ساعات قضاها أمام الشاشة.. كيف يمكنك حماية ابنك من الإشهارات؟

Photo of author

By العربية الآن


ساعات قضاها أمام الشاشة.. كيف يمكنك حماية ابنك من الإشهارات؟

1313972 1687449426
الشركات الإعلانية تستغل خصائص الأطفال النفسية مثل إبداعهم العالي (بيكسلز)
الأطفال يقضون فترات طويلة أمام أجهزة التابلت ومواقع التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو والهواتف الذكية، وخلال هذه الفترة تتلاعب بهم الإشهارات المتعددة التي يتم تقديمها من قبل المشاهير حول المشروبات الغازية والحبوب والوجبات السريعة والألعاب وأمور أخرى، وأثرها الكبير الذي يكاد يكون واضحا للوالدين يمتد في الحقيقة ليؤثر على مستقبلهم أيضاً، فكيف يمكن حماية الطفل من هذه الرسائل؟

خطورة الإشهارات على الأطفال

قبل وصول الطفل إلى سن الـ12 ينقصه القدرة على النظر النقدي، مما يجعله يُعتبر الإعلانات مصادر موثوقة لديه.

وفيما يخص الأطفال من الأعمار الصغيرة (تقريبًا 4 سنوات)، فغالبًا ما لا يدركون أن انقطاع البرنامج التلفزيوني لفترة إعلانية قد تم قطعه.

يُستغل الإعلانيون خصائص الأطفال النفسية مثل قدرتهم العالية على التخيل، مما يجعلهم يؤمنون بسهولة أن المنتج المحدد سيرفع من مستوى سعادتهم.

تتمتع هذه الاعتقادات بقوة إلى حد يجعل الأطفال أحيانًا يُقنعون آباءهم بأنهم سيكونون سعداء حقًا عند الحصول على تلك المنتجات.

p7869451 1685728776
قبل وصول الطفل إلى سن الـ12 ينقصه القدرة على التفكير النقدي مما يجعله يُعتبر الإعلانات مصادر موثوقة (بيكسلز)

وفي هذا السياق، نجد شخصًا يفهم تمامًا السمات النفسية للآخر ويعلم كيف يُشكل معتقداته، بينما الطفل (الآخر) لا يملك الأدوات الكافية لتحليل الرسالة الإعلانية إلا بالاعتقاد الكامل بها.

تُحرم الرسائل الدعائية الأطفال من أفضل سنوات طفولتهم وتُعلّمهم منذ الصغر أن ملء الحاجة العاطفية يتحقق من خلال استهلاك المزيد من المنتجات وتؤثر على عدة مفاهيم لديهم:

مفهوم السعادة

تُرسخ الإعلانات في عقول الأطفال مفهومًا للسعادة يعتمد على الاستهلاك والتخلص الفوري من الأشياء عندما لا تفي بالغرض.

حرمان الطفل من الخيال

يتمزج الأطفال في سن الثامنة تقريبًا بين الواقع والخيال، حيث يرون كل ما يعرض على الشاشة كحقيقة، فهم يعتقدون أن ارتداء الحذاء الرياضي المعلَن عنه سيجعلهم مشهورين، فتبدأ رحلة الخيال.

وعادة ما يتعين على الآباء توضيح الحقيقة لإزالة التأثيرات السلبية لهذه الإعلانات، ولكن هذا يحرم الطفل مبكرًا من الاستمتاع بعالم الخيال على الرغم من أهميته في تنمية نموه.

shutterstock 2166385605
يمزج الأطفال في سن الثامنة بين الخيال والواقع (شترستوك)

التسويق

يميل الأطفال لاكتساب الموافقة وتجنب الرفض والشعور بالوحدة من خلال اكتشاف ما يُتوقع منهم، وعندما يصدقون الرسائل الإعلانية ويأخذونها على أنها حقيقة، يتأقلمون بسرعة مع المفاهيم والمعايير الواردة في تلك الإعلانات، ومن بينها التسويق.

هوية الطفل

في هذا السن الصغير، حيث لا يزال تكوين تصوُّر الطفل عن الحياة وذاته في مرحلة التشكيل، تعزز الدعايات لديه فكرة ما “ينبغي” أن يملكه ليكون مقبولا اجتماعياً، يبدأ الطفل في ربط هويته بما يمكنه الحصول عليه واستهلاكه وينغمس في عالم الاستهلاك متعلما تعويض بعض احتياجاته العاطفية بالمنتجات والخدمات.

ثقل الجسم

يُعاني 35% من الأطفال في العالم من مشكلات ثقل الجسم، وتُعتبر الدعايات أحد العوامل التي تُساهم بدرجة كبيرة في زيادتها لدى الأطفال بسبب ما ترسخه لديهم من نزعات استهلاكية، خاصة أن كثيرًا منها تتعلق بالوجبات الغذائية غير الصحية الغنية بالسكر أو الملح أو الدهون.

blog-ثقل-الجسم
يُعاني 35% من الأطفال في العالم من مشكلات ثقل الجسم وتُسهم الدعايات في زيادتها بنسبة كبيرة (رويترز)

تحديات المراهقة

يواجه المراهقون تحديًا آخر يتعلق بالوزن المثالي، فالدعايات ذاتها تُساهم في الغالب في تشويه صورة الأشخاص الذين يُعانون من زيادة الوزن، وهكذا يرتبك الطفل بين إعلانات تشجع على تناول منتجات غير صحية تزيد الوزن وبين صورة مثالية تروّجها عن النحافة والوزن المثالي كمعيار للجمال والقبول الاجتماعي، فيصبح الطفل عرضة لاضطرابات الأكل.

الترويج للمنتجات.. جدل تشريعي أخلاقي

بناء على ما أورد موقع “غارديان”، ليس هناك مبرر أخلاقي لترويج أي منتج للصغار، وتوضح سوزان لين -وهي رئيسة جمعية من أجل طفولة خالية من الإعلانات التجارية- أن حتى الإشهارات التي تعلن عن تناول طعام صحي تعلم الأطفال اختيار الطعام بناء على تفضيلات الشهيرات بدلاً من الاعتماد على المعلومات الغذائية المدونة على العبوة.

في المقابل، يرون بعض الأشخاص أن فعالية الإشهار تعتمد على نوعية الإعلان، بينما تعتبر لين أن الإشهار ذاته يؤثر سلباً على الطفل لأنه يتحدث إلى مشاعره، مما يُرسخ لديه فكرة اتخاذ القرارات بناءً على مشاعره، وهذا يضعف التفكير النقدي لدى الصغار ويدفعهم للشراء العاطفي.

بينما يرى بعض الخبراء أن الإشهارات قد تكون وسيلة لتوعية الأطفال وتنمية التفكير النقدي لديهم، يؤكد المعارضون مثل لين أن الطفل بشكل عام غير قادر على فهم الهدف التجاري من الإعلانات حتى عند بلوغه سن الـ12، لذا ليس من المناسب التحدي عليهم في حماية أنفسهم من تأثيرات الإشهارات.

في بعض الدول، تُنظم محتويات الإشهارات والمنتجات المعلن عنها بموجب القوانين والتنظيمات، حيث تُخضع محتويات الإعلانات لمراقبة في بلدان مثل إنجلترا والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج وبلجيكا والنمسا وكندا. جمعية علم النفس الأمريكية (APA) توصي بتقييد الإشهارات الموجهة للأطفال دون سن الـ8.

وعلى الجانب الآخر، تمنع بعض الدول مثل السويد والنرويج توجيه أي إعلان للأطفال دون سن الـ12، حيث يُحظر في السويد عرض الإشهارات التلفزيونية المستهدفة الصغار الذين تقل أعمارهم عن 12 سنة قبل الساعة التاسعة مساءً، ويُمنع استخدام الأطفال أو الحيوانات الأليفة في أي حملة إعلانية بغض النظر عن الجمهور المستهدف، نظرًا لجذبهم انتباه الصغار بشكل كبير.

هذا الجدال المستمر يعكس التحديات الأخلاقية والقانونية المتعلقة بتسويق المنتجات للأطفال، ويسلط الضوء على الحاجة الدائمة لإعادة النظر وتحديث السياسات من أجل ضمان حماية الأجيال الصاعدة.

كيف يمكننا مواجهة ما يشاهده أطفالنا؟

في ظل عدم توفر مراقبة كاملة أو حظر لمحتوى مشاهدة الأطفال في جميع البلدان وفق القوانين والتنظيمات، يظل دور الوالدين حيويًا في هذا السياق.

يُنصح بأن يتحدث الوالدان مع أطفالهم حول ما يشاهدونه ومحاولة المشاركة معهم في تجربتهم التلفزيونية، إذ تعزز معرفة الوالدين من تدخلهم مع الأطفال في عالمهم وتعزز من إمكانياتهم في تعليمهم،تماشيا مع الإرشادات التي صدرت عن فريق استعراض إعلانات الأطفال الأمريكي (سي آر يو) بالتعاون مع اتحاد صناعة الألعاب (تي آي إيه).

4474032 1689390058
بعدما تقضون بعض الوقت مع فلذاتكم في المشاهدة، قوموا بتوجيههم لاختلافات بين المحتوى العادي والدعائي (بيكسلز)

 

  • بعد تخصيص جزء من وقتكم مع أطفالكم في المشاهدة، قوموا بتوجيههم لاستشعار الفروق بين المحتوى العادي والإعلاني، وتبادل الحديث معهم حول المنتج المستهدف في الإعلان، والإحساس الذي يثيره لديهم، والمعلومات التي يقدمها، والتقنيات المستخدمة من قبل المسوقين للاستفادة من انتباههم، مثل الألوان الزاهية.
  • تركوا طفلكم يشارككم في بعض قرارات الشراء التي تتخذونها ليتعلم كيفية التفكير بذكاء في هذا السياق.
  • شاركوا مخاوفكم حول استهلاك بعض المنتجات أو الإعلانات المُستهدفة للأطفال مع الآباء الآخرين في محيط الطفل (مثل المدرسة والأصدقاء).
  • تحفظوا تفاصيل تلك المبالغات التي يتم استخدامها في الترويج للمنتجات، مثل الادعاء بأن مشروب الشوكولاتة الساخنة سيحقق لهم سعادة غامرة.
  • في الإعلانات المتعلقة بالأطعمة تحديدا، تأتي القضية في صحة الطفل، لذا يُعتبر أمرا هاما مناقشة مدى صحة المنتج والنقاش حول العادات الغذائية التي يُظهرها الإعلان.
  • من أجل تنمية مهارات التفكير النقدي، طلبوا من طفلكم أن يقدم عرضا عن لعبة أو طعام يحبه، وتبادلوا الحديث حول طريقته في الدعاية وما إذا كان يستخدم حقائق أم مبالغات.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.