ما الرسائل التي حملها ممثل الرئيس الروسي للجزائر؟
الجزائر – حملت زيارة ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية والممثل الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، دلالات مهمة حول العلاقات بين الجزائر وروسيا. تأتي هذه الزيارة في وقت بدأت فيه بوادر توتر غير معلنة تظهر بسبب وجود قوات فاغنر الروسية في مالي.
أعرب بوغدانوف عن أن العلاقات بين بلاده والجزائر جيدة على المستوى الاستراتيجي، مبينًا أن الاجتماع الذي جمعه مع نائب وزير الدفاع الروسي إيونوس بيك إيفيكوروف، والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ورئيس أركان الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة، ووزير الخارجية أحمد عطاف، تناول القضايا الثنائية إضافة إلى الأوضاع في المنطقة والساحل، وكذلك تبادل الآراء والتوصيات. وأشار إلى استعداد روسيا لاستكمال اللقاءات والتعاون مع الجزائر في السياقات السياسية.
تأتي زيارة المسؤول الروسي بينما تشير تقارير إعلامية إلى أن روسيا تسحب عتادًا عسكريًا متطورًا من قواعدها في سوريا وتوجهه نحو ليبيا، بعد أيام من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وهذا بعد تجديد الجزائر دعوتها في مجلس الأمن لانسحاب القوات الأجنبية والمقاتلين والمرتزقة من ليبيا، حيث يضفي وجودهم توتراً على الأوضاع ويهدد السيادة.
تنشيط بعد فتور
يرى أستاذ العلاقات الدولية محمد عمرون أن زيارة ممثل الرئيس الروسي إلى الجزائر مهمة، نظرًا للاوضاع الإقليمية والدولية، بما في ذلك سقوط نظام الأسد، الأوضاع في غزة، والحرب الأوكرانية، إضافة إلى التوترات في منطقة الساحل الأفريقي.
وأكد عمرون أن هذه الزيارة ذات أهمية خاصة للعلاقات الثنائية، التي شهدت فتورًا مؤخرًا بسبب وجود قوات فاغنر الروسية في شمال مالي.
أوضح أن العلاقات التاريخية التقليدية بين الجزائر وروسيا تشمل جميع جوانب التعاون، بما في ذلك السياسة والدبلوماسية والعسكرية، مما يجعل روسيا بحاجة إلى التشاور مع شريك موثوق مثل الجزائر حول التطورات في سوريا، مما قد يزيل البرودة عن العلاقات الجزائرية الروسية.
وأشار إلى أن انعقاد الدورة الرابعة للجنة المشتركة الجزائرية الروسية يشكل فرصة لتعزيز الثقة بين الجانبين بعد فترة من الفتور، وتبادل الآراء حول الوضع في منطقة الساحل.
رسائل وتوضيحات
ذكر عمرون أن بوغدانوف يحمل مجموعة من الرسائل من الرئيس بوتين إلى نظيره الجزائري تبون، تتعلق بالتعاون وتوضيح المواقف، خصوصًا بشأن منطقة الساحل، والاستماع للرؤية الجزائرية حول العديد من القضايا.
في سياق الزيارة الأخيرة لمسؤولي الأمن الروسيين إلى الجزائر، صرح المتخصصون بأن الجزائر قد أثبتت قدرتها عدة مرات على ضمان أمنها القومي بمفردها، مما يجعل مسألة الحصول على تطمينات روسية أمراً مبالغاً فيه.
### الجزائر ودورها في منطقة الساحل
يعتبر العديد من المحللين أن الجزائر لا يمكن أن تُستبعد من ترتيبات منطقة الساحل لأسباب متعددة، حيث تدعو الرؤية الجزائرية المستندة إلى الحوار والتعاون، وتجدد رفضها للتدخلات العسكرية ولجوء القوة لحل الأزمات، إلى ضرورة تعزيز التنسيق مع روسيا.
### موقف الجزائر من مجموعة فاغنر
من جهته، توقع الخبير الجيوسياسي حسان قاسمي أن يتم طي ملف مجموعة فاغنر نهائياً بعد رد الفعل القوي من الجزائر على نشاط القوات الروسية في مالي. وأشار إلى أن روسيا لا تزال تعتبر الجزائر حليفاً، رغم وجود خلافات حول بعض التطورات على الحدود.
### القواعد العسكرية الروسية في ليبيا
تطرق قاسمي في حديثه لموقع الجزيرة نت إلى التقارير الغير مؤكدة حول نقل القواعد العسكرية الروسية من سوريا إلى ليبيا، معتبراً أن هذه الأخبار تهدف لنقل الصراع إلى ليبيا دون وجود تهديد مباشر للقواعد الروسية في سوريا. كما أكد أن التنسيق مع الجزائر وبقية الأطراف مثل السلطة الليبية ومصر ضروري لمواجهة أي تطورات في المستقبل.
### موقف الجزائر الثابت من القواعد العسكرية
يرى المحلل السياسي علي ربيج أن موقف الجزائر من القواعد العسكرية في الساحل والمغرب العربي هو موقف ثابت، حيث رفضت وجود أي قواعد على أراضيها أو في دول مجاورة كليبيا أو تونس أو مالي، نظراً للتداعيات السلبية التي قد تترتب على الأمن الوطني.
كما أشار ربيج إلى أن موقف الجزائر قد يكون محور خلافات بينها وبين روسيا التي قد تسعى لإقامة قاعدة عسكرية في ليبيا، مما يزيد من التوتر بين الطرفين.
### الرسائل الروسية تجاه الجزائر
فيما يتعلق بالرسائل المحتملة التي قد يحملها الجانب الروسي للجزائر بشأن ليبيا، يُعتقد أن الهدف منها هو إقناع الجزائر بتغيير موقفها، حيث تدرك روسيا أنها لا يمكنها التخلي عن وجودها في ليبيا.
وفي ختام النقاش، أكد الخبراء أن الجزائر متمسكة بموقفها الذي يقضي بأن الحل للأزمة الليبية لا يمكن أن يتم إلا عبر الحوار والتفاوض بين الليبيين دون أي تدخل أجنبي.