سحابة الحرب.. كيف تورطت غوغل وأمازون عسكرياً في الحرب على غزة؟
في مايو/أيار الماضي، قام حوالي 200 موظف في مختبر “ديب مايند”، التابع لشركة غوغل، بالتوقيع على خطاب يطالب بإلغاء عقود الشركة مع المؤسسات العسكرية. وأثارت المخاوف المتزايدة في قسم الذكاء الاصطناعي قلق الموظفين حول بيع تقنياتهم للجيوش المشاركة في النزاعات حول العالم، معتبرين ذلك انتهاكاً لقواعد الذكاء الاصطناعي التي تتبناها غوغل.
يُعبر هذا الخطاب عن تصاعد التوتر بين موظفي قسم الذكاء الاصطناعي، الذين يرفضون تطوير تقنيات عسكرية، وبين قسم الأعمال السحابية الذي يبيع خدمات غوغل بما في ذلك الذكاء الاصطناعي للجيش الإسرائيلي من خلال “مشروع نيمبوس”.
مشروع نيمبوس
في أبريل/نيسان، اقتحمت الشرطة مكاتب غوغل في نيويورك وكاليفورنيا لاحتجاز موظفين متظاهرين ضد عقد للخدمات السحابية مع الحكومة الإسرائيلية بقيمة 1.2 مليار دولار تحت اسم “مشروع نيمبوس”.
لاقى هذا العقد، والذي تم بالتعاون مع أمازون، معارضة شديدة من قبل موظفي الشركتين منذ عام 2021، ومع تفاقم الصراع في غزة، تزايدت الاحتجاجات. ونشأت المخاوف من استخدام التقنيات في قمع الفلسطينيين.
وتأكيداً لذلك، يعتبر الموظفون الحاليون والسابقون في غوغل وأمازون أن مشروع نيمبوس يجعل الشركتين متواطئتين مع إسرائيل في هجماتها على غزة وأعمالها تجاه المدنيين الفلسطينيين.
ورغم ذلك، أكدت غوغل أن المشروع لا يستهدف الأنشطة العسكرية، وصرحت أنه “لا علاقة له بالأسلحة أو الخدمات الاستخباراتية”، بينما لم تتناول أمازون تفاصيل المشروع بشكل علني.
ومع ذلك، تشير الأدلة التي أبلغت بها التقارير الصحفية المختلفة إلى خلاف ذلك.
سحابة الحرب
وفقاً لتقرير “وايرد”، يظهر أن الجيش الإسرائيلي كان له دور محوري في مشروع نيمبوس منذ البداية، حيث ساهم في تصميم المشروع ويعتبر من بين أبرز مستخدميه. وزعم مسؤولون إسرائيليون أن مشروع نيمبوس ينشئ بنية تحتية حيوية للجيش الإسرائيلي.
وفي مؤتمر يتعلق بمشروع نيمبوس في فبراير/شباط، أكد غابي بورتنوي، رئيس هيئة السايبر الإسرائيلية، أن “العقد ساهم في الرد العسكري الإسرائيلي على حركة حماس”، مضيفًا أن التطورات الميدانية قد تحققت بفضل السحابة العامة الخاصة بالمشروع.
هذا التصريح يتناقض مع تأكيدات غوغل التي تسعى لتقليل أهمية التورط العسكري المحتمل للمشروع، حيث ذكرت آنا كوالتشيك المتحدثة باسم غوغل أن العقد مخصص لأغراض تجارية وليس لأنشطة عسكرية حساسة.
ووفقاً لتقرير “وايرد”، يظل غامضًا كيف يندرج دعم المشروع للعمليات العسكرية الخاصة بجيش الاحتلال الإسرائيلي تحت الشروط المعلنة للخدمة.
تعميق الشراكة
يتماشى تصريح بورتنوي مع تقارير سابقة حول الروابط العسكرية لعقد نيمبوس. ففي أبريل/نيسان، كشفت وثيقة أن غوغل تقدم خدمات الحوسبة السحابية لوزارة الدفاع الإسرائيلية، مع مفاوضات لتوسيع الشراكة خلال الصراع على غزة، بحسب تقارير.
تشير الوثيقة إلى أن وزارة الدفاع الإسرائيلية تملك ما يُعرف بـ “منطقة هبوط” خاصة بها في خدمات غوغل السحابية، مما يتيح لها تخزين ومعالجة البيانات والوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي.
كما طلبت الوزارة المساعدة من غوغل لتعزيز الوصول إلى خدماتها، مما يُظهر التزام الشركتين بالعمل مع الجهات العسكرية.
تشير التقارير إلى أن جهاز الأمن الإسرائيلي جزء لا يتجزأ من مشروع نيمبوس. وفي منشور على لينكدن، ذكر قائد فريق شؤون الدفاع في أمازون أن المؤتمر شهد حضور مجموعة أمنية واسعة من إسرائيل.
تطبيقات عسكرية
في أبريل/نيسان عام 2021، وقعت إسرائيل اتفاقًا مع غوغل وأمازون لبناء مراكز بيانات إقليمية، بقيمة تقديرية 1.2 مليار دولار، لضمان استمرار الخدمة تحت أي ضغط دولي.
لكن “مشروع نيمبوس” كان يتجاوز مجرد هياكل بيانات، حيث أشارت التقارير إلى أنه يوفر لإسرائيل مجموعة من أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لجيش الاحتلال.
توضح الوثائق التدريبية الخاصة بالمشروع مزايا خدمات غوغل السحابية المقدمة للجيش، مما يمنحهم القدرة على التعرف على الوجوه وتحليل المشاعر.
شركات الأسلحة الإسرائيلية
كما كشف تقرير آخر أن مشروع نيمبوس يلزم مصنعي الأسلحة الإسرائيليين مثل “الصناعات الجوية الإسرائيلية” و”رافائيل” باستعمال خدمات غوغل وأمازون.
وفقًا لوثيقة الشراء، يُشترط على الشركات المملوكة للدولة التعامل مع الشركتين في تلبية احتياجاتها.
هذه الوثائق تحدد كيفية شراء القوات الإسرائيلية لخدمات السحاب من غوغل وأمازون، مع تحديث دوري لها. بينما تشير التقارير إلى تقدم “رافائيل” في نقل احتياجاتها السحابية إلى أمازون دون مزيد من التفاصيل.
مع هذه الروابط بين شركتي التكنولوجيا الكبرى وشركات الأسلحة الإسرائيلية، يصبح مشروع نيمبوس مرتبطًا بشكل وثيق بممارسات انتهاك حقوق الإنسان في غزة، مما يجعل غوغل وأمازون جزءاً من الصراع العسكري.
رابط المصدر