تعزيز الشراكة الروسية الإيرانية في مواجهة العقوبات الغربية
موسكو (AP) – وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بيزشيكيان، يوم الجمعة، اتفاقية شراكة شاملة لتعميق التعاون بين بلديهما في ظل العقوبات الغربية القاسية.
الاتفاق يشمل مجالات متعددة
صرح مسؤولون روس وإيرانيون أن “معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة” تشمل جميع المجالات، بدءًا من التجارة والتعاون العسكري إلى العلوم والتعليم والثقافة.
وأشاد بوتين بالاتفاق معتبرًا إياه “اختراقًا حقيقيًا، يخلق ظروفًا للتنمية المستدامة والثابتة لكل من روسيا وإيران والمنطقة بأكملها”. وشدد على أن حجم التعاون التجاري والاقتصادي لا يزال غير كافٍ، معربًا عن أمله في أن تساعد المعاهدة الجديدة في تخطي العراقيل البيروقراطية وتعزيز الروابط.
كما أضاف الرئيس الروسي أن البلدين يسعيان لتجاوز المعيقات الفنية من أجل تقدم المشاريع المقررة لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى إيران وبناء طرق نقل إلى الموانئ الإيرانية في الخليج.
توافق في الرؤى والمشاريع
بيزشيكيان أكد أن المشاريع المطروحة قابلة للتنفيذ، مشيرًا إلى أن الخبراء يعملون على حل العقبات المتبقية.
قال الرئيس الإيراني: “نشهد فصلًا جديدًا من العلاقات الاستراتيجية”، مؤكدًا أن البلدين يعتزمان توسيع الروابط التجارية وتعزيز “مستوى التعاون الأمني”.
زيارة مؤثرة وتأثيرات السياسة الأمريكية
تأتي زيارة بيزشيكيان قبيل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب يوم الاثنين، الذي التزم بالسعي لتحقيق السلام في أوكرانيا وتبني موقف أكثر صرامة تجاه إيران، التي تواجه مشاكل اقتصادية متزايدة وتحديات عسكرية في نفوذها بالشرق الأوسط.
من جهته، نفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أي ارتباط بين توقيع المعاهدة وتنصيب ترامب، مؤكدًا أن الاتفاق كان مخططًا له مسبقًا.
الأهمية الاستراتيجية للعلاقات
تتبع توقيع المعاهدة مع إيران الاتفاق الذي تم العام الماضي مع كوريا الشمالية – الدول التي صنفها الرئيس السابق جورج بوش ضمن “محور الشر”.
خلال اجتماعهم، رحب بوتين ببيزشيكيان، مؤكدًا أن المعاهدة الجديدة ستعطي “دفعة إضافية لجميع مجالات تعاوننا”.
قال بيزشيكيان، الذي التقى بوتين للمرة الثالثة منذ توليه الحكم في يوليو، إن الوثائق تشكل “أساسًا قويًا لتحركنا إلى الأمام”. وأكد أن “علاقاتنا معكم تعتبر حيوية وحساسة واستراتيجية، ونحن على هذا الطريق بقوة”.
وأشار الرئيس الإيراني إلى ضرورة أن تحل الدول في المنطقة مشاكلها بنفسها، مبدياً توجهًا غير مباشر للحديث عن الولايات المتحدة قائلاً إن “وجود القوى الخارجية لن يؤدي إلا إلى زيادة التوتر وزعزعة الأوضاع”. وأردف: “يأتون من الجانب الآخر من العالم لخلق الفوضى في المنطقة. هذه الروابط ستفكك مخططهم، بالتأكيد.”
التعاون العسكري والاقتصادي بين روسيا وإيران
توطدت العلاقات بين روسيا وإيران بعد أن أرسل بوتين القوات إلى أوكرانيا في فبراير 2022. وقد اتهمت أوكرانيا والغرب طهران بتوفير مئات الطائرات المسيرة لموسكو لاستخدامها في الهجمات على أوكرانيا، وهو ما نفاه الجانبان.
أكد بيزشيكيان دعمه للمحادثات المحتملة للسلام بين روسيا وأوكرانيا، مشددًا على أن “الحرب ليست حلاً”، داعيًا الغرب للاعتراف بمخاوف الآخرين الأمنية.
انضمت إيران العام الماضي إلى مجموعة BRICS من الدول النامية، وحضر بيزشيكيان مختلف القمم التي نظمتها روسيا في قازان.
طورت روسيا وإيران، اللتان كانتا تتمتعان بعلاقات مضطربة في الماضي، علاقات ودية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، حيث أصبحت موسكو شريكًا تجاريًا رئيسيًا وموردًا للأسلحة والتقنيات لطهران، التي تواجه عقوبات دولية قاسية. وقد قامت روسيا ببناء أول محطة نووية في إيران تم تدشينها عام 2013، وهي بصدد إنشاء مفاعلين نوويين آخرين هناك.
كانت روسيا جزءًا من الاتفاق الذي تم بين إيران وست دول نووية عام 2015 والذي قدم تخفيفًا للعقوبات لطهران مقابل تقليص برنامجها النووي، كما قدم الكرملين دعمًا سياسيًا لإيران عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق بشكل أحادي خلال ولاية ترامب الأولى.
علاوة على ذلك، تعاونت روسيا وإيران لتدعيم حكومة بشار الأسد أثناء الحرب الأهلية في سوريا، لكنهما فشلا في منع سقوطه الشهر الماضي بعد هجوم خاطف من المعارضة، مما دفع الأسد وعائلته للفرار إلى روسيا.
كانت إقالة الأسد ضربة أخرى لمحور المقاومة المدعى من قبل طهران في المنطقة، والذي تعرض لضغوط جمة جراء الهجمات الإسرائيلية على جماعتين مسلحتين مدعومتين من إيران – حماس في غزة وحزب الله في لبنان. كما هاجمت إسرائيل إيران مباشرة في مناسبتين.
تحتاج طهران بشكل متزايد إلى مساعدة موسكو مع مواجهة أزمات اقتصادية وهزائم مؤلمة في نفوذها بالشرق الأوسط، وقد تتفاقم هذه المشاكل بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض مع سياسته المتعلقة بـ”أقصى ضغط” على إيران.
تسعى إيران، بشكل خاص، للحصول على أسلحة روسية متطورة مثل أنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى والمقاتلات للدفاع عن نفسها من هجمات محتملة من إسرائيل.
المساهمون في التقرير
ساهم في كتابة هذا التقرير كاتب وكالة أسوشيتد برس جون غامبرل في دبي، والإيراني ناصر كريمي في طهران.