حرب من كل جهة: داخل البلدة الحدودية اللبنانية الوحيدة التي بقي سكانها فيها

Photo of author

By العربية الآن

الحرب من كل الاتجاهات: داخل البلدة اللبنانية الحدودية الوحيدة التي أصر سكانها على البقاء

أزمة إنسانية متزايدة

منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحزب الله، هرب مئات الآلاف من اللبنانيين من منازلهم بسبب القتال. لكن سكان بلدة واحدة تقع في منطقة النزاع قرروا البقاء. تقع بلدة رميش على بُعد 2 كيلومتر من الحدود، ويعيش فيها 7000 مسيحي ماروني، محاطة بالنيران من كل جانب.

الأضرار الجسيمة

يقول جيريس العلم، وهو مزارع ويعمل في الوقت نفسه كخادم في كنيسة البلدة: “هناك الكثير من الأضرار. ربما 90% من المنازل تعرضت لأضرار من نوع ما، زجاج محطّم وتشققات في الجدران. لا أدري ماذا سيحدث عند قدوم الشتاء”. ويضيف: “نحن مصممون على البقاء، لكن بالكاد ينام أي شخص في الليل بسبب الضربات الجوية. لحسن الحظ، لم تُسجل أي حالات وفاة بين السكان حتى الآن، لكن 200 من ماشيتنا ماتت من جراء الإشارات العسكرية.”

تصاعد الصراع

بعد يوم واحد من الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل من غزة في 7 أكتوبر 2023، بدأت ميليشيا حزب الله اللبناني بإطلاق الصواريخ نحو شمال إسرائيل، مما دفع الأخيرة إلى الرد بضربات على لبنان. وقد بدأ سكان رميش برؤية الصواريخ تعبر في السماء من الجهتين.

يقول الأب جورج الأميّل، وهو كاهن ومعلم في البلدة: “الكثير من العائلات رفعوا الأعلام البيضاء على منازلهم وسياراتهم للتعبير عن أنهم سلميون وليس لديهم أي علاقة بما يحدث. نحن نريد البقاء في منازلنا ولا نريد أي حرب في بلدنا.”

تحديات متزايدة

بعد أن بدأت إسرائيل غزوها البري للبنان في 1 أكتوبر، اقتربت الحرب أكثر من رميش، مع وقوع معارك شرسة في قريتين تبعدان أقل من 1.6 كيلومتر منها. تقول راشا مخبور، 38 عامًا: “كنا نعيش في منزلنا لعدة أشهر، ثم بدأت الضربات الجوية تقترب بشكل كبير وفجأة تعرض منزلنا للهجوم، واضطررنا لمغادرة المنزل في منتصف الليل.”

وتضيف: “توقف عمل الناس ولا يخرج أحد، مدرسة أطفالنا مغلقة، كل شيء تغير.” وقد انتقلت عائلة راشا المؤلفة من ستة أفراد إلى منزل آخر في وسط البلدة بعد أن أصبح منزلهم غير صالح للسكن. وتعتقد أن الصواريخ التي ضربت منزلها جاءت من الجنوب، وليس من بلدها.

وصرحت القوات المسلحة الإسرائيلية لبي بي سي بأنه “لا توجد ضربات معروفة من قبل الجيش الإسرائيلي”.### الأضرار في قرية رميش إثر إطلاق فاشل

تعرض منزل رشا مخبور لأضرار جسيمة نتيجة إطلاق صاروخي تم إرجاعه إلى “إطلاق فاشل من قبل حزب الله”.
damaged_home
تضرر سقف منزل رشا مخبور.

أوامر الإخلاء وتأثيرها على السكان

أصدرت السلطات الإسرائيلية قرارًا عامًا بإخلاء المناطق الجنوبية من لبنان منذ بدء غزوها البري. وقد أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 640,000 شخص قد تم تهجيرهم نتيجة النزاع المستمر. أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن أهدافها العسكرية في الجنوب تهدف إلى دفع حزب الله إلى الوراء وإعادة 60,000 إسرائيلي نازح إلى منازلهم في البلدات الحدودية الشمالية.

الوضع في رميش

رميش، الواقعة على الحدود مع إسرائيل، هي الوحيدة بين البلدات اللبنانية التي لم تُصدر لها أوامر بالخروج. على الرغم من عدم تعرض سكان رميش لتهديد مباشر من الجانبين خلال النزاع، فقد تم التشكيك في ولائهم للبنان.
يقول الأب الأميل: “هناك أصوات تحت الطاولة تنشر الشائعات أن وجودنا هنا دليل على تعاوننا مع إسرائيل، العدو. نحن نرفض هذا تمامًا”.

هذا الموقف يشاركه عمدة رميش، ميلاد العلم، الذي يؤكد: “لم نتلق أي ضمانات بالأمان من أي طرف. مدينتنا هادئة، وسببنا الوحيد هو البقاء من أجل هويتنا وبلدنا”.

نقص الإمدادات الأساسية

يقول جيريس العلم، أحد المزارعين ورجال الأعمال في رميش، إن الإمدادات الأساسية بدأت تنفد. حتى بداية الغزو الإسرائيلي، كانت وحدة من الجيش اللبناني موجودة في رميش تساعد في تنظيم الحركة داخل وخارج البلدة. لكن مع اندفاع القوات الإسرائيلية عبر الحدود، قرر الجيش اللبناني، الذي لا يشارك مباشرة في الحرب، الانسحاب من رميش، مما زاد من قلق السكان.

نفت القوات المسلحة اللبنانية وصف انسحابها من مواقع الحدود، مشيرة إلى أنها تعيد تموضع عدد من وحداتها العسكرية في الجنوب.

مع نهاية أكتوبر، تعرضت الطريق الرئيسية خارج رميش للقصف، مما زاد من شعور السكان بالعزلة والضعف. منذ ذلك الحين، وصل فقط قافلة إغاثة واحدة إلى البلدة بتنسيق مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، حسبما أفاد بعثة اليونيفيل.

وأضاف: “نحن بحاجة إلى وقود وأطعمة وأدوية، وكانت هناك شحنة قادمة من صور اضطرت للعودة”.### الوضع الصعب في المدينة

يقول الأب العميل: “إذا أصيب أحد، فلا يوجد مستشفى لتلقي العلاج الطبي الجاد.”

تفاؤل في مواجهة المخاطر

يعبر رئيس البلدية العالَم عن تفاؤله باقتراب إعادة فتح الطريق المؤدي إلى المدينة بشكل منتظم، مما سيسمح لهم بتعبئة احتياطيات الوقود، رغم أن هذا الطريق يمر عبر منطقة صراع نشط ويشكل خطرًا كبيرًا.

القلق يسيطر على السكان

ويظل القلق مسيطرًا على العديد من سكان المدينة، حيث يقول جيريس العالَم، “الوضع سيء للغاية. لا توجد مواد غذائية، ولا وقود يدخل المدينة. نحن نلاحظ بدأنا نرى بعض السلع تختفي من الرفوف.”

الأمل في العودة للطبيعة

لكن العالَم يضيف: “ولكننا سنجد طريقة للتغلب على ذلك. الآن هو موسم الزيتون، وفي أسوأ الأحوال يمكننا تناول الزيتون. نريد البقاء في منازلنا، ولذا سنموت في منازلنا إذا لزم الأمر.”

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.