تحركات السفن الروسية من قاعدة سوريا وسط شكوك حول المستقبل
تظهر صور الأقمار الصناعية التي راجعتها بي بي سي أن السفن البحرية الروسية قد تركت مؤقتاً ميناءها الرئيسي في سوريا بسبب استمرار عدم اليقين حول مستقبل موسكو العسكري في البلاد بعد سقوط حليفها بشار الأسد.
مغادرة السفن وتواجدها في البحر المتوسط
التقطت صور بواسطة شركة “ماكسار” في 10 ديسمبر الجاري، تُظهر أن بعض السفن قد غادرت قاعدة طرطوس البحرية منذ الأحد وحتى الآن ترسو قبالة سواحل البحر الأبيض المتوسط. وفي نفس اليوم، أظهرت صور أخرى استمرار النشاط في قاعدة حميميم الجوية، حيث كانت الطائرات مرئية على المدرج.
تصريحات الكرملين بشأن الوجود العسكري
قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف يوم الاثنين إن موسكو ستدخل في مفاوضات مع السلطات الجديدة بشأن الوجود العسكري الروسي مستقبلاً. وأوضح أن “كل ما هو ممكن يُبذل حالياً من أجل التواصل مع المعنيين بإنفاذ الأمن، وبالتأكيد، يتخذ جيشنا جميع الاحتياطات اللازمة”.
وقد حذر بيسكوف سابقاً من أنه “من المبكر البحث في مستقبل القواعد”. وأكد على أهمية ضمان سلامة وأمن مرافق روسيا في سوريا، مشيراً إلى ضرورة الحفاظ على الاتصالات مع من يسيطر على الوضع حالياً في البلاد.
قاعدة طرطوس البحرية
تحتوي قاعدة طرطوس البحرية على عناصر من أسطول البحر الأسود، وهي المركز الوحيد لصيانة وتوريد السفن الروسية في البحر المتوسط. تأسست من قبل الاتحاد السوفيتي في السبعينات، وتم توسيعها وتحديثها من قبل روسيا في عام 2012 كجزء من دعم الكرملين للرئيس الأسد. حيث توفر القاعدة للسفن الروسية إمكانية البقاء في البحر المتوسط دون الحاجة للعودة إلى موانئ البحر الأسود عبر المضائق التركية.
وضع السفن الروسية ومخاوف من هجمات محتملة
تشير الصور الجديدة إلى أن موسكو قد أخرجت سفنها من الميناء بشكل مؤقت، مع رسو فرقاطتين مزودتين بصواريخ موجهة على بعد حوالي 13 كم من ساحل سوريا. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت مغادرتها جزءاً من انسحاب دائم من طرطوس، حيث تم رصد حركة السفن في الآونة الأخيرة بشكل متكرر.
وأضاف مايك بلانكيت، من مجموعة “جانيس” لتحليل المعلومات الدفاعية، أن تحركات السفن الروسية قد تمت “لضمان عدم تعرضها لهجوم”. ويعكس هذا القلق من الهجمات المحتملة من المتمردين السوريين أو الأضرار الجانبية الناجمة عن أي ضربات إسرائيلية تستهدف الأصول السورية في طرطوس.
انتظار القرار الروسي
قال فريدريك فان لوكيرين، قائد سابق في البحرية البلجيكية والمحلل، إن السفن الروسية تبدو حالياً في وضع انتظار بينما يناقش الكرملين خطواته التالية. وأوضح أنه “من الواضح أنهم لا يعرفون ماذا سيحدث”، ويبدو أن روسيا ليست مستعدة بعد لسحب جميع سفنها من المنطقة، مما قد يشير إلى أنها تتفاوض مع الشركاء الإقليميين لتحديد مواقع إعادة توزيع هذه السفن.### التوترات الروسية في الشرق الأوسط
تعتبر قاعدة حميميم الجوية في سوريا جزءًا أساسيًا من العمليات الروسية في مناطق الشرق الأوسط وإفريقيا. وقد تم استخدام هذه القاعدة لإطلاق ضربات جوية مدمرة على المدن السورية دعماً لنظام الأسد، بالإضافة إلى نقل مقاولين عسكريين إلى إفريقيا.
الاستعدادات للانسحاب
حسب المعلومات، لا توجد مؤشرات حالياً على أن روسيا تسعى لإخلاء قاعدة طرطوس الساحلية، وذلك على الرغم من أن التخلي عنها سيكون مكلفاً للغاية. ومن الواضح أنه لن يتم نقل الأصول البحرية الروسية اللازمة لذلك في الوقت الراهن. وقد أشار محللون إلى أن نقل طائرات روسية جديدة إلى الموانئ القريبة من قواعد الناتو قد يسهل عملية مراقبتها.
استمرار العمليات العسكرية
بينما تظهر القوات الروسية نوعاً من الثبات، فإن انهيار نظام الأسد سيكون ضربة قاصمة لطموحات الكرملين في المنطقة. خلال زيارة إلى قاعدة حميميم الجوية في عام 2017، أوضح الرئيس فلاديمير بوتين أن وجود روسيا هناك يعد مشروعاً طويل الأمد. ومن الجدير بالذكر أن القاعدة كانت قد استُخدمت في السابق لإطلاق نحو 300 طلعة جوية خلال فترة قصيرة.
تحذيرات من الوضع الراهن
في تحليل له، حذر مدون عسكري مقرب من الكرملين عبر قناة تلجرام من أن قوة روسيا العسكرية في المنطقة تتعرض لخطر كبير، مشيراً إلى أن وجود روسيا في الشرق الأوسط “يكتنفه الخطر”.
تطورات مستقبلية
أشار المعلقون إلى أنه في حال حدوث عملية إجلاء كبيرة، سيحتاج الأمر إلى طائرات أكثر مما هو متاح حالياً، مما يعني أن موسكو لا تخطط لتنفيذ انسحاب سريع.
تستمر الأحداث في التطور بينما يبقى الغموض يخيم على مستقبل الوجود الروسي في الشرق الأوسط.