![يُعدُّ اللب الداخلي هو الأكثر بُعداً وغموضاً من بين جميع طبقات الأرض (سي إن إن)](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2025/02/خيال-علمي-تقريبًا-العلماء-يكتشفون-تغييرات-في-اللب-الداخلي-للأرض.webp.webp)
اللب الداخلي هو كرة معدنية صلبة وساخنة، تحيط بها طبقة نواة خارجية سائلة. ولزمن طويل، كان العلماء يشتبهون بأن هذه النواة الصلبة تتعرض لتشوه وهي تدور عبر الزمن.
وتمكّن فريق البحث من تحديد أدلة على هذه التغيرات التي طرأت خلال العشرين عامًا الماضية. وظهرت تلك التغييرات عبر مراقبة موجات الزلازل التي كانت قوية لدرجة وصولها إلى مركز الأرض، وفقاً لتقرير شبكة «سي إن إن».
واعتمد الباحثون على بيانات زلزالية ساهمت في دراسة سابقة أُجريت عام 2024، مما ساعد في توضيح حركة دوران اللب الداخلي بمواجهة الأرض. وكان حينها يدور اللب الداخلي بشكل أسرع من الأرض، قبل أن يبدأ بالتباطؤ والدوران في الاتجاه المعاكس بدءًا من عام 2010 تقريباً.
«بُعد آخر للمناقشة»
نُشرت الدراسة الجديدة في مجلة «Nature Geoscience» مستفيدة من بيانات زلزالية جمعت بين عامي 1991 و2023. وقد استند العلماء على الاكتشافات السابقة لحركة دوران اللب الداخلي ليفسروا الاختلافات البارزة في ارتفاع الموجات الزلزالية، وتحديدها كمؤشرات لتغييرات في سطح النواة الداخلية، وفقًا لما أوضحه الدكتور جون فيدال، الأستاذ بجامعة جنوب كاليفورنيا والكاتب الرئيسي للدراسة.
ويشير فيدال إلى أن سطح اللب الداخلي للأرض، والذي يشبه الكرة، قد يكون مشوّهاً بارتفاع يصل إلى 100 متر أو أكثر في بعض الأماكن. ووفقًا للعلماء، هذه التغييرات تخبرنا عن «القوى العميقة» داخل الأرض التي تؤمن الطاقة للغلاف المغناطيسي، الذي يحمي كوكبنا من الإشعاعات الضارة والطقس الفضائي.
تدور النواة الداخلية للأرض بشكل مستقل عن النواة الخارجية السائلة وباقي الكوكب. بدون هذه الحركة، لن تتمكن الأرض من الحفاظ على بيئة ممغنطة، وستتحول إلى كوكب يشبه المريخ، الذي فقد مجاله المغناطيسي منذ وقت طويل.
يقول الدكتور يوشي ميازاكي، الأستاذ بجامعة روتجرز: «مراقبة التغييرات السنوية في لب الأرض تعد من الأمور المثيرة، كونها تزيد من معرفتنا بديناميات النواة الداخلية»، وأضاف أن الدراسة تقدم رؤية جديدة حول التغيرات غير الدورية.
«أشبه بالخيال العلمي»
يعتبر اللب الداخلي للأرض الأكثر غموضًا وبُعدًا بين جميع طبقاتها، حيث يمثّل حوالي 70% من حجم نواة الأرض. ما يضفي على الدراسة الحالية بعدًا شبيهًا بالخيال العلمي بسبب طبيعتها الغامضة والمعقدة.
يُعد اللب الداخلي للأرض مكوّنًا صغيرًا مقارنة بحجم القمر، حيث يبلغ نصف قطره حوالي 759 ميلًا (1221 كيلومترًا). وتصل درجات الحرارة فيه إلى ما يقرب من 9800 درجة فهرنهايت (5400 درجة مئوية)، بينما يمكن للضغط أن يتجاوز 3 ملايين ضعف الضغط الجوي العادي للأرض.
ومع عدم القدرة على مراقبة اللب مباشرة، يعتمد العلماء على دراسة التغيرات التي تحدث في حجم وشكل الموجات الزلزالية التي تمر عبره لفهم خصائصه. وصرح الباحث فيدال قائلاً: «تخيل ما يحدث على سطح اللب الداخلي للأرض يشبه الخيال العلمي. إنه مكان مختلف تمامًا، حيث تختلف فيه المقاييس الزمنية وخصائص المادة وقوتها الشديدة». وعلى الرغم من أن موقعًا واحدًا فقط داخل النواة الداخلية للأرض أظهر علامات تشوه في الفترة ما بين عام 2004 و2008، إلا أن العلماء يعتقدون بوجود مواقع أخرى قد تُظهر نفس الظاهرة.
أضاف الباحث فيدال: «ليس من السهل معرفة ما إذا كنا نتعامل مع حالة شاذة أو طبيعية، ولكن من الممكن أن يكون هناك تشوه يحدث في كثير من المواقع». وعلق البروفيسور هرفوي تكالتشيك من الجامعة الوطنية الأسترالية، الذي لم يشارك في الدراسة، قائلاً إن هذه الدراسة تمثل فكرة مثيرة تستحق المزيد من البحث. ولفت الانتباه إلى أن هذه الدراسة قد تساعد العلماء في تقدير خصائص مهمة مثل لزوجة اللب الداخلي، فهو من أبرز التحديات العلمية الحالية، وفقًا لما نقلته “بي بي سي”.
مع مرور الزمن، يتجمد اللب الخارجي السائل للأرض ويتحول إلى صلب، لكن هذا التحول الكامل سيتطلب مليارات السنين. وتجدر الإشارة إلى أنه بحلول ذلك الوقت قد تكون الشمس قد ابتلعت الكوكب بفعل تمددها.