حكم الفقهاء في حالات المتغلب: تحليل ورؤية شاملة

Photo of author

By العربية الآن



الفقهاء وحكم المتغلب!

مكتبة بيت الحكمة ببغداد هي الجامعة التي اجتمع في رحابها علماء الدنيا تحت الحكم العباسي
نلاحظ استفادة الحاكم المتغلب من اختلاف الفقهاء في تحديد نوع العقد بين الأمة والحاكم (مواقع التواصل)

يبدو أن الأمة قد توافقت بشكل غير معلن على قبول حكم المتغلب، مما أدى إلى أن تكتسب الدكتاتورية مشروعية معترف بها. ومن جهته، تناول الدكتور عبد الكريم بكار في كتابه “أساسيات الحكم في الإسلام” فكرة المقاومة السلمية، مشددًا على استمرارية هذه المقاومة عبر أساليب مثل المقاطعة والاحتجاج، مما يساهم في ترسيخ ثقافة مجتمعية رافضة للحكم المتغلب.

### من يحدد الضرر؟

في الوقت الذي أقر فيه الفقهاء حكم المتغلب تجنبًا للضرر المحتمل الناتج عن مقاومته، يطرح سؤال: من المسؤول عن تحديد هذا الضرر؟ الأمر يتطلب أكثر من اجتهاد فردي، بل يحتاج إلى هيئة من الخبراء. إن قول الفقهاء بأن مقاومة الحاكم المتغلب ليست بغيًا يفتح المجال لصراعات السلطة، حيث تسعى كل فئة للاطاحة بالمتغلب، ما قد يؤدي إلى استبداد جديد.

الإقرار بشرعية المتغلب أظهر عجز الفقه الإسلامي في بناء قواعد للعقد الاجتماعي، كما هو الحال في الفلسفة السياسية الأوروبية.

تواجه المسألة صعوبة أكبر في الواقع مقارنة بالنظر، ولكن الانتقال من إجازة حكم المتغلب إلى تصنيفه كحكم غير شرعي، مع التأكيد على الوسائل السلمية للمقاومة، يمثل خطوة ذكية نحو إعادة تشكيل الرأي العام ليكون معارضًا للدكتاتورية.

### أهمية العقد الاجتماعي

يعكس الإقرار بشرعية المتغلب محدودية الفقه الإسلامي في وضع أسس العقد الاجتماعي مقارنة بما اعتمدته النظريات السياسية الأوروبية. هوبز، الفيلسوف الإنجليزي، اعتبر أن تاريخ البشرية يتسم بالعدوان، مما يستدعي ضرورة وجود عقد يسمح للأفراد بالتنازل عن بعض حقوقهم مقابل الأمان. بينما أكد لوك ضرورة وجود قبول من الأفراد للسلطة وإمكانية سحب ثقتهم منها.

جامع شروط العقد الاجتماعي موجودة في فكر الفقهاء المسلمين، الذين تحدثوا عن العلاقة بين الأمة والحاكم كعقد بإجماع، متمثلًا في البيعة للخليفة الأول. وقد اعتبر الكثير من الفقهاء الإمامة عقدًا مبرمًا، يمكن أن يُنهي باستخدام ألفاظ مشابهة لمفاهيم الفسخ في العقود.

### انفتاح الفقهاء على تجارب البشرية

استفاد الحاكم المتغلب من الاختلافات بين الفقهاء حول نوعية العقد بين الأمة والحاكم، سواء كان عقد وكالة يمكن للأمة الإنهاء عليه، أو عقد ولاية لا يمكن إنهاؤه. فالأول يتيح للأمة عزل الحاكم والمراقبة، بينما الثاني يفتح المجال للاستبداد.

تحقيق المصالح العامة لا يتعلق فقط بمهمة الحكومة بل يتطلب مشاركة فعلية من الشعب في اتخاذ القرارات.

يرى الدكتور بكار أيضًا أن الحقوق التي تقرر للراعي على الرعية والعكس كانت مجردًا جدًا، مما أدى إلى سوء فهم وتوترات مستمرة. ويشدد على أهمية المسؤولية المشتركة بين الطرفين، مشيرًا إلى الحديث الشريف “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.

في العديد من البلدان المتقدمة، يُشرك المواطنون في اتخاذ قرارات تخص مشاريع البنية التحتية في مجتمعاتهم، مما يعكس فهمهم الأفضل لمصالحهم. يجب على الحكومات تعزيز هذه الشراكة وإشراك المواطنين في عملية اتخاذ القرار.

كما تنظر الشعوب الآن إلى الدولة كمرجع أساسي للتوازن السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ما يحمّلها مسؤوليات، تشمل تعزيز تكافؤ الفرص وتوفير الخدمات الأساسية. لذا، فإن تحقيق المصالح العامة بحاجة إلى جهد مشترك بين الحكومة والشعب.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.