سوق الغزل.. رحلة عبر الزمن ومزيج من التراث والتجارة في قلب بغداد
يعتبر سوق الغزل وجهة ذات أهمية كبيرة في بغداد، فهو ليس مجرد سوق تقليدي للبيع والشراء، بل يعكس تاريخًا عريقًا وجزءًا حيويًا من الاقتصاد الشعبي.
تاريخ السوق يعود إلى العصر العباسي، ومنذ عهد الخليفة المستنصر بالله، حيث أقيم في الجزء الشرقي من بغداد (الرصافة) وتم ربطه بجانب الكرخ عبر جسر متحرك من القوارب.
نشأ السوق حول مسجد عباسي يُعرف بـ”جامع الخلفاء”، والذي كانت منارته تعتبر الأطول في بغداد وقتها.
على مر العصور، حافظ السوق على حيويته كمكان لتبادل السلع بين التجار والزبائن، إذ بدأ كسوق للغزل والصوف ثم تحول تدريجيًا إلى سوق لبيع الحيوانات والطيور، ليصبح اليوم مركزًا لجذب المهتمين بالتراث والتاريخ.
زوار من مختلف البلدان
أشار حسين الحسيني، صاحب أحد محلات بيع الحيوانات، إلى أهمية الحفاظ على التراث التاريخي للسوق، مطالبًا الجهات المختصة بالاهتمام بتطويره وتحسين مظهره.
في حديثه لـ”الجزيرة نت”، أكد الحسيني أن سوق الغزل هو من أقدم الأسواق في بغداد، ويشتهر بتجارة السجاد والأصواف.
وأوضح أنه في كل يوم جمعة، تشهد السوق إقبالاً كبيرًا من مختلف المحافظات العراقية وأيضًا من دول مثل الصين وقطر، حيث يتم بيع وشراء أنواع مختلفة من الحيوانات الأليفة والنادرة.
تحول السوق من الغزل إلى بيع الحيوانات
مع مرور الزمن، تحول سوق الغزل من كونه مركزًا لصناعة السجاد والمواد الصوفية إلى وجهة لبيع الحيوانات، مما يعكس تغيّر اهتمامات السكان وزوار السوق.
سوق الغزل: وجهة تراثية حية
قال محمد علي، صاحب أحد محلات بيع الحيوانات في سوق الغزل، إن السوق تأسس في زمن الدولة العباسية. وقد شهد السوق تطورا عمرانيا ملحوظا عبر بناء المحلات والمرافق منذ العهد الملكي.
أوضح علي، في حديثه لموقع “الجزيرة نت”، أن السوق يحتوي على جميع أنواع الحيوانات والطيور، بما في ذلك الطيور المهاجرة والصقور والشاهين، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الأفاعي مثل العربيد والأرقم الصحراوي والبترا الزراعية، التي تتواجد بشكل نادر فقط في سوق الغزل.
أكد علي ضرورة توسعة مساحة السوق للحفاظ على هويته وشعبيته، حيث يعاني السوق من اكتظاظ شديد ويجذب زوارًا من جميع المحافظات العراقية وحتى من دول الخليج.
يأمل الحسيني وعلي وغيرهم من تجار السوق أن تولي الجهات المعنية اهتماماً أكبر لتوسعته وتنظيمه من أجل حماية تراثه الثقافي والتاريخي.
رحلة عبر الزمن
قال المواطن علي حاتم، خلال حديثه لموقع “الجزيرة نت”: “سوق الغزل يمثل رحلة عبر الزمن، حيث يمكن لزوار السوق الاستمتاع بأجواء تراثية أصيلة، وشراء منتجات يدوية، وتجربة الأكلات الشعبية. ليست مجرد سوق، بل هو متحف حي يروي قصة بغداد العتيقة”.
من جانبه، أكد الإعلامي برزان ملامين، وهو من سكان محافظة أخرى، أن السوق جميل وله طابع خاص، مشيرًا إلى أن الجو التراثي الموجود في السوق لا يمكن أن تجده في أي مكان آخر، حيث يمكن للزوار إحساس روح بغداد القديمة وتجربة الأكلات الشعبية الفريدة.
ومع ذلك، لا تخلو تجربة السوق من التحديات، حيث أشار ملامين إلى أن موقع السوق في قلب المدينة يتسبب في بعض الإزعاج بسبب الزحام والروائح. واقترح نقل السوق إلى موقع أكثر اتساعًا في أطراف العاصمة بهدف الحفاظ على رونقه التراثي وتحسين التجربة العامة للزوار.