“سفر الاسترخاء” الوجهة المفضلة لأولئك الباحثين عن الراحة
في بداية عام 2020 فتح فندق “زدويل” (Zedwell) في لندن، ولم يكن الافتتاح فقط مناسبة عادية، خاصةً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار وجود العديد من الفنادق في قلب العاصمة لندن، إلا أن هذا الفندق كان استثنائيًا. إذ كان أول فندق في لندن يركز تمامًا على “النوم”. حيث كانت تجربة النوم المريحة والفريدة هي كل ما وعد به ضيوفه وزواره.
تضم الغرف في هذا الفندق عازلًا صوتيًا مبتكرًا، بدون نوافذ حتى لا يخترق الضوء سلامة نومك، فتسترخي وكأنك في بيئة هادئة تمامًا. ورغم ذلك، لا تملأ الغرف الظلام، بل تم تصميم أضواء لطيفة بألوان هادئة ومريحة لتساعد على تهدئة العقل والاسترخاء، بالإضافة إلى رائحة الحمضيات والزهور التي تنبعث في الأجواء لتعزز الهدوء.
هل يبدو من الغريب أن تقدم الفنادق كل هذه الميزات من أجل جعلك تنام؟ ربما لن يكون كذلك، خاصةً إذا عرفت أن هناك العديد من الأشخاص الذين يختارون زيارة بعض الدول والفنادق والمنتجعات فقط من أجل الهوس بالنوم، فيما يُعرف بـ “سياحة النوم”.
“السفر لأجل الراحة في النوم”.
النوم هدف السفر فقط!
النوم خلال السفر يُعتبر الهدف الأسمى، حيث يُركّز السائح في هذه الحالة على اختيار مكان يُوفّر جميع وسائل الراحة لتعزيز تجربة النوم وقضاء عطلة مريحة.
أوضحت الأبحاث أن مُشكلات النوم أصبحت عاملاً مهمًا يُهدد صحة ونوعية حياة ما يصل إلى 45% من سُكان العالم. وأشارت الدراسات إلى أن هناك نسبة تقدر بحوالي 35% من الأشخاص يُعانون من قلة نوم جيد، ويسعون لتحسين إيقاعات نومهم من خلال السفر للعثور على بيئة تُسهم في تحقيق ذلك، حيث يَسعَون للحصول على تجربة نوم مُريحة، كما لو كانوا يبحثون عن حل لمَشكلة صحية تُزعجهم.
الطلب المتنامي على الراحة في النوم
تبيّن تقرير منتشر على موقع “سي إن إن” في أكتوبر 2022 أن الطلب على الراحة النوم قد زاد بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت نسبة الإقامات التي تركز على تجربة النوم في الفنادق والمنتجعات حول العالم بصورة مستمرة. كما أشار التقرير إلى أن اهتمام الناس بالسفر لغرض تحسين تجربة النوم قد ازداد بشكل كبير بعد تفشي وباء كوفيد-19.
أظهرت دراسة نُشرت في عام 2021 في مجلة طب النوم السريري أنّ 40% من أكثر من 2500 شخص بالغ شملتهم الدراسة أبلغوا عن انخفاض جودة نومهم منذ انتشار الوباء، مما دفع العديد من الفنادق والمنتجعات السياحية إلى توجيه اهتمامهم نحو تحسين تجربة النوم للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم.
بحسب ريبيكا روبينز، الباحثة في مجال النوم والتي شاركت في كتاب “النوم من أجل النجاح” لقناة (سي إن إن)، كانت صناعة الفنادق تركز في السابق على جوانب تُعوِّق بشكل فعّال جودة النوم، بما في ذلك ملء برنامج الرحلة للمسافرين بالأنشطة منذ الصباح الباكر حتى الليل، بينما يحجز المسافرون الفنادق ببساطة للحصول على “مكان للنوم”.
وأضافت روبينز أن الفنادق كانت تولي اهتمامًا خاصًا لتقديم وجبات شهية وجذابة، وأماكن جذب سياحي، وأنشطة يُفضلها المسافرون أثناء السفر، على حساب النوم. وأكدت روبينز أنه بعد جائحة كوفيد-19، زاد الاهتمام بالنوم، نظرًا لمعاناة الكثير من الأشخاص من الأرق وصعوبة الحصول على نوم جيد.
أوضحت مجلة “فورتشن” أن الفنادق تجاوبت مع زيادة عدد المسافرين الذين يركزون فقط على النوم من خلال تحسين خدمات النوم، وتعيين خبراء في مجال النوم. وأضافت أن سوق السياحة النوم من المقرر أن تنمو بنسبة تقريبية 8% وتصل إلى أكثر من 400 مليار دولار بين عامي 2023 و2028، وفقًا لتحليل أجرته HTF Market Intelligence. وذكر موقع يورو نيوز أن “سياحة النوم” أصبحت شائعة خصوصًا خلال عام 2023، حيث يركز المسافرون بشكل متزايد على الحصول على نوم جيد خلال إجازاتهم.
البحث عن طرق ابتكارية لتعزيز النوم
بعد عامٍ من افتتاح “زدويل”، ظهرت في عام 2021 عروض جديدة من الفنادق تنصب على تحسين النوم، حيث فتح فندق بارك حياة نيويورك جناحًا خاصًا يُدعى “جناح برايت للنوم المرمم” (Bryte Restorative Sleep Suite)، مساحته 900 قدم مربعة، مع التركيز الأساسي على توفير وسائل الراحة التي تعزز النوم. وتبع ذلك في نفس العام تقديم فنادق وأجنحة أُخرى خدمات مشابهة، ولكن بأساليب متنوعة، بما في ذلك تقديم أنواع معينة من الشاي للإسترخاء قبل النوم، والاهتمام بجودة الوسائد، وعزل الصوت بطرق مُبتكرة.
وقدم فندق “بليس أوتيل مدريد”، الذي يحمل خمس نجوم ويقع في موقع ساحر بالعاصمة مدريد، تجربة “هوغو بيد ويلنس” (HOGO Bed Wellness) لنزلائه، والتي يدعى أنها تمثّل بحلم علمي لـ “تجديد” الجسم أثناء النوم واستعادة حيويته. المرتبة مصنوعة من شبكة فضية وغرافيت، وتحمل براءة اختراع للحماية من التلوث الكهرومغناطيسي وتحسين جودة النوم. يُقال أن هذا التصميم يعزز الجهاز المناعي ويزيد من نسبة الميلاتونين في الجسم، والميلاتونين يُعتبر الهرمون المسؤول عن عملية النوم.
<مصدر-المقال>المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونيةمصدر-المقال>