رئيس الحكومة الانتقالية الجديد في سوريا يدعو إلى الاستقرار والهدوء
دعوة للاستقرار
أكد رئيس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا أن الوقت قد حان ليتحلى الناس “بالاستقرار والهدوء” بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد. جاء ذلك في تصريحات لمحمد البشير، الذي كان يشغل سابقاً منصب قائد الإدارة الثورية في شمال غرب البلاد، حيث تحدث إلى قناة الجزيرة بعد أن تكُلف بإدارة الحكومة حتى مارس 2025 من قبل الجماعة الإسلامية المسلحة “هيئة تحرير الشام” (HTS) وحلفائها.
الاجتماع الوزاري
ترأس البشير اجتماعًا في دمشق يوم الثلاثاء بحضور أعضاء من الحكومة الجديدة وكذلك الوزراء من حكومة الأسد السابقة لمناقشة نقل الوزارات والمؤسسات. جاء هذا الاجتماع بعد تصريح من مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا الذي أكد على ضرورة تحويل “الرسائل الإيجابية” للثوار إلى أفعال ملموسة على الأرض.
الدعم الدولي
في سياق متصل، أفاد وزير الخارجية الأمريكي بأن واشنطن ستعترف بالحكومة السورية المستقبلية وتدعمها بالكامل شريطة أن تنشأ من عملية شاملة ونزيهة تحترم حقوق الأقليات. يذكر أن الأسد قد سحق بشكل عنيف الانتفاضة السلمية المؤيدة للديمقراطية في عام 2011، مما أدى إلى نشوب حرب أهلية مدمرة أزهقت أرواح أكثر من نصف مليون شخص وأجبرت 12 مليون آخرين على مغادرة منازلهم.
نبذة عن محمد البشير
قبل هذا الأسبوع، كان محمد البشير غير معروف خارج المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام في محافظتي إدلب وحلب. تشير سيرته الذاتية إلى أنه درس الهندسة الكهربائية وعمل في محطات الغاز قبل بدء الحرب الأهلية في عام 2011. وكما عُين البشير في يناير الماضي رئيساً لحكومة الإنقاذ، التي أنشأتها هيئة تحرير الشام لإدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها.
تعمل حكومة الإنقاذ كهيئة حكومية، حيث تضم وزارات ودوائر محلية وسلطات قضائية وأمنية، مع الحفاظ على مجلس ديني مستند إلى الشريعة الإسلامية. وقد خضعت حكومة الانقاذ لسيطرتها حوالي أربعة ملايين شخص، كثير منهم نازحون من مناطق أخرى في البلاد.
الوضع في حلب
عندما توقفت المؤسسات عن العمل في حلب بعد أن سيطرت هيئة تحرير الشام وحلفائها على المدينة في وقت سابق من هذا الشهر، تدخلت حكومة الإنقاذ لاستعادة الخدمات العامة. من المعروف أن الفنيين ساعدوا في إصلاح الشبكات المحلية للكهرباء والاتصالات، كما قامت قوات الأمن بدوريات في الشوارع، وتطوع الأطباء في المستشفيات، وزعت الجمعيات الخيرية الخبز.
وقد استمع زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني إلى لقاء في دمشق مع رئيس وزراء الأسد السابق محمد الجلالي، حيث أكد الجولاني على الاستفادة من خبرات الآخرين، معبراً عن تقديره للإدارة الموجودة على الرغم من نقص الموارد في إدلب.
معاناة العائلات السورية في انتظار مصير أقاربهم المحتجزين
في يوم الثلاثاء، تم تصوير بشير وهو يترأس اجتماعاً للوزراء السابقين في حكومة الدولة السورية والوزراء الذين عملوا تحت قيادة جلالي. وكان يجلس أمام أعلام المعارضة السورية وأعلام هيئة تحرير الشام (HTS).
وقال بشير في حديثه لقناة الجزيرة: “[لقد] دعونا أعضاء من الحكومة السابقة وبعض المديرين من الإدارة في إدلب والمناطق المحيطة بها لتسهيل جميع الأعمال الضرورية خلال الشهرين المقبلين حتى نتمكن من إقامة نظام دستوري يخدم الشعب السوري.”
وأضاف: “لقد كانت لنا اجتماعات أخرى لإعادة تشغيل المؤسسات لنتمكن من خدمة شعبنا في سوريا.”
تطورات ميدانية في سوريا
وفي ذات اليوم، أعلن القائد الثوري حسن عبد الغني أن قواته قد سيطرت على مدينة دير الزور الشرقية بعد أن كانت قد سُيطر عليها سابقاً من قبل القوات الكردية السورية يوم الجمعة الماضي.
بينما بدت الحياة تعود تدريجياً إلى طبيعتها في العاصمة دمشق بعد يومين من شبه الإغلاق.
وقد شهدت الشوارع العديد من المارة والسيارات، وفتحت بعض المتاجر والمطاعم أبوابها.
كما كان الناس يجمعون قذائف الرصاص التي تشتتت في ساحة الأمويين المركزية، حيث أطلق العديد من المقاتلين الثورين الرصاص في الهواء احتفالاً بانتهاء حكم الأسد الذي دام 24 عاماً.
وأخبر أحد رجال الدين هناك الـ BBC أن السوريين يتطلعون إلى المستقبل ويرغبون في وطن سلمي وموحد.
قال الشيخ عبد الرحمن الكوكي: “نريد تأسيس دولة مبنية على مبادئ الوطنية والعدالة وسيادة القانون، دولة تكنوقراطية تحترم المؤسسات وتضمن فرصاً متساوية للجميع.”
الدعوات لتغيير سياسي شامل
قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن للصحفيين في جنيف إن الانتقال السياسي يتطلب ضمان “تمثيل أوسع طيف ممكن من المجتمع السوري والأحزاب السورية”.
وحذر قائلاً: “إذا لم يحدث ذلك، فإننا نع Risk جديد للصراع.”
وأفاد بيدرسن أن تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى سيكون “عامل تعقيد” في جهود إيجاد مخرج.
فيما تعهدت جبهة النصرة – سلف هيئة تحرير الشام – بالولاء للقاعدة في عام 2013، لكنها قطعت العلاقات مع الجماعة المتطرفة بعد ثلاث سنوات.
وأوضح بيدرسن أن “الواقع حتى الآن هو أن هيئة تحرير الشام وكذلك الجماعات المسلحة الأخرى قد أرسلت رسائل جيدة للشعب السوري حول الوحدة والشمولية.”
كما قال إن هناك أشياء مريحة تم ملاحظتها في حلب وحماة، المدينة الكبرى الأخرى التي تم السيطرة عليها الأسبوع الماضي.
وأشار إلى أن الأهم سيكون كيفية تنظيم وترتيب الترتيبات الانتقالية في دمشق.
إذا كانت تلك الترتيبات شاملة لجميع المجموعات والمجتمعات في سوريا، فستكون هناك إمكانية لبداية جديدة.
وأضاف: “وأنا أعتقد أن المجتمع الدولي سينظر إلى تصنيف هيئة تحرير الشام كإرهابية مرة أخرى.”
بعد ذلك، وضع وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن عمليا مجموعة من الشروط التي إذا تم الوفاء بها، ستؤدي إلى إعطاء سوريا الاعتراف الكامل من واشنطن.
وقال: “من الضروري أن يحمي جميع الأطراف المعنية المدنيين؛ ويحترم حقوق الإنسان، وخاصة حقوق الأقليات الضعيفة؛ ويحافظ على مؤسسات الدولة وخدماتها لتلبية احتياجات الشعب السوري؛ ويبني نحو حكومة شاملة.”
وأضاف: “تصريحات القادة الثوريين في هذا الصدد مرحب بها للغاية، ولكن بالطبع، المقياس الحقيقي لالتزامهم ليس فقط ما يقولونه ولكن ما يفعلونه.”