وصلاً لما تقدّم، ربما يمكن القول إن الشعب الفلسطيني يتقدّم شعوب العالم المُعرَّضة لاحتمال المبالغة في توقع الآتي مع عام 2025، وأعني بشكل محدد منكوبي قطاع غزة. سبب ذلك أن هول الثمن الفادح الذي تحمّل الغزاويون، ودفعوه بدمائهم، ودمار عمرانهم، جرّاء هجوم «طوفان الأقصى»، فاق كل تصوّر. ولأن عام 2024 مضى ولم يتحقق أدنى تقدم بشأن التوصل إلى وقف إطلاق نار يدوم بضعة أشهر، ويتيح للمهجّرين العودة إلى بيوتهم، أو ما تبقى منها، فمن الجائز الافتراض أن أهل غزة تحديداً يحق لهم رفع سقف التوقعات على نحو يخفّف، ولو نفسانياً، من قسوة معاناتهم التي تجاوز سقفُها كل حد ممكن الاحتمال، وفق تقارير ممثلي المنظمات الدولية كافّة. لكن الذهاب بعيداً في التوقع، خصوصاً إنْ لم يستند إلى حقائق قائمة على أرض الواقع، فلن يفيد على الإطلاق. يصح هذا في الشأن الفلسطيني كما في غيره، كما الشأن السوري، مثلاً.
ضمن سياق ما تقدّم، ربّ قائل إن التَوَقُّع المتفائل بإمكانية تغيير الواقع السوري خلال عام 2025 تغييراً جذرياً إلى الأفضل مبرّر ومطلوب. أما أنه مطلوب فذلك صحيح تماماً. وأما كونه مبرراً فهو التبرير المتماهي عادة مع المنطق العاطفي للثورات، وليس القائم على أساس واقعي. ألم يقع شيء من هذا القبيل عند انطلاق انتفاضات ما سُمي «الربيع العربي» مطلع عام 2011؟ بلى. وماذا كان الحصاد؟ باستثناء مصر وتونس، كاد الخراب ينعق في كل أركان المجتمعات التي شهدت تلك الانتفاضات. لقد تحقّق الاستقرار في البلدين نتيجة سرعة تطويق محاولات تغيير هوية المجتمع المدني، ثم إفشال مخططات تفكيك بنية الدولة العميقة. بالطبع، العرب ليسوا وحدهم المعرّضين للمبالغة في رفع سقف التوقعات، ثم مواجهة الصدمات المؤلمة بعدما يفشل ساسة راهن عليهم عامة الناس في تحقيق توقعاتهم. في هذا الصدد، يمكن ضرب مثال بسياسيين كثر حول العالم يستعدون لتسلّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مفاتيح البيت الأبيض، منتظرين قرارات يتخذها تتفق مع مصالح تخصهم، فهل يقع البعض منهم في خطأ المبالغة في التوقع ثم يحصد خيبة الأمل؟ مُقبل الأيام كفيل بإعطاء الجواب.
رابط المصدر