زلزال المغرب: علماء يكشفون سبباً غير متوقع وراء هذا الدمار الغير عادي

Photo of author

By العربية الآن



زلزال المغرب.. علماء يرجحون سبباً لم يتوقعه أحد لكل هذا الدمار

إقليم الحوز زلزال المغرب
الزلزال خلف دمارا هائلا بمدن وقرى إقليم الحوز (الجزيرة)

في 8 سبتمبر 2023، ضرب زلزال بقوة 6.8 درجات غرب المغرب، محطمًا صمتًا زلزاليًا دام 63 عامًا، منذ آخر زلزال قوي في عام 1960. وقد دفع هذا الحدث العديد من الباحثين حول العالم للغوص في تفاصيله، وظهرت نتيجة “غير متوقعة” من فريق بحث صيني حول أسباب هذا الزلزال.

موقع الزلزال وخصائصه

تقع معظم الأنشطة الزلزالية في المغرب بالقرب من جبال الريف شمال مركز الزلزال، حيث تلتقي الصفائح التكتونية الأفريقية والأوراسية. ومع ذلك، وقع الزلزال الأخير في منطقة عميقة تحتجب جبال الأطلس، وبعيدًا عن منطقة التقاء الصفائح، كما أظهر الباحثون من قسم علوم الأرض والفضاء بجامعة العلوم والتكنولوجيا الجنوبية في شنتشن، في دراسة نشرتها دورية “جيوفيزيكال ريسيرش ليترز”.

أداة جديدة لفهم الزلازل

لتقريب هذا الاكتشاف، يمكن تخيل أن سطح الأرض يشبه قشرة بيضة مشقوقة، حيث تتكون من قطع كبيرة تُعرف بالصفائح التكتونية، مثل الصفائح الأفريقية والأوراسية. عادةً ما تحدث الزلازل عند هذه الشقوق، لكن الزلزال الأخير وقع بعيدًا عن تلك الحواف، بعمق تحت سطح جبال الأطلس.

يقول كيجي شين، أستاذ علوم الأرض والفضاء في جامعة العلوم والتكنولوجيا الجنوبية، “في هذه المنطقة، ترتفع جبال الأطلس الكبير بمرور الوقت، ليس بفعل الحركة البطيئة للصفائح التكتونية، بل بسبب نشاط عميق في وشاح الأرض يُعرف باسم (ارتفاع الوشاح)، ونعتقد أن هذا النشاط قد يكون سبب الزلزال، وليس حركة الصفائح المعتادة”.

سبب الزلزال العميق

نشأت الهزة الأرضية من نظام صدع يعرف باسم (تيزي نتيست) على عمق يقدر بنحو 26 كيلومترا، هذا الصدع هو جزء كبير في قشرة الأرض تحت منطقة الأطلس الكبير. أدى ارتفاع الوشاح إلى الضغط بشكل أكبر على هذا الصدع، مما جعله أكثر عرضة للانكسار.

إذا تخيلنا أن الوشاح هو قدر كبير من الماء يغلي، فإن منطقة الوشاح تحت جبال الأطلس تكاد تشبه فقاعة تدفع للأعلى، مما يخلق ضغطًا على القشرة فوقها، كما يفعل الماء المغلي مع غطاء القدر. ومع الوقت، يتراكم هذا الضغط، ويؤدي إلى إجهاد القشرة خاصة إذا كان بها صدوع مثل (صدع تيزي نتيست).

أدوات البحث المستخدمة في الدراسة

اعتمدت الدراسة على ثلاث أدوات رئيسية. الأولى هي “التصوير بالرادار عبر الأقمار الصناعية”، مما يمكن الباحثين من التقاط صور للأرض قبل وبعد الزلزال، ومن ثم مقارنة “قبل وبعد” لتحديد مقدار تحرك الأرض. استخدم الباحثون بيانات قمر (سانتنال-1 إيه) لإنشاء خرائط توضح تحركات الأرض على جانبي الصدع حيث وجدوا تحرك أحد الجانبين لأعلى حوالي 15 سنتيمترا، في حين انخفض الجانب الآخر بمقدار 5 سنتيمترات.

ثانيًا، “تسجيلات الموجات الزلزالية” المعتمدة على أجهزة قياس الزلازل المنتشرة حول العالم، مما يمكن الباحثين من تحليل سرعة الزلزال ومكانه وكيف انتقلت الطاقة عبر الصدع، مما ساعد في تتبع الزلزال في الوقت الفعلي.

أخيرًا، استخدم الباحثون تقنية “الانعكاس البايزي” للتحقق من دقة البيانات. هذه التقنية تجمع بين المعرفة السابقة والبيانات الجديدة لتقديم تقديرات محسنة.

التحديات المرتبطة بالبحث الزلزالي

وفقًا لشين، يُظهر الزلزال المرتبط بالوشاح أنه يختلف عن الزلازل التقليدية الناجمة عن حركات الصفائح، والتي عادة ما تُلاحظ في القشرة العليا الضحلة، عوضًا عن القشرة السفلية العميقة.

يقول شين: “بالنسبة لي، هذه واحدة من الدراسات الأولى التي تربط بين صعود الوشاح والنشاط الزلزالي في المغرب، ولكن هذا النوع من النشاط قد سجل في أجزاء أخرى من العالم مثل شرق أفريقيا وأيسلندا.” ويؤكد على أهمية مواصلة الأبحاث لفهم العلاقة بين عمليات الوشاح العميق والنشاط الزلزالي.

آراء مختصين آخرين

يتفق د. شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل في المعهد القومي للبحوث الجيوفيزيقية والفلكية بمصر، مع أهمية دراسات دور الوشاح في الزلازل، مشيرًا إلى ضرورة إشراك الباحثين المغاربة في تلك الدراسات بسبب معرفتهم العميقة بجيولوجية المنطقة.

بينما أشاد د. الهادي بالمنهج العلمي للنظرية الصينية، عبر عن حذره من تقديم نتائج نهائية بسبب طبيعة الأرض المعقدة. وأشار إلى دراسات سابقة من مناطق متعددة كدليل لنفس الظاهرة الجيولوجية.

التخطيط للبنية التحتية المستقبلية

شدد شين على ضرورة استخدام نتائجه كنقطة انطلاق لدراسات أخرى لضمان تحسين التخطيط للبنية التحتية وتحديد أكواد البناء بمناطق كجبال الأطلس الكبير، مؤكدًا أن الزلازل المرتبطة بالوشاح يمكن أن تمثل خطرًا كبيرًا.

كما يجب مراعاة مثل هذه الظواهر عند التخطيط لمشاريع جديدة ومراقبة الزلازل، ودعا إلى توسيع الشبكات الزلزالية وإدراج المزيد من البيانات الجيوديسية لتهيئة مناطق رصد الزلازل.

زلزال المغرب - منطقة أسيف نونزال تضم 34 قرية دمرت كلها تقريبا
زلزال المغرب – منطقة أسيف نونزال تضم 34 قرية دمرت كلها تقريبا (الجزيرة)
المصدر: الجزيرة



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.