتحدة المحتمل من المنطقة.
الاستراتيجية التركية في العراق وسوريا
تسعى تركيا لدعم الحكومتين المركزيتين في العراق وسوريا، حيث يخشى صانعو السياسة الأتراك من تشكيل فراغ أمني في شمال سوريا قد يؤدي لموجات جديدة من الهجرة. تركز الاستراتيجية التركية على دعم نظام الأسد للحد من سيطرة المليشيات الكردية، ويسعى النظام السوري للاستفادة من بعض صلاحيات الحكم الذاتي.
التحديات الأمنية ومستقبل تركيا
تركيا تواجه تحديات كبيرة تعكسها الأحداث الأخيرة، مثل عملية أنقرة الإرهابية، التي تسلط الضوء على رغبة أطراف معينة في عرقلة جهود أنقرة لضمان الاستقرار الإقليمي وحماية الأمن القومي.
تدرك أنقرة أنه يجب وجود حكومات مركزية قوية على حدودها الجنوبية لضمان السيطرة على العناصر الإرهابية والمليشيات المسلحة التي قد تهدد الأمن القومي.
تمثل كل هذه التطورات تعقيد المشهد السياسي والأمني في تركيا وتأثيره على القرارات المستقبلية للدولة.