خلال فترة الصراع.. الفضلات مصدر قدرة لإعداد الطعام في غزة
تواجه الفلسطينية صابرين أبو عودة يوميًا، تحديات كبيرة خلال جمع الفضلات القابلة للاشتعال لتلبية احتياجات عائلتها يوميًا، ضمن سياق صراع إسرائيلي مستمر على قطاع غزة منذ أكثر من 200 يوم.
تقطع صابرين (50 عاما) اللاجئة من شمال غزة إلى مدينة رفح جنوب القطاع، تنقل مسافات بعيدة يوميًا مشيًا على الأقدام، بحثًا عن قطع من النايلون وورق في الفضلات والشوارع والأزقة، لإشعال نار لإعداد الطعام أو تسخين المياه لعائلتها.
منذ بداية الصراع على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تمنع إسرائيل دخول الغاز لاستخدامه في الطهي والوقود بأنواعه المختلفة إلى مدينة غزة وشمال القطاع، ضمن قيود تحول دون دخول المساعدات الإنسانية التي تشكل انتهاكاً للقوانين الدولية.
تأثيرات الغازات الضارة
ذكرت المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في يوم 20 أبريل/نيسان الجاري، بوفرة الحالات المصابة بأمراض جهاز التنفس داخل مستشفيات القطاع، بسبب الغازات السامة التي تنبعث من اشتعالهم النيران لإعداد الطعام، نتيجة تفاقم أزمة وقود الطهي المستمرة.
وصرح رئيس المكتب، سلامة معروف، في بيان قائلاً: “الاحتلال الإسرائيلي يواصل منع إدخال وقود الطهي بأنواعه المختلفة إلى قطاع غزة، وعلى وجه الخصوص إلى مدينة غزة وشمال القطاع، مما ينذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية والصحية في ظل استمرار العدوان.”
وتركت الحرب على غزة أكثر من 112 ألف قتيل وجريح، يتضمن الغالبية العظمى منهم أطفالًا ونساء، وأدت الجوع إلى وفاة العديد من الأطفال والمسنين، بالإضافة إلى الدمار الهائل، وفقًا لبيانات فلسطينية ودولية.
فيديو.. كتب ورسائل دكتوراه وجبات ثرية للنار في غزة
المسؤولية الكبيرة
عندما تقوم صابرين بجمع النفايات القابلة للاشتعال، تعمل على تخفيف أعباء زوجها المريض الذي لا يمكنه أداء هذه الواجبات الشاقة، لكنها تعاني بدورها من أمراض صدرية تضاعف من معاناتها اليومية.
عندما تستعد لرحلتها اليومية في جمع الورق والحطب، تقول: “كل صباح، أخرج لجمع المواد التي يمكن اشتعالها، من أجل طهي الطعام لأطفالي في ظل عدم توفر وقود الطهي”.
عندما تسمع صوت الطائرات الإسرائيلية المسيرة، تشعر صابرين بالقلق وهي تجوب الشوارع، خصوصاً عندما تنطلق باكرًا في الصباح.
تضيف: “ظروفنا صعبة للغاية، أتحمل مسؤولية كبيرة في هذه الأوقات الصعبة”.
توضح أن زوجها يعاني من فشل الكلى والتهاب الكبد الفيروسي ونقص حاد في المناعة، وهو غير قادر على فعل شيء، مع مخاوف من تدهور حالته الصحية، “أخشى على حالته الصحية في هذه الظروف الصعبة، لذا أقوم بأداء هذا الدور الذي يصعب على أبنائي تنفيذه”، حسب قول الأم.
مع نقص الوقود.. سكان غزة يحرقون الملابس لطهي الطعام
ضروريات الحياة
وفقًا للنازحة الفلسطينية أبو عودة، أصبح اشتعال النيران من ضروريات الحياة اليومية، لذلك تضطر إلى البحث يوميًا عن بدائل في حالة عدم توفر الحطب ووقود الطهي في الأسرة.
تشعر الأم التي تعاني من أمراض عدة بالإرهاق والمرض الشديد نتيجة للدخان المتصاعد من اشتعال النار بطرق بدائية، لكنها لا تملك خيارات أخرى.
تقول: “بصعوبة بالغة، أقوم بجمع الورق والحطب والكرتون لاشتعال النيران لطهي الطعام لأطفالي وزوجي”.
تؤكد أن “إعداد الطعام ليس بالأمر السهل، يتطلب جهدًا كبيرًا في ظل نقص وقود الطهي، ويحمل مخاطر الأمراض الصدرية التي تؤثر على صحتنا”.
وليست صابرين وحدها في البحث عن النفايات القابلة للاشتعال، بل هذا هو وضع العديد من سكان أنحاء غزة، الذين يعيشون فيه نحو 2.3 مليون فلسطيني، تم إجبار ما يقرب من مليوني شخص على النزوح في ظروف كارثية نتيجة للحرب الإسرائيلية.
وفي ظل هذه الكارثة الإنسانية والصحية المتفاقمة، تستمر إسرائيل في حربها على غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار على الفور، وكذلك رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب “مجزرة جماعية”.