افتُتح الجامع الذي يقع في الدائرة الثامنة في قلب مدينة ليون (جنوب شرق)، رسميا في 30 سبتمبر/أيلول عام 1994، ويُعتبر سادس أكبر جامع في فرنسا.
ويتميز الجامع الذي صممه المهندسان المهندسان دانييل بالاندراس وفريديريك ميرابو، ببنيانه الجذاب الذي يجمع بين النمط الأندلسي المغربي التقليدي وبين الهندسة الغربية العصرية.
تحفة هندسية فنية
بني جامع ليون الكبير على مساحة 7 آلاف متر مربع، ويشمل قاعة صلاة بسعة 3 آلاف شخص، وبرج بطول 25 مترًا وقبة بقطر 14 متراً.
يتواجد عند مدخله هرم زجاجي يضم 230 عموداً، حديقة جميلة بمساحة 1500 متر مربع، يعتليها مجموعة من نوافير المياه.
ويحتوي الجامع أيضًا على فناء محاط بأروقة منحوتة وأعمدة رخامية نقشت عليها آيات قرآنية وأسماء الله الحسنى.
أما قاعة الصلاة فيتربع عليها ثريا هائلة تتدلى من قبة مزخرفة بالحروف العربية الكوفية وآيات قرآنية تذكّر المصلين والزوّار بعظمة الخالق وجلال الدين الإسلامي ورونق الهندسة المعمارية للحضارة العربية الإسلامية.
وتميّز الحرفيون بتزيين المحراب بنقوش رائعة تبرز جمال الخط العربي وعُمق الفن والزخارف العربية الإسلامية الجذابة بتاريخها.
يشمل جامع ليون الكبير، مركزًا ثقافيًا متخصصًا، ومدرسة قرآنية لتعليم مبادئ الإسلام والحديث والفقه واللغة العربية، ومكتبة مهمة توفر العديد من الكتب الإسلامية المساهمة، ويضم داخل جدرانه أكثر من 50 جمعية إسلامية وجامعًا.
وتعتبر مدينة ليون ثالث أكبر مدينة في فرنسا بعد باريس ومارسيليا، ويُقدّر عدد الجالية الإسلامية فيها بنحو 300 ألف نسمة.
وتوجد في فرنسا 2500 جامع، يخدم فيها نحو 400 إمام، حسب إحصائيات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية “سي إف سي إم”، فيما تُقدر الإحصاءات الرسمية للسلطات الفرنسية وجود نحو 5 ملايين مسلم في فرنسا.
إعجاب فائق
وبالشبيه لباقي جوامع الله في فرنسا يزين معبد ليون الكبير للتحضير لفترة الصيام، ويشهد إعجاباً فائقاً من جانب شباب الجماعات المسلمة في ليون، بأداء صلاة التراويح والتهجد والتطوع في فعل الخير والإيمان والإلتزام والتعمق في دين الرحمة والإمتزاج بقيمه الكريمة.
علاوة على ذلك، يسهرون مسؤولي المعبد على تعزيز الأنشطة والأعمال الجمعية في شهر رمضان وتقديم الدعم الإجتماعي للجماعة المسلمة، والتعريف بالمعاني البشرية العظيمة للدين الإسلامي.
وفي هذا الصدد أشار كمال قبطان رئيس معبد ليون الكبير، إلى أن المسجد ينفذ منذ 30 سنة برامج تثقيفية وإنسانية وثقافية خاصة بفترة الصيام.
وأضاف مشدداً للجزيرة نت: “تتضمن الأنشطة الإجتماعية لمسجد ليون الكبير في رمضان مؤسسات رمضان التي نقدم فيها وجبات يومية لأكثر من 500 فرد، وبورصة رمضان التي نهدف من خلالها لمساعدة الطلاب والمحتاجين والفقراء والأسر التي لا تستطيع الإفطار في المسجد. وبالإضافة إلى المساعدات العينية التي نقدمها خاصة في عيد الفطر المبارك من خلال توزيع زكاة الفطر والتبرعات التي تتلقاها وفق لجنة تتنظم مسبقاً من أول فترة الصيام”.
وأثنى قبطان على تضامن الجماعة المسلمة في مدينة ليون واهتمامها بالتطوع في فعل الخير وإقامة الدعم من خلال بنك المعبد لكل من يحتاج من الفقراء والمحتاجين.
وأوضح أن هذه الأنشطة الإجتماعية التي تشدد في فترة الرحمة والبركة، تستفاد منها الأنشطة التثقيفية الدينية من خلال الدروس والمحاضرات والخطب اليومية التي تسبق صلاة المغرب والتراويح والخطبة الجمعية.
وأشار إلى أن هذه الدروس الشرعية الدينية تشجع على الإتحاد والتكافل والتسامح وتسعى لتعريف بالقيم الإنسانية البارزة للدين الإسلامي الكريم.
وأكد أن الأنشطة الدينية والعلمية والثقافية تمثل قلبية وأساسية في أنشطة المعبد، خاصة في صلاة التراويح والدروس الشرعية التي يقدمها خبراء في هذا المجال، مؤكدا على أن المعبد وقع إتفاقية تعاون مع جامع الأزهر لجلب أئمة كفوئين وقراء لديهم صوت جميل وشهير، بهدف المساهمة في توجيه وإقناع تعاليم الدين الإسلامي الكريم لشباب الجالية العربية والمسلمة في مدينة ليون.
وأشار رئيس معبد ليون الكبير خلال حديثه للجزيرة نت إلى عدد كبير من المصلين والإقبال اللافت من جانب شباب الجماعات المسلمة على صلاة التراويح والتهجد، مشيرا إلى أن أكثر 4 آلاف فرد يؤدون كل ليلة صلاة التراويح في المعبد، في حين يزيد العدد خلال العشر الأواخر من شهر رمضان إلى 5 آلاف فرد.وعلماء وخبراء وافراد ماهرون وعلماء بارعون من كافة الدول العربية والإسلامية كما في مصر وتونس والجزائر وتركيا، وقد استفاد من هذه التدريبات 60 خطيبا حتى الآن.
تواصل المسجد مع محيطه
أكد الكابتن أن المسجد الكبير بمدينة ليون ينظم “مناقشات رمضانية” وهي جلسات تجمع ممثلين عن مجتمعات وأديان وجماعات أخرى ويهدف من خلالها إلى تعزيز التبادل والحوار الديني الثقافي والحضاري، مشيرا إلى أن هذه الجلسات تساهم في توسيع الفهم الحقيقي للإسلام الذي يُظلم غالبا ويُفهم بشكل خاطئ.
وأوضح أن هذه الجلسات تشجع الشباب من مختلف الجاليات المسلمة في مدينة ليون والمناطق المجاورة على طرح قضايا ومشكلات تهم الحياة اليومية وتحاول العثور على حلول متوازنة لهذه التحديات من خلال النقاش والحوار بين الجميع.
ولم ينسى الكابتن أن يُشير إلى الدور الكبير الذي يلعبه المركز الثقافي والمعهد الفرنسي للإسلام في التوعية والتثقيف والتعريف بالصورة الحقيقية للإسلام ودعمه لجهود الخطباء في المسجد ورسالتهم السامية.
واستنتج الشيخ الجليل الذي يشرف على المسجد منذ 30 عاما، أنه من واجب المسلمين كأقلية دينية في فرنسا أن يقدموا شرحا عن دينهم وقيمهم الإنسانية العظيمة ومبادئهم لبقية أفراد المجتمع الفرنسي وأفراد الأديان الأخرى، خاصة في ظل هذا التفاهم المشوه للإسلام في فرنسا والضغوط التي تعاني منها في السنوات الأخيرة.