حكاية فيلم.. “الابن السيّئ”

Photo of author

By العربية الآن



حكاية فيلم.. “الابن السيّئ”

بوستر فيلم الابن السيء
جوائز عالمية عديدة حصدها الفيلم منها جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل في مهرجان “سانتا مونيكا” في كاليفورنيا لدورته الـ19 (مواقع التواصل)
في أجواء فنية وثقافية وعائلية سورية – كما عهدناها بدار الأتاسي في إسطنبول- التقى مجموعة من الإعلاميين والفنانين والمثقفين في الدار السورية لحضور فيلم “الابن السيئ” للمخرج والفنان غطفان غنوم.

المخرج انطلق من رحلته النضالية التي عاشها معظم الشعب السوري تحت ظل دكتاتورية الأب، ومنها إلى إجرام الابن. فقد أضاء الفيلم على العديد من المحطات المهمة في تاريخ الثورة السورية خلال ثلاثة عشر عامًا مختزلًا إياها فيما يقارب ثلاث ساعات هي مدة الفيلم.

اليوم، ترشّح الفيلم لنيل جائزة في مهرجان لوس أنجلوس آورد السينمائي الدولي، وتم قبوله للمشاركة في مهرجان أنتوليا بتركيا

جوائز عالمية عديدة حصدها الفيلم، منها جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل في مهرجان (سانتا مونيكا) في كاليفورنيا لدورته التاسعة عشرة، وجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان مدينة بالي بإندونيسيا، كما رُشّح الفيلم للمنافسة على جائزة أفضل وثائقي في عدد من المهرجانات الدولية، ووصل إلى مرحلة المنافسة على جائزة أفضل وثائقي طويل، في مهرجان سكوبيا في مقدونيا.

واليوم، ترشّح الفيلم لنيل جائزة في مهرجان لوس أنجلوس آورد السينمائي الدولي، وتم قبوله للمشاركة في مهرجان أنتوليا بتركيا.

الفيلم سلط الضوء على معاناة السوريين مع نظام استبدادي قمعهم على مدار عقود من السنين، من حكم الأب الظالم إلى الطفل المدلل العاجز، وسرد أحداث الثورة السورية منذ إشعال فتيلها الأول بالوقوف على بعض المحطات الإنسانية من خلال مشاهد حقيقية من أرشيف الثورة السورية.

حكاية هذه الثورة تجسدت في الفيلم من خلال قصة مخرج سوري، هو ابن ضابط سابق في الجيش السوري، خرج من سوريا ليتمّ دراسته، أعطى شهادة عن أداء قيادة الجيش السوري في عهد الأسد الأب، ثم انتقل إلى بداية الثورة السورية والتحديات التي واجهها هذا الشاب، ومأساة الشعب السوري التي عاشها بسبب محاولة النظام السوري برئاسة بشار الأسد قمعها والقضاء عليها.

وعن فكرة الفيلم، والرسالة التي أراد توجيهها، حدثنا المخرج غطفان غنوم قائلًا: “الفيلم بالنسبة لي يتعدى كونه مجرد عمل فني جامد، يقدم مقولات سياسية مفصلة على مقاييسنا الشخصية ومواقفنا السياسية.. هو بوح امتد على مسيرة عمري، وأجزم بأن هذا البوح يلامس حياة كل شاب أو شابة في سوريا، ممن عاصروا عهد الأسدية الممثل بالأب والابن؛ لأن آلة القمع والتعسف التي مورست علينا خلال العقود الماضية تركت جروحًا عميقة في نفوسنا جميعًا.. كما نعلم، القاتل لا يغير أساليبه، ولذلك بدت النتائج متشابهة في كثير من التراجيديات التي وقعت على الناس.

رسالة المخرج التي قدمها من خلال فيلمه عادت بالذاكرة إلى مشاهد مؤلمة عاشها السوريون، كما خانت الدموع البعض وخصوصًا لمشاهد التعذيب والتهجير، لكنها في الوقت ذاته عززت بداخلهم قيم الحرية والعدالة والديمقراطية التي حلَموا بها

في زمن صعب جدًا نعيشه كسوريين خارج سوريا، محرومين من حقوقنا ومتجاهَلين من العالم، يؤلمنا جدًا أن نرى دولًا وحكومات تُهرع للتطبيع مع نظام الأسد المُدان جنائيًا وشعبيًا، ويغدو الأمر أكثر ألمًا عندما نكتشف بأن روايتنا السورية قد شُوِهت وهُمِشت لصالح روايات بديلة نقيضة أو سيئة.

يأتي هذا العمل كثمرة تعب سنوات طويلة، وسيرورة من العذاب، ليكنس الغبار عن مواجعنا وينكأ بالجرح من جديد، كي يجعلنا نصرخ مجددًا، نحن أحياء.. مازلنا نتألم .. نحن شعب يريد الحياة بحرية.

ولأننا نريد حريتنا والسلام لشعبنا ووطننا، فلا بد من أن نعيد على مسامع العالم كله قصصنا منذ البداية.

هذا الفيلم إعادة لحكاية فرد سوري، لكنه رواية محرضة للآخرين، لكي يسردوا مجددًا رواياتهم.

رسالة المخرج التي قدمها من خلال فيلمه عادت بالذاكرة إلى مشاهد مؤلمة عاشها السوريون، كما خانت الدموع البعض وخصوصًا لمشاهد التعذيب والتهجير، لكنها في الوقت ذاته عززت بداخلهم قيم الحرية والعدالة والديمقراطية التي حلَموا بها، ودفعوا لأجلها من دمائهم وأرواحهم وأمانهم.

أما الحضور فكان متميزًا، وهو باقة من الفنانين والإعلاميين والمثقفين، حيث افتُتح العرض بكلمة من الفنان الكبير عبد الحكيم قطيفان، وحضر العرض الفنان المسرحي ومقدم البرامج الأستاذ همام حوت، وعديد من الصحفيين والإعلاميين، وكان ضيف الشرف في هذا العرض، الصحفيّ والإعلامي المصري أحمد منصور.

بات على جميع الأدباء والمثقفين والفنانين والإعلاميين المؤمنين بمبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، أن يرسّخوا حقائق وأحداث الثورة السورية، وما عانى منه الشعب السوري، فنيًا وأدبيًا من خلال أقلامهم وفنهم

الفنان عبد الحكيم قطيفان تكلم عن الفيلم مشيرًا إلى أهمية ترسيخ السردية الحقيقية للثورة السورية في ظل سياسة الإعلام المضلل الممنهج، الذي يتبعه النظام السوري حتى اليوم لتبرير جرائمه، والانتهاكات التي قام بها بحق الشعب السوري من قتل واعتقال وتعذيب وتشريد وتجويع، وسرقة ممتلكاتهم بطرق ملتوية.

ويلفت أنه بعد ثلاثة عشر عامًا من الثورة خُلق جيل جديد غير واعٍ تمامًا للأحداث التي عاشها الآباء، وغير مدرك للحقائق التي حدثت في سنوات الثورة، خصوصًا مع ارتفاع وتيرة الزخم الإعلامي والفني الذي عمل النظام عليه بشكل موازٍ لعمله الأمني والعسكري؛ فالوعي الثقافي من خلال الأفلام والدراما والإعلام يعمل على توثيق الأحداث في أذهان المشاهد والمستمع والقارئ، وهو خير وسيلة لمعرفة الحقائق وترسيخها في أذهان أبناء المجتمع.

لذلك أَمِل الفنان قطيفان المزيد من الأعمال الدرامية والسينمائية التي تخلد السرديات الحقيقية، وأشاد بالمجهود والعمل الذي قام به المخرج غطفان غنوم، والسيدة وفاء أحمد، كاتبة سيناريو الفيلم، معبرًا عن امتنانه لهما لجهدهما الإبداعي الكبير، الذي يُعتبر إضافة مهمة ونوعية في مجال السينما التي تروي حكاية الـ(لا) في بلدنا، قائلًا: شكرًا لكل هذا المدى من المتعة والوجع والأمل.

سيناريست الفيلم، الكاتبة وفاء، ومخرجه الفنان غطفان، الذي تألق ببطولة مسلسل “ابتسم أيها الجنرال” للمبدع الكاتب سامر رضوان، عمدا إلى ترسيخ الأحداث السورية في ذاكرة السوريين، وخصوصًا أن إعلام الديكتاتور وآلاته الثقافية والصحفية والفنية ما زالوا يعملون على تغيير الأحداث وتضليل الأجيال القادمة.

لذلك بات على جميع الأدباء والمثقفين والفنانين والإعلاميين المؤمنين بمبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، أن يرسخوا حقائق وأحداث الثورة السورية، وما عانى منه الشعب السوري، فنيًا وأدبيًا من خلال أقلامهم وفنهم؛ لأن هذه الأقلام وهذا الفن باتت المدافع الأقوى عن القيم والمبادئ والحريات، والحرب الراهنة في ظل الكم الهائل من التضليل هي حرب الكلمة والحقيقة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.