سجن صيدنايا: رسم خريطة “المسلخ البشري” للعائلة الأسد
تجمع المدنيين بحثاً عن أخبار ذويهم
بعد انهيار نظام الأسد يوم الأحد، تدفق المدنيون السوريون إلى سجن صيدنايا، وهو السجن الأكثر سرية وشهرة في البلاد، آملين في الحصول على أخبار عن ذويهم.
تاريخ السجن ووجوده
تأسس سجن صيدنايا في أوائل الثمانينيات في بلدة صغيرة تبعد حوالي 30 كم شمال العاصمة دمشق. لطالما احتجزت عائلة الأسد معارضي نظامها في هذا المكان لعدة عقود. اتهمت منظمات حقوق الإنسان السجن بأنه “مسلخ بشري”، حيث يُقال إن الآلاف قد تم احتجازهم وتعذيبهم وإعدامهم فيه منذ بداية الحرب الأهلية السورية في عام 2011. يعتبر تصميم السجن سراً حفيظاً، ولم تُلتقط أي صور من داخله حتى الآن.
معلومات عن تصميم السجن
تستند تفاصيل تصميم السجن إلى مقابلات مع حراس سابقين وسجناء. ومن خلال المعلومات التي قدمتها منظمات حقوقية ووزارة الخارجية الأمريكية، تم التعرف على مجموعة من الحقائق حول هذا المبنى الذي أصبح رمزاً لسلطة الأسدية القاسية والم oppressive.
المسلخ الواسع
لعدة عقود، كان سجن صيدنايا تحت إدارة الشرطة العسكرية السورية والمخابرات العسكرية، وبدأت أعمال البناء فيه في أوائل الثمانينيات. وصل أول السجناء إلى المنشأة التي تبلغ مساحتها 1.4 كيلومتر مربع في عام 1987، بعد 16 سنة من حكم الرئيس حافظ الأسد، والد بشار.
عندما بدأ السجن العمل بكامل طاقته، كان يحتوي على مرفقين رئيسيين للاحتجاز. بُني المبنى الأبيض، وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان، أساساً للاحتفاظ بالضباط العسكريين والجنود الذين يُشتبه في عدم ولائهم للنظام. كان عبارة عن مجمع على شكل حرف L في الجزء الجنوبي الشرقي من المجمع الشاسع.
أما المبنى الأحمر – وهو السجن الأساسي – فقد كان مخصصاً لمعارضي النظام، وتنوعت بدايته لتضم المشتبه في انتمائهم إلى جماعات إسلامية. كان هذا الجناح يتميز بشكله الفريد على شكل حرف Y، مع ثلاثة ممرات مستقيمة تمتد من مركز يشبه المحور.
وفقاً للمنظمات الحقوقية التي تحدثت مع سجناء سابقين، يمكن أن يتسع المبنيان لعشرة آلاف إلى عشرين ألف شخص. وقد أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها عبر الإنترنت منذ يوم الأحد – وتم التأكد من صحتها بواسطة BBC Verify – وجود غرفة مراقبة كبيرة في السجن مليئة بشاشات CCTV التي تعرض ما بدا أنه العديد من زنازين السجن.
تغيرات بعد الحرب الأهلية
أفادت تقارير منظمة العفو الدولية عام 2017، بحسب حراس سابقين في السجن، أنه بعد بدء الحرب الأهلية السورية في عام 2011، تم إخلاء المبنى الأبيض من السجناء الحاليين، واستُعد لاستقبال المحتجزين بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
أشار أحد الضباط السابقين إلى أن “صيدنايا أصبحت السجن السياسي الرئيسي في سوريا بعد عام 2011”. كما نقلت المنظمة عن شهادات سجناء سابقين تفيد بأن من كانوا محتجزين في المبنى الأحمر تعرضوا لأساليب تعذيب مختلفة، بما في ذلك الضرب الشديد، والاغتصاب، وحرمانهم من الطعام والدواء.
تحت المبنى الأبيض، وُجد ما وصفه المتحدثون مع منظمة العفو الدولية بـ”غرفة الإعدام”، حيث كان يتم نقل المحتجزين من المبنى الأحمر للإعدام.### تفاصيل مرعبة عن سجن صيدنايا السوري
وصلت المعلومات عن أساليب التعذيب والقتل في سجن صيدنايا، المعروف باسم “البناء الأحمر”، والتي تستند إلى شهادات سجناء سابقين ونشاطات منظمة العفو الدولية.
نقل المحتجزين وتنفيذ الإعدامات
وفقاً لشهادات السجناء، كان يتم نقل المحتجزين من البناء الأحمر ليلاً، عادةً بين منتصف الليل والثالثة صباحًا. ثم كان يتم تكبيل أعينهم ونقلهم إلى “غرفة الإعدام” في القسم الجنوبي الشرقي من المبنى الأبيض، حيث كانوا يُرغمون على الوقوف على منصة مرتفعة مترا واحدة تحتوي على عشرة حبال مشنقة.
بحسب ما ذكرته منظمة العفو الدولية، تم توسيع الغرفة في عام 2012 بإضافة منصة ثانية تحتوي على عشرين حبلًا آخر. وفي مقاطع الفيديو التي نشرها الإعلام المرتبط بالثوار بعد سقوط النظام، أظهر المقاتلون عشرات الأحبال التي تم العثور عليها في غرف مختلفة داخل السجن.
أرقام مرعبة للمحتجزين
تقدر منظمات حقوق الإنسان أن أكثر من 30,000 سجين تم إعدامهم أو توفوا نتيجة التعذيب أو نقص الرعاية الطبية أو الجوع بين عامي 2011 و2018. وقد أبلغت جمعية المفقودين والمعتقلين في سجن صيدنايا (AMDSP) في 2022 أن أكثر من 500 سجين آخرين تم إعدامهم بين 2018 و2021.
أدلة على وقوع جرائم قتل جماعي
في عام 2017، زعم وزارة الخارجية الأمريكية أن السلطات قد بنَت محرقة محتملة للتخلص من جثث السجناء الذين تم قتلهم. وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية التي حصل عليها المحققون الأمريكيون بناءً صغيرًا حول السجن، والذي تم تحويله لمحرقة.
صرح متحدث باسم وزارة الخارجية في ذلك الوقت أن هذا المنشأة كانت جزءًا من “جهود لتغطية حجم جرائم القتل الجماعي التي تجري في سجن صيدنايا”. حيث أضاف المسؤولون أن تساقط الثلوج على سطح المبنى دعمت مزاعمهم بأن نحو 50 سجينًا كان يُعدمون يوميًا هناك.
تأمين مشدد حول السجن
على مر تاريخها، كانت المنشأة محاطة بحراسة مشددة، مع تحصينات تحيط بالأراضي. وكان السجن تحت حراسة كتيبة مكونة من 200 جندي من الجيش، بالإضافة إلى 250 جندي من الاستخبارات العسكرية والشرطة العسكرية.
اختير أفراد من الفرقة 21 من الجيش لحماية السجن بسبب ولائهم القوي للنظام. منذ سقوط نظام الأسد، تم تشجيع المدنيين على تجنب الاقتراب من محيط السجن، حيث أن المنظمات الحقوقية قد أفادت بأن المنطقة المحيطة بالسجن مليئة بالألغام.
استجابة النظام للاتهامات
لطالما أنكرت حكومة الأسد الاتهامات الموجهة إليها من قبل المنظمات الدولية، ووصفتها بأنها “لا أساس لها” و”خالية من الحقيقة”. ومع ذلك، تشير منظمة العفو الدولية إلى أن العائلات التي تشتبه في احتجاز ذويهم في صيدنايا تأمل أن يوفر سقوط النظام إمكانية لاكتشاف مصير أحبائهم المفقودين، في بعض الحالات بعد عقود من الزمان.