رحلة نحو الزمن المقبل مع فاروق الباز

Photo of author

By العربية الآن



رحلة نحو الزمن المقبل مع فاروق الباز

فاروق الباز
فاروق الباز (شبكات التواصل الاجتماعي)
ليس آفتًا للذات ولكنه – فعلًا – زمنُ تحيز العرب، زمنَ الاستخبارات الصناعية؛ فأنساب البيروني والخوارزمي وابن سينا وابن خلدون العرب مازالوا على وفائهم لاختياراتهم الثابتة تجاه التحول العلمي والتكنولوجي،وفيما بينهم وبين الانضمام إلى صفوف الدول المتقدمة تمر سنوات عديدة.

لم يكشف الأستاذ فاروق الباز المعروف بـ “ملك القمر” عن ذلك بشكل رسمي خلال لقاء مفتوح مع أعضاء المجلس العربي للإبداع مساء السبت 3 أغسطس/ آب الحالي، ولكنه أكد هذه الحقيقة، حيث أشار إلى وجود خلل جوهري في أنظمة التعليم في الوطن العربي، حيث لا تأخذ بعين الاعتبار مواهب الطلبة واختياراتهم عند التوجيه الجامعي. ولاحظ أنه كان يظهر موهبة واهتماما بمجال الجراحة منذ صغره، وكان الجميع يتوقع له مستقبلًا ناجحًا في مجال الطب والجراحة، ولكن تم اتخاذ اختياره بناءً على النتائج الأكاديمية، مما جعله ينغمس في عالم الفضاء.

التطور الرقمي وتقنيات علوم الفضاء والاستشعار عن بعد تفتح أمامنا أبوابًا لا حصر لها، وتوفر للعرب فرصًا هائلة للاستفادة منها، مثل استكشاف مخزون المياه الجوفية المخبأة في صحاريهم واستخدامها بشكل ذكي لتلبية احتياجاتهم في الحياة والتنمية

قصة ملك القمر، الذي ينحدر من مدينة الزقازيق ويحمل الجنسية الأمريكية، تشبه إلى حد كبير قصة العالم الراحل وحائز جائزة نوبل أحمد زويل، الذي اكتشفت مسيرته منذ 26 عامًا في تونس. وقد حقق نجاحات كبيرة عندما اعترف به العالم الغربي ودعمته الجامعات، ولكن كانت الظروف في بلده لا تسمح له بأن يبدع هناك.

تحدث الباز بثقة علمية وبلسم من المرارة عن الوضعية الحالية للتعليم والعلوم في العالم العربي، حيث لم تتحمل الحكومات مسؤوليتها في تقديم للأجيال العربية الفرصة لاكتشاف العلوم والتكنولوجيا الحديثة، وبالأخص الذكاء الاصطناعي.

ربما كانت الرسالة الأساسية التي أطلقها الباز خلال الحوار مع النخبة العلمية العربية، بإشراف الدكتور محمد السريحي، هي ضرورة أن يكون كل شخص عربي قادرًا على متابعة التطورات العلمية واستخدام الأبحاث بشكل فعال. فهو يعتبر نفسه متعلمًا يقرأ كتبًا جديدة يوميًا، ويعتبر أن اليوم الذي لا يقرأ فيه هو يوم ضائع وبلا قيمة. وهذا يذكرنا بقول فولتير: “سُئل عن الذين سيقودون البشرية؟ أجاب: الذين يعرفون كيف يقرؤون”.

المشكلة تكمن في الإنسان العربي وفي بيئته، وفي الثقافة التي توجهه نحو السلبية وتحثه على الاكتفاء بالحاصل الأكاديمي فقط دون التفكير في التطور والابتكار ومواكبة التكنولوجيا في عصر الفضاء والذكاء الاصطناعي.

التحديات التي تعوق تقدمنا لا تنحصر في الحروب المدمرة فحسب، بل تتعدى ذلك إلى عدم مراعاة القوانين البيئية من قبل الدول، ولكن الأمل يكمن في التعليم والأخلاق

بعد انتهاء الجلسة النقاشية الشيقة مع فاروق الباز، رمز النجاح العلمي والفضائي للعرب، بقيت أفكر: هل نحن مُرغمون على أن تنجح كفاءاتنا فقط في الخارج؟ وهل يتعين علينا التمسك بتقاليدنا الأدبية والفنية وإبداعنا، على حساب مواكبة التطور التكنولوجي وعصر الذكاء الاصطناعي؟

الأمة العربية غنية بمواردها البشرية أكثر من مواردها المالية، ولكننا بحاجة إلى استغلال تلك الموارد بشكل أفضل

التقدم البشري الضخم لتحقيق الازدهار والمنعة، وضمان الأمن الشامل، يظهر أنه لا يزال مؤجل بسبب أسباب غامضة

بعيدًا عن تمجيد الذات، لا يجب أن ننسى أن هيلي أوليفيك من جامعة تكساس أكدت أن العلوم العربية كانت الأكثر تطورًا حتى القرن الثالث عشر الميلادي، بينما يُشير الباحث الأمريكي هلرتن كرامه إلى أنه لو تم توزيع جوائز نوبل قبل ألف عام فإن معظمها كان سيذهب للمسلمين!. لماذا تلاشت تلك الإشراقة بعد ذلك، ولم تتجدد؟

ما كشف عنه الباز ببساطة يشير إلى انعدام ثقافة “اقرأ” الأصيلة لدى كل عربي مسلم، وإلى عدم الالتزام بنهج الوعي العلمي واستخدام أسباب القوة والمنعة، من خلال التحصيل والتجديد والتفوق في مختلف ميادين المعرفة والتقنية.

الأمة العربية بمواردها البشرية أكثر غنى مما هي بمواردها المادية والمالية، ومع ذلك فإن استخدام البشرية الضخمة كسلاح لتحقيق الازدهار والمنعة، وضمان الأمن الشامل، يظهر أنه لا يزال مؤجل بسبب أسباب غامضة.

تساؤلات ملحة.. إجاباتها تكمن عند كوادر القرار العربية، وشباب الجيل القادم.

الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن موقف شبكة الجزيرة التحريري.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.