جدل أخلاقي حول تحرير الجينوم البشري في جنوب أفريقيا
في خطوة تعد الأولى من نوعها، أثارت التحديثات الأخيرة لإرشادات البحث الصحي الوطنية بجنوب أفريقيا، التي صدرت في مايو 2024، جدلاً واسعاً حول استخدام تقنية تحرير الجينات لإنجاب أطفال معدلين وراثياً، مما يمكن أن يجعل من جنوب أفريقيا أول دولة تتبنى فعلياً هذا الاتجاه.
تداعيات تحرير الجينوم
الخلاف حول تحرير الجينوم البشري يعود إلى التأثيرات الاجتماعية والاحتمالات المتعلقة بالانتقاء الجيني، حيث تعتبر هذه التقنية موضوعًا مثيرًا للجدل نظرًا للمخاطر الكبيرة المرتبطة بها. وأشارت كاتي هاسون، المديرة المساعدة في مركز علم الوراثة والمجتمع، إلى أن هذه الخطوة تؤشر على امكانية تسهيل الأبحاث في هذا المجال.
تاريخياً، شهد عام 2018 حالة مثيرة للجدل عندما أجرى عالم صيني تعديلًا جينيًا للأطفال باستخدام تقنية “كريسبر” CRISPR، مما أثار انتقادات عالمية لطبيعة هذا الاستخدام.
ضوابط جديدة ولكن…
جنوب أفريقيا قد قامت بتعديل معايير الأبحاث لتشمل إرشادات لتحرير الجينوم، ورغم ذلك تفتقر إلى ضوابط صارمة تتعلق بالموافقة المجتمعية. التوجيهات الحالية تتطلب تبرير البحث من الجانب العلمي والطبي، مع التأكيد على ضرورة السلامة والفعالية، لكنها لا تتماشى مع التوصيات الأكثر صرامة من منظمة الصحة العالمية.
تباين القوانين والاخلاقيات
تتناقض هذه الجهود مع القوانين المعمول بها في البلاد حيث يحظر قانون الصحة الوطني لعام 2004 التلاعب بالجينات لأغراض الاستنساخ، ما يثير تساؤلات حول التوافق بين القوانين واللوائح الأخلاقية. على الجانب الآخر، هناك مخاوف من أن تصبح البلاد وجهة لـ”السياحة العلمية” في هذا المضمار.
تقدم استخدام تقنية كريسبر
في العام الماضي، وافقت الجهات التنظيمية الطبية في المملكة المتحدة على استخدام علاج جيني لاضطرابين في الدم، وهما “فقر الدم المنجلي” و”بيتا ثلاسيميا”، من خلال تقنية كريسبر. هذه الخطوة تمثل تقدماً كبيراً في معالجة مشاكل وراثية متعلقة بالهيموغلوبين.
أن العلاج يتم عبر تعديل الحمض النووي للخلايا الجذعية، ما يؤدي إلى إعادة إنتاج خلايا الدم الحمراء السليمة. أظهرت التجارب السريرية نتائج مشجعة، حيث شهد معظم المشاركين تخفيف الألم وأصبح عدد كبير منهم غير بحاجة إلى عمليات نقل الدم.
آمال مستقبلية
يقود البروفسور جوسو دي لا فوينتي التجارب في المملكة المتحدة، معرباً عن تفاؤله بأن هذه التقنية ستساهم بشكل كبير في تحسين جودة الحياة للمرضى، خصوصًا أولئك الذين يعانون من خيارات علاج محدودة.
فيما تُعتبر تقنية “كريسبر” واحدة من أبرز الاكتشافات في المجال الطبي، إلا أن استخدامها يحتاج إلى مزيد من التدقيق الأخلاقي، في ظل القلق المتزايد حول تأثيرات تعديل الجينات على الأجيال المقبلة.