في صباح يوم 13 سبتمبر/أيلول من عام 2022، وفي قلب مدينة مِقِلّي عاصمة إقليم تيغراي بإثيوبيا، انطلقت الأحداث بشكل مألوف داخل مركز “ديمتسي ويان” الفضائي، الذي كان يُنقل تطورات الصراع الحاد بين جبهة تحرير تيغراي (المُملكة) والقوات الفيدرالية في أديس أبابا، قبل أن يتوقف البث فجأة، وتنقطع إشارة القناة التلفزيونية. بعد هذا التوقف القصير، تأكدت
الأخبار عن هجوم قوات الحكومة الفيدرالية على مقر القناة، بإستخدام طائرات بدون طيار مجهولة المصدر.
لم تكن القوات التيغرانية مُجرد ميليشيا انفصالية يمكن التغلب عليها بسهولة، بل كانت شريكاً أساسياً في الحكم والقوات لعقود طويلة، حتى قرر رئيس الوزراء آبي أحمد تقليص تأثيرها تدريجياً بعد توليه المسؤولية عام 2018، مما أدى إلى نشوب الصراع الأهلي المُسلح بين الطرفين وحلفائهما في نهاية عام 2021. تصاعدت الاشتباكات على الأرض، وبدت الأمور تميل نحو انتصار احتمالي لسيناريو سقوط حكومة آبي أحمد وعودة التيغرانيين إلى السلطة بعد تقدمهم نحو العاصمة. ولكن الأمور تغيرت سريعًا لصالح الحكومة في أديس أبابا، وأخيرًا يبدو الأمر واقعاً بأنهم استطاعواتم تحديد مصير أبابا في شتاء هذا العام بعد سلسلة من الصراعات التي تم حسمها في السماء، بفضل الطائرات بدون طيار التي تم استقدامها من الخارج من قِبَل حكومة آبي أحمد.
اكتشف المزيد
list of 2 items
list 1 of 2
العملية كوزموس 1408.. هل تبدأ روسيا الحرب العالمية الثالثة من الفضاء؟
list 2 of 2
من هيتشكوك إلى دكتور خشبة.. كيف شوّهت السينما الطبيب النفسي؟
end of list
تعتبر منطقة القرن الأفريقي مزدحمة بالجماعات العرقية والدينية المختلفة، مثل الصوماليين والأمهريين والأورومويين والتيغرانيين والعَفَريين. (الفرنسية)
اقترب نهاية عام 2022 حين قرر “دِبرَصيون جَبر ميكائيل”، زعيم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، توجيه رسالة للأمين العام للأمم المتحدة، يبلغه فيها بأنه قام بإصدار أمر لقواته بالانسحاب السريع إلى داخل حدود الإقليم. هذا الإجراء جاء بعد تواجد تلك القوات في أطراف العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وبينما أشار الزعيم إلى أسباب انسحابه، وجدد تأكيده على ضرورة حماية قواته والشعب، نظرًا لأن الجيش الإثيوبي استحوذ على طائرات بدون طيار من جهات خارجية، ساهمت في مؤازرة الجيش وقطع خطوط إمداد القوات التيغرانية بشكل حاسم، مما أدى إلى تحويل سير الصراع لصالح العاصمة، ومضطرة الجبهة القوية في النهاية للجلوس إلى طاولة التفاوض مع الحكومة.
(الجزيرة)
جهود الأطراف المحلية الجميعة نحو تحقيق تفعيل ميداني على الأرض ضد أعدائهم، وهو مرتكز على الغياب المُلحظ لحل سياسي-اجتماعي الذي أدى إلى تقييد عقول الزعماء الذين يتحاربون، مما جعل أهمية لافتة لجداول أعمال التسليح الإقليمي والدولي في نزاعات القرن الأفريقي حيزًا كبيرًا. ومن هنا، ابتدعت كافة التيارات المعنية الطريقة المناسبة في الطائرات المتحكمة عن بعد التي كان لها تأثير فاعل في الصراعات الأخيرة التي تشهدها تلك المنطقة المُلتهِبة والمأزومة. وفي الظروف التي يعاني فيها تأخر الصناعات العربية المُتقدمة، أصبحت إيران وتركيا المتواجدتان في الشمال الشرقي للمنطقة العربية، وعلى مقربة من البحر الأحمر والقرن الأفريقي، اللاعبتيْن الرئيستين بطائرتهما المُسيَّرة في تحديد سيناريو الصراعات العسكرية في تلك المنطقة.
اثيوبيا: المُسيَّرات تحسم الصراع الأهلي
في صباح يوم 16 ديسمبر/كانون الأول من العام 2023، قام رئيس الوزراء الإثيوبي “ايهابي أحمد” ورئيس أركان جيشه “برهانو جولا” بتكريم المدير العام لشركة المسيرات التركية “خلوق بيرَقدار”، وذلك باعتباره مشاركًا فاعلًا في تعزيز وتطوير كفاءة القوات الجوية الإثيوبية، ضمن نشاط احتفالي نُسق خلال احتفالات تكريمية بمناسبة تحقيق القوات الجوية للبلاد 88 عامًا من العَطاء. لفهم تلك المناسبة الإثيوبية، يجب العودة قليلاً في الزمن إلى عامين قبل الحدث، تحديدًا شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حيث نجحت قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في تحقيق سلسلة من الانتصارات الميدانية ضد الجيش الفيدرالي الإثيوبي وحلفائه من ميليشيات فانو الأمهرية والجيش الإريتري خلال الحرب التي اندلعت عام 2020 بسبب قرار ايهابي أحمد باحتلال إقليم تيغراي شمال البلاد.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، كانت قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تستعد لاستكمال سيطرتها على مدينة “دبر برهان”، التي تبعد 130 كيلومترًا فقط عن العاصمة أديس أبابا، في إطار استراتيجيتها الناجحة حتى ذلك الوقت للحصول على سيطرة كاملة على العاصمة من خلال أربعة محاور بالتعاون مع جيش تحرير الأورومو، وهو الأمر الذي دفع منظمة الأمم المتحدة وعدد من الدول كفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا إلى الإعلان عن عمليات إجلاء سريعة لموظفيها الدبلوماسيين وعائلاتهم. وفي الوقت ذاته، أعلن ايهابي أحمد عبر تغريدة على حسابه الشخصي على منصة تويتر أنه سينضم إلى القتال في الخطوط الأمامية للمعركة، مفوِّضًا صلاحياته لنائبه.
شُهِدَ بعد ذلك تقدمًا هامًا في مجريات القتال أدى إلى سيطرة تحالف ايهابي أحمد على مدن إستراتيجية رئيسية وتقدمه داخل إقليم تيغراي. وكان إدخال المُسيَّرات المجهولة المصدر والمتقدمة تكنولوجيا في القتال هو العامل الأكثر فاعلية في تغيير مسار الحرب وإرباك حسابات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، حيث لم تكن تتوفر لقوات الجيش الإثيوبي من قبل. وقُدَر وقتها بصدور تقارير تظهر بوضوح أن تلك المُسيَّرات كانت تابعة للشركة التركية بيرقدار، وأن وجودها كان في إحدى المنشآت العسكرية التابعة للجيش الإثيوبي في مدينة “بحر دار”، العاصمة الإقليمية للأمهرة في الجهة الشمالية الغربية من البلاد، بالإضافة إلى مُسيَّرات إيرانية أرسلتها طهران لغايات اقتصادية، ومُسيَّرات أخرى غربية المنشأ أُرسلت من الإمارات إلى الحليف الإثيوبي.
تزايدت الضغوطات الدولية والإقليمية على إحلال السلام بعد أن تسبب الصراع في وقوع لأهبة.تتجاوز حصيلة القتلى الـ600 ألف بنفس مدى حوالي مليون شخص نازح. وافقت العاصمة الإثيوبية بعد أن تعادلت القوى في ساحة المعركة، مع تفوق نسبي للجيش الإثيوبي بسبب الطائرات المجهولة المصدر. تم الإعلان في بريتوريا بجنوب أفريقيا عن توقيع اتفاق سلام بين الطرفين، وتوقفت المعارك بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والقوات الإثيوبية. ولقي الاتفاق برفض وغضب من حلفاء رئيس الوزراء الإثيوبي، مثل الرئيس الإريتري “أسياس أفوِرقي” وميليشيات “فانو” الأمهرية. هذا ما دفع الأخيرة للانضمام إلى صفوف القتال ضد الجيش الإثيوبي، واستمرت المعارك بين الطرفين حتى الآن بعد فشل كافة محاولات الوساطة.
فيما يتعلق بالعلاقة بين أسمرا وأديس أبابا، اشتدَّ التوتر إلى أقصى مستوياته بعدما أعلن رئيس الوزراء ضرورة وصول بلاده الحبيسة جغرافيًا إلى المياه الدافئة، أي البحر الأحمر، مما أثار غضب إريتريا التي كانت سابقًا جزءًا من دولة إثيوبيا قبل استقلالها عام 1993. تاريخها الطويل من الصراع المرير مع إثيوبيا يعزز هذا التوتر.
في منتصف يناير الماضي، تم نشر صور تظهر استلام الجيش الإثيوبي لأول شحنة من المُسيَّرات الإيرانية من طراز “المهاجر 6”. لم تكشف المصادر عن كيفية وصول هذه المُسيَّرات إلى أديس أبابا، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تعصف بإثيوبيا، مما أدى إلى تدهور تصنيفها الائتماني من قِبل وكالة “فيتش”. وبالشكل ذاته الذي أثرت فيه بيرقدار تسوية الصراع في إثيوبيا، يجب على “المهاجر 6” أن يلعب الدور نفسه، ولكن في منطقة شمالية قليلا من دولة إثيوبيا.بعد تسلمها طائرات بدون طيار من دولة الإمارات العربية المتحدة، عاد الجيش لاستعادة توازنه بفضل الطائرات بدون طيار الإيرانية.
دخول “الهجرة 6” إلى ساحة المعارك يُعَد تطوّرًا عملياتيًا مهمًا يزيد من قدرات الجيش السوداني، حيث أعلن قائده عبد الفتاح البرهان بعد حوالي أسبوعين من انضمام الطائرة بدون طيار الإيرانية إلى الترسانة الجوية لقواته عن تغيير الاستراتيجية العسكرية من الدفاع إلى الهجوم على جميع الجبهات، وذلك خلال خطاب ألقاه أمام حشد من الجنود والضباط بالفرقة 11 مشاة خلال تفقده لقوات الجيش في ولاية “كسلا”. هذا جاء في إطار حركة لجمع قوات الحركات المتحالفة مع الجيش والموقّعة على اتفاق جوبا للسلام في ولاية القضارف.
السفراء والطائرات: انقرة وطهران في القرن الأفريقي
ركزت طهران على تعزيز تأثيرها الجيوسياسي في أفريقيا كهدف استراتيجي رئيسي منذ اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، حيث أنشأت لجنة خاصة بالدول الأفريقية في وزارة الخارجية الإيرانية، وزاد عدد المكاتب الدبلوماسية داخل القارة إلى 26 مكتبًا خلال العقد الأول من عهد الجمهورية الإسلامية. شهدت فترة تولي الرئيس “محمود أحمدي نجاد” للسلطة بين عامي 2005 و 2013 زخمًا للتقارب الإيراني-الأفريقي، مع تدشين استراتيجية التعاون مع الجنوب، والتي شملت توريد النفط الإيراني واستثمارات في البنية التحتية بالقارة وإنشاء شركات وتقديم قروض ومزيد. ومنذ تولي الإصلاحي “حسن روحاني” رئاسة البلاد عام 2013، شهدت التعاون والتقارب مع أفريقيا تراجعًا بسبب تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب.
مع تولي “إبراهيم رئيسي” السلطة عام 2021، وتعيين “حسين أمير عبد اللهيان” وزيرًا للخارجية، الذي عمل سابقًا نائبًا لوزير الخارجية لشؤون العرب والأفارقة، استعادت العلاقات الإيرانية-الأفريقية أهميتها كوسيلة أساسية في سياسة الجمهورية الإسلامية. وقد تمثل ذلك في استعادة العلاقات بين إيران والسودان بعد فترة انقطاع دامت سبع سنوات بسبب اقتحام سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، حيث أعلنت الخارجية السودانية في أكتوبر الماضي استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين برعاية صينية. خلال زيارة لأوغندا، التقى وزير الخارجية السوداني “علي الصادق” بنائب الرئيس الإيراني “محمد مخبر” على هامش مشاركتهما في قمة دول عدم الانحياز في كمبالا في يناير من هذا العام، حيث جرى بحث استعادة العلاقات الثنائية بين البلدين وتسهيل إعادة فتح السفارات بينهما.
من ناحية أخرى، يعد تعزيز التأثير التركي في أفريقيا جزءًا من السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية التركي الذي استهدف تأثير أنقرة في السياسة العالمية من خلال التواصل مع الدول غير الغربية، وذلك من خلال الفجوة الجيوسياسية في المنطقة. أعلنت أنقرة عام 2005 عامًا أفريقيًا، وقام رئيس الوزراء آنذاك “رجب طيب أردوغان” بزيارة إثيوبيا وجنوب أفريقيا، وهي أول زيارة من نوعها لرئيس وزراء تركي إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء. وزادت الجهود للتقارب بينهما مع زيادة عدد سفارات تركيا في العواصم الأفريقية من 12 إلى 43 سفارة بين عامي 2002 و 2021، لتصبح رابع أكثر الدول تمثيلًا دبلوماسيًا في القارة بعد الولايات المتحدة والصين وفرنسا. وانتبهت العلاقات التركية-الأفريقية إلى الجانب الاقتصادي، حيث تم عقد ثلاث مؤتمرات للشراكة التركية-الأفريقية بين عامي 2008 و 2021، وشهدت التجارة بين تركيا وأفريقيا نموًا من 3 مليارات دولار في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى 25 مليار دولار في عام 2020. قامت الشركات المقاولة التركية بتنفيذ مشاريع تبلغ قيمتها 71 مليار دولار في القارة.
تركيا أصبحت شريكا إستراتيجيا للاتحاد الأفريقي عام 2008 (الأناضول)
في إطار سعيها للتواجد الإستراتيجي في القارة السمراء، دمجت أنقرة بين الوسائل اللطيفة، مثل المساعدات المالية والتنموية مُجسدة في مجهودات مؤسسة “تيكا” المخولة بتقديم المعونات التركية الخارجية، التي وصلت فروعها في أفريقيا إلى 22 فرعا، والاستجابة السريعة للكوارث الطبيعية كالجفاف الذي ضرب الصومال في عام 2011 وزيارة أردوغان لمقديشو حينها لتصبح أول زيارة لزعيم أجنبي للبلاد منذ عقدين، والمنح الدراسية التي استفاد منها 15 ألف طالب أفريقي بين عامي 1992-2020. وفي مجال التعاون الثقافي والإعلامي تحسَّنت الصورة العقلية لتركيا حيث جعلت وكالة الأناضول من أديس أبابا مركزا لها في أفريقيا لتقديم دورات متنوعة للصحافيين الأفارقة بمستمرية. كما ازداد التعاون العسكري والأمني، حيث بلغت المكاتب العسكرية التركية في أفريقيا 37 مكتبا، وكانت أفريقيا أكثر المناطق نموًا على مستوى صادرات الأسلحة التركية عام 2021، إذ ارتفعت صادرات السلاح التركي للقارة بنسبة 700% ووصلت إلى 328 مليون دولار.
لعبت “الدبلوماسية الخفية” التركية والإيرانية دورا أساسيّا في صراعات القارة، وتحديدًا في القرن الأفريقي، حيث شكّلت إحدى أدوات النفوذ الإقليمي للبلدين، مما حقق لهما عدة أهداف، بما في ذلك التعزيز على سواحل البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، نظرًا لأهميتهما اقتصاديا وعسكريا وأمنيا، حيث رست الأساطيل الإيرانية في خليج عدن منذ عام 2009 بحجة محاربة القُرّاص، كما توجد ستة طائرات حربية إيرانية في المياه الصومالية لنفس الغرض، وحماية السفن التجارية الإيرانية.
أما تركيا فتمتلك قاعدة “تُركْسوم” العسكرية في الصومال، ثاني أكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج. وأعلنت الحكومة الفيدرالية الصومالية في سبتمبر/أيلول 2022 استخدام المُسيَّرات التركية في العمليات العسكرية الجارية في عدة مناطق بجنوب ووسط البلاد، حيث أشار وزير الداخلية والفيدرالية والمصالحة الصومالي “أحمد معلم” في مقابلة مع قناة “يونيفِرسال” الإخبارية الصومالية إلى مشاركة المُسيَّرات بيرقدار في العمليات القتالية ضد مقاتلي حركة الشباب المنتمية لتنظيم القاعدة، والتي تُعد إحدى الفروع العنيفة للجماعات السلفية الجهادية في القارة، وقد تأسست في عام 2004. وكانت الشباب جناحًا عسكريًا لاتحاد المحاكم الإسلامية قبل أن تنفصل عنها بعد انخراطها في العملية السياسية، وتمتلك سجلًا دمويًا من النزاعات والهجمات المسلحة، ليس فقط في الصومال، بل أيضًا في دول المنطقة مثل جيبوتي وكينيا، وتشكل تهديدًا كبيرًا على الأمن والسلم في المنطقة، وتواصل السيطرة على مناطق هامة في الصومال.
(الجزيرة)
تشكل أفريقيا بوابة خروج استراتيجية لتركيا وإيران من تأثير القوى الغربية، كما تمنحهما فرصة استخدام التأثير السياسي للكتلة الناخبة الكبيرة لدول أفريقيا في دعم مواقفهما داخل المنظمات الدولية، خاصة بالنسبة لإيران التي تعاني عادة من العزلة الدبلوماسية. وتمثل الجانب الاقتصادي تحدٍّ لطهران في تفادي عقوبات الولايات المتحدة، حيث ارتفعت صادرات إيران إلى القارة خلال الفترة بين عامي 2021 و 2022 إلى نحو مليار دولار، مع إعلان الرؤساء عزمهما زيادتها إلى 5 مليارات دولار سنويا. وتظهر رغبة البلدين في الاستفادة من احتياطيات النفط والغاز الكبيرة المُكتشفة حديثًا في القرن الأفريقي، والاستثمارات المستقبلية التي ستعقب ذلك.يتمتَّع القارة بموارد طبيعية هائلة وغير مُنفَذة، بالإضافة إلى اليورانيوم في إيران، والنفط والغاز الطبيعي في تركيا، حيث أصبحت الجزائر المزوِّد الرابع لتركيا بالغاز.
تواجه التوسُّع التركي والإيراني في أفريقيا تحديات على نحو مزدوج؛ أولها على المستوى الداخلي، حيث تلعب الاستقرار السياسي في أنقرة وطهران دورًا حيويًا في تعزيز نفوذ البلدين في القارة، والثاني على المستوى الخارجي، حيث يتعارض التوسّعان مع مصالح القوى الدولية الراغبة في حماية نفوذها.
قد تدفع نجاح الجهود الدبلوماسية لتركيا وإيران في أفريقيا باللاعبين الإقليميين والدوليين الآخرين إلى اتباع نفس الاستراتيجية لتعزيز نفوذهم، مما يزيد من التوتر في إحدى أكثر المناطق سخونة في العالم.