خطة سموتريتش تمهد الطريق لسيطرة اليمين الديني على الضفة الغربية

Photo of author

By العربية الآن



خطة سموتريتش تعزز مشروع اليمين الديني للسيطرة على الضفة الغربية

عاطف دغلس- خلال مواجهة سابقة بين الأهل والمستوطنين عند مدخل قرية اللبن جنوب نابلس حيث يقوم الجنود بحماية المستوطنين- الضفة الغربية- نابلس- الجزيرة نت
جنود الاحتلال يحمون مستوطنين يعتدون على أهالي قرية اللبن جنوب نابلس (الجزيرة)
تتزايد المواجهات في الضفة الغربية بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال، في ظل التهديدات المتزايدة من مخططات اليمين الديني المتطرف التي تسعى للسيطرة على المنطقة وتوسيع المستوطنات، مما يُغير التركيبة السكانية فيها.

تمتاز الضفة الغربية بقيمتها الاستراتيجية والدينية، مما يجعلها محورا رئيسيا للصراع في فلسطين.

ازداد دور اليمين الديني المتطرف والمستوطنين في المؤسسات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، مما زاد من وطأة التهديدات التي تستهدف الضفة الغربية، مثل الضغط على الفلسطينيين لمغادرة أراضيهم، واستهداف بنى المقاومة، وتفكيك أي كيان سياسي فلسطيني.

مبدأ “إدارة الصراع”

منذ تولي نتنياهو رئاسة الحكومة في عام 2009، سيطر مفهوم “إدارة الصراع” على الرؤى الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما أدى إلى وضع سياسات تفصيلية لكل منهما.

لكن عقب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومع التسارع في الاستيطان والتهجير الداخلي للفلسطينيين، أصبح انهيار هذا المفهوم أمراً واقعاً.

تجدر الإشارة إلى أن “إدارة الصراع” تهدف في جوهرها إلى حرمان الفلسطينيين من أي أفق سياسي في الضفة الغربية، ومنع قيام دولة فلسطينية مستقبلاً، مع الحفاظ على الدور الأمني للسلطة الفلسطينية.

يبرز تصور اليمين القومي الديني المتطرف كوجهة نظر “القوى الحاكمة” للتعامل مع الصراع، حيث يتمحور علمه حول عدة متطلبات:

  • تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق تخضع لإدارة مدنية منفصلة.
  • احتفاظ إسرائيل بالمسؤولية الأمنية الكاملة والحرية العسكرية في الضفة الغربية.
  • تفكيك السلطة الفلسطينية مع الاحتفاظ بوحدات إنفاذ القانون.

خطة سموتريتش

يعتبر ما يُعرف بـ”خطة سموتريتش” جزءاً من رؤية اليمين الديني القومي المتطرف، وهي خطة تملك رؤية واضحة وأدوات تنفيذ فعالة، إذ تمر الضفة الغربية الآن بمرحلة حاسمة قد تحدد مستقبلها وهويتها لعقود قادمة.

يقوم اليمين المتطرف الإسرائيلي بفرض واقع جديد في الضفة الغربية من خلال تشجيع المزيد من الاستيطان، حيث أعلن بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي وزعيم حزب “الصهيونية الدينية” المتطرف، مؤخراً عن بدء إقامة مستوطنة جديدة في أراضي بيت لحم بجنوب الضفة.

واعتبر سموتريتش في منشور له أن ربط الكتلة الاستيطانية “غوش عتصيون” بالقدس يُعد “مهمة وطنية”.

أشار سموتريتش إلى أن هذه المستوطنة هي واحدة من خمس مستوطنات وافقت الحكومة الإسرائيلية على إقامتها قبل شهرين رداً على تحركات السلطة الفلسطينية ضدها واعتراف بعض الدول الغربية بفلسطين.

يعتمد سموتريتش في تنفيذ مخططه على عنصرين أساسيين:

  • تشريع المستوطنات “غير القانونية” التي أسسها المستوطنون دون إذن.
  • زيادة هدم المنازل والمرافق الفلسطينية بحجة عدم الترخيص.

نجح سموتريتش في تولي منصبين مهمين داخل الحكومة، حيث يشغل منصب وزير المالية ووزير في وزارة الدفاع معنية بالاستيطان في الضفة الغربية، مما يمكِّنه من تطبيق خطته.

تسعى “خطة الحسم” إلى السيطرة التامة على الضفة الغربية ومنع إقامة أي كيان سياسي فلسطيني، وزيادة عدد المستوطنين إلى مليوني مستوطن، ودعم برامج التهجير الطوعي للمواطنين الفلسطينيين، واستخدام القوة مع الرافضين للانتقال.

تعتمد خطط سموتريتش على أوراق ضغط تؤثر على نتنياهو والجيش والسلطة الفلسطينية، حيث يظهر تجاهل سموتريتش للضغوط الدولية، بينما يوكل لنتنياهو مهمة معالجة الضغوط الخارجية.

وفي الوقت نفسه، تمثل المشاريع الاستيطانية أداة إجماع شبه مطلق داخل البيئة السياسية، مما يعكس ضرورة الحفاظ على تحالف نتنياهو مع اليمين الديني وسط إدارة الحرب على غزة وتوترات الشمال.

يساهم سموتريتش في التأثير على توجهات الجيش كوزير للمالية المسؤول عن الميزانيات.

فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، فإن قرار إعفاء البنوك الإسرائيلية من التعامل معها يتوقف على سموتريتش، الذي يمدد هذا الإعفاء كل 3 إلى 4 أشهر.

عند طرح تمديد الإعفاء، يقدم سموتريتش مجموعة قرارات تتعلق بخططه في الضفة، وهو ما فعله مقابل تمديد الإعفاء لأربعة أشهر.

حالياً، لا توجد أي مناقشات داخل الحكومة الإسرائيلية حول ضم المناطق “ج”، بعد أن عرقلت الظروف السياسية والدولية التي سادت قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول تنفيذ هذا الضم، مما جعل مهمة الحكومة هي التسريع بفرض حقائق استيطانية جديدة.

تجلت هذه النقطة واضحاً في تشريعات الحكومة والخطط المعتمدة والميزانيات المخصصة وسرعة تنفيذ بناء الوحدات السكنية وتحسين البنية التحتية للمستوطنين.

رغم أن هذه الأنشطة كانت قائمة منذ بداية عام 2023، إلا أن الأحداث في الضفة الغربية عقب الحرب تشير إلى تحولات جديدة.

بحسب مسؤول عسكري إسرائيلي، فإن النفوذ المتزايد للمستوطنين يمهد لواقع جديد يمكنهم من التصرف بشكل مستقل عن النظام الإداري.

تعزيز مستقبل التيار اليميني الديني

يشكل تأثير خطة سموتريتش حاسمة على وجود الفلسطينيين في الضفة الغربية وعلى مجمل الصراع، مما يعكس التأثير على البيئة السياسية الإسرائيلية، حيث يتجه المجتمع نحو اليمين المتطرف.

نجاح التيار اليميني في تنفيذ أجندته يعكس في المجمل قدرتهم على فرض رؤيتهم، وعزز ذلك تزايد نفوذهم في مؤسسات الحكومة والأجهزة الأمنية.

يتوقع أن يؤدي تولي آفي بلوط قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال إلى دعم المخططات الاستيطانية، خاصة بعد أن اعتبرت سياسات الجيش عائقاً أمام تحقيق مخططاتهم.

يؤكد تصاعد الحاجة لليمين في الحكومة على أهمية التعاون بين نتنياهو واليمين الديني القومي، بالإضافة إلى قرب انتهاء ولاية إدارة بايدن واحتمالات عودة إدارة ترامب.

الأوضاع الحالية في الضفة الغربية تشير إلى تزايد نفوذ اليمين والاعتقاد بعدم القدرة على التعايش مع الفلسطينيين، بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول.

تستهدف خطط سموتريتش ضم 70% من مساحة الضفة الغربية، مما سيؤثر على عدد السكان الفلسطينيين وانتشارهم، مما يؤدي إلى تركيزهم في مناطق معروفة باسم “أ”.

التفاعلات الداخلية في إسرائيل تشير إلى زيادة التأييد لسياسات سموتريتش، مما يساهم في استمرارية تنفيذ قرارات الضم.

يمكن القول إن سياسات “حسم الصراع” وتهجير الفلسطينيين وتمادي استخدام القوة قد تصبح “العقيدة الجديدة” للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. هذه السياسات قد تتحول إلى جزء حيوي من الحكم العسكري المستقبلي.

المصدر: الجزيرة



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.