الصعوبة في التراجع عن الحرب
ذكرت مصادر مطلعة في بيروت لصحيفة «الشرق الأوسط» أن أي مبادرات دبلوماسية لوقف الصراع القائم بين إسرائيل ولبنان قد تواجه عوائق كبيرة تتمثل في عدم قدرة كلا الطرفين الرئيسيين، وهما بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وحسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله»، على التراجع عن مواقفهما الحالية.
سبب عدم تراجع نتنياهو
أشارت المصادر إلى أن النزاع في لبنان قد منح نتنياهو إنجازات لم يتمكن من تحقيقها في غزة. وتتجلى هذه الإنجازات في الأمور التالية:
- اختار نتنياهو موضوع الحرب بأن يكون إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بعد نزوحهم نتيجة لـ«حرب المساندة» التي أطلقها نصر الله، مما جعله يتمتع بدعم سياسي وشعبي واسع، بعكس الانقسام الذي شهدته صفقة إطلاق الرهائن في غزة.
- بدأ نتنياهو الحرب من خلال استهداف شبكات اتصالات «حزب الله»، مما أدى إلى خسائر كبيرة في صفوف الحزب، منها خروج حوالي 1500 من أعضائه.
- استهدف نتنياهو أيضاً قيادات بارزة ضمن «قوات الرضوان»، ما ساعد على القضاء على شخصيات مدرجة على اللائحة الأمريكية للمطلوبين.
- يمكن لنتنياهو أن يتحدث إلى واشنطن وغيرها من العواصم الغربية بأن «حزب الله» هو من بدأ الحرب، وأن إسرائيل تسعى فقط إلى إعادة النازحين من الشمال إلى بيوتهم. وهو لم يعلن عن نيته القضاء على «حزب الله» كما فعل مع «حماس» في غزة.
- بناءً على ذلك، فإنه يبدو صعبًا على نتنياهو التراجع عن مطلب إعادة النازحين، والذي يعني عملياً فك الارتباط بين الجبهة اللبنانية وجبهة غزة.
سبب عدم تراجع نصر الله
بخصوص موقف نصر الله، فإن عدم قدرته على التراجع يعود للأسباب التالية:
- من الصعب أن يقبل نصر الله بهزيمة في حرب كان هو من بدأها.
- كما أنه من الصعب عليه القبول بفك الارتباط بعد الخسائر الكبيرة التي تعرض لها الحزب، وهي خسائر لم يرَ مثلها في تاريخ صراعاته مع إسرائيل، بما في ذلك حرب 2006.
- قبول هذه الانتكاسة قد يعني أن إيران ستخاطر بالخطوات العسكرية ضد إسرائيل، والتي قد تقود إلى اندلاع حرب إقليمية قد تجرّ إلى صدام أمريكي-إيراني، وهو ما تسعى إيران لتفاديه.
- إذا قبل «حزب الله» بفك الارتباط مع غزة دون وقف النار، سيعتبر ذلك مغامرة غير محسوبة، خصوصاً في ظل تزايد التوترات السياسية في الولايات المتحدة.
- قبول الانتكاسة من قبل الحزب سيؤثر سلبًا على معنويات محور الممانعة، وقد ينعكس ذلك سلبًا على الوضع في غزة أيضًا.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن قبول وقف النار دون تحقيق مكاسب محدودة سيعزز الانطباع بأن نصر الله أطلق حربًا لم يؤيدها غالبية اللبنانيين، مما يجعل حزبه يتحمل مسؤولية الخسائر التي حدثت.
يرى المراقبون أن الوضع الحالي يعكس تحديات حقيقية لكل من نتنياهو ونصر الله في إمكانية التوصل إلى حلول دبلوماسية تضع حدًا للصراع الدائر.