[ad_1]
بعض الأفلام تتطلب المشاهدة المتكررة لفهمها بدقة ورسم رؤية شخصية متكاملة عنها. هذه الأفلام تقدم للمتفرج متعة نادرة، حيث يكتشف شيئًا جديدًا مع كل مشاهدة، ليس فقط عن العمل الفني نفسه، بل بما يتعلق أيضًا بعمقه الداخلي ورغباته وخبراته في الحياة.
فيلم “رجل مختلف” (A Different Man)، من إخراج آرون شيمبرغ وبطولة آدم بيرسون وسيباستيان ستان، هو من الأعمال السينمائية التي تثير تساؤلات عميقة تتعلق بالوحدة والعلاقات الاجتماعية والعزلة وفهم الجمال بمعانيه المختلفة -سواء المتعارف عليه أو المثالي.
اقرأ أيضًا
- مع تصاعد نجاحات أفلام التيار المحافظ.. هل تضطر هوليود لتغيير جلدها؟
- شادية.. أيقونة البهجة التي أخفت آلامها وودّعت الأضواء بصمت
تتناول أحداث الفيلم قضايا معاصرة تعكس التأثير السلبي للمعايير المثالية التي يعرضها الفنانون والمؤثرون، مما يفرض ضغوطًا كبيرة على الجمهور العادي. هذه المعايير المستمرة في التغير وضعت الناس في سباق لا نهاية له نحو تحقيق الجمال المثالي، مما حول الحياة إلى تجارب مستمرة بلا راحة.
جنون وتقلبات في الفيلم
تتمحور القصة حول إدوارد، الذي يجسده سيباستيان ستان، وهو ممثل غير مشهور يعاني من مرض الورم العصبي الليفي. يعتمد في عمله على مشاركات فيديو توعوية بمرضه، بينما يعيش حياته في عزلة داخل شقة صغيرة في نيويورك بدون أصدقاء أو علاقات اجتماعية.

يبرز المخرج تفاصيل دقيقة توضح عزلته، مثل تسرب المياه من ثقب في السقف، ليعكس حالة الوحدة التي يعيشها إدوارد. هذه التفاصيل ترى بوضوح لتضيف بعدًا ملموسًا لحياة البطل المعقدة.
[ad_2]
لا يكترث إدوارد بتسرب الماء في شقته، فيضع طبقاً صغيراً تحته غير مهتم بإصلاحه، كأن الأمر لا يعنيه وحياته مجرد محطة عابرة.
يعيش إدوارد في عزلة بسبب تشوه وجهه، رغم عمله في تصوير فيديوهات تثقيفية حول مرضه، تهدف إلى مساعدة الأفراد الذين يعانون من تشوهات في الاندماج مع المجتمع. يحصل على فرصة لتجربة علاج يخفي تشوهاته، ويصبح “جاي” بوجه جميل، لكنه لا يشعر بالسعادة وما زال أسير وحدته الداخلية.
الجمال ليس كافيا
بينما يتوقع المشاهدون وصول “جاي” للسعادة والرضا، يظهر “آدم بيرسون” في دور “أوزوالد” بتشوه مماثل للوجه القديم لجاي، ولكنه يعيش حياة مليئة بالحيوية والمرح. يدرك المشاهد أن الانعزال نابع من الداخل وليس من المظهر الخارجي. ويظهر الفيلم من خلال هذه الشخصيات كيف تؤدي المقارنات المستمرة في الجمال والمال إلى شعور دائم بعدم الرضا.
يفكر “جاي” في ماضيه قبل تمتعه بالجمال، لكنه يدرك من خلال حياة “أوزوالد” أهمية قبول الذات، مما يبرز مدى تأثير رؤية الفرد لنفسه على كيفية استقبال الآخرين له.

التشوه بين الواقع والسينما
مقابلة آدم بيرسون حول أدائه التمثيلي
في مقابلة أجرتها مجلة “جي كيو” مع الممثل آدم بيرسون، الذي يعاني من الورم العصبي الليفي، أوضح بيرسون أنه قام بمناقشات موسعة مع الممثل ستان ليستطيع الدخول في الحالة الذهنية المناسبة للشخصية التي يجسدها. بيرسون أجاب على استفسارات ستان حول كيفية التعايش مع التشوه والإعاقة في الحياة اليومية.
يقول بيرسون: “إن الصفات الأكثر إرباكًا وفقدانًا للذات في هذا العالم هما أن تكون مشوهًا أو مشهورًا، لأن كلا الأمرين يجعلانك موضوعًا للملكية العامة، ويعتقد الجميع أنك مدين لهم بشيء. ينظرون إليك، ويشيرون إليك، ويختلقون عنك القصص.” هذه الفكرة كانت ما حاول بيرسون إيصالها لستان لبناء أدائه في الجزء الأول من الفيلم، حيث لعب دور “إدوارد”.
في الجزء الثاني من الفيلم، يعرض “إدوارد” كتجسيد معاكس تمامًا للشخصية الأساسية لستان. رغم حصوله على وجه واسم جديدين، إلا أنه لم يتمكن من التغلب على مخاوفه العميقة، وبقي عالقًا في ماضيه وغير قادر على التقدم إلى الأمام حتى بعد التخلص من تشوهه. وقد بلغت هذه المخاوف حداً منعه من الكشف عن حقيقته لحبيبته الكاتبة المسرحية التي استلهمت عرضًا مسرحيًا كاملاً من حياته السابقة، معتقدةً أنه شخص ميت.
الرؤية البصرية للمخرج
اختار المخرج شيمبرغ أن يصور الفيلم باستخدام كاميرا 16 ملم، ليضيف طابع القدم على شقق نيويورك المتداعية والمهملة حيث تجري الأحداث المتناقضة للبطولة، والتأكيد على العزلة التي يعاني منها بطل الفيلم. كان اختيار نوع الكاميرا هنا يجب أن يعكس جماليات القصة وينسجم مع قدرات الممثل ويتوافق مع الحوار الحاد واللحظات الحاسمة في الفيلم ليكون الجمهور جزءاً من القصة.
وقد أدى التصوير دوره بفعالية كبيرة، خاصة مع استخدام الديكور البسيط والإضاءات الخافتة التي تعكس الصراعات الداخلية للبطل، والانتقال إلى الأماكن الصاخبة التي تعج بالفوضى وتبرز لحظات الفرح العابرة. هذه العناصر ساهمت في إبراز التناقضات والعزلة التي عاشها بطل الفيلم طوال مراحل حياته بصور متنوعة.
رابط المصدر
[ad_2]